الخرطوم- صوت الهامش
قدمت قوى الحرية والتغيير، قائمة تضم (65) مرشح ومرشحة، لتولي (14) وزارة، و(5) مجالس وزارية متخصصة، وبحسب الجدول كان من المنتظر ان يشكل رئيس الوزراء حكومته، في الـ (28) من الشهر الحالي، غير انه ارجئ ذلك الي (48) ساعة القادمة، والسبب بحسب معلومات ان هنالك خلافات بين احزاب قوى الحرية والتغيير، بجانب انتقادات لها بتوزيع المناصب الوزارية بالمحاصصة، وفضلا عن كشف صلة بعض الأسماء المرشحة بالنظام البائد.
وانتقد ناشطون في وسائل التواصل الاجتماعي، قوى الحرية والتغيير، بسبب ما قالوه عدم التزامها بما وعدت به هو «عدم مشاركتها في السلطة التنفيذية، وكذلك في مجلس السيادة» واحتج بعضهم بان بعض المناطق المهمشة لم يتم ترشيح ممثلين عنها في هذه القائمة المقدمة الى رئيس الوزراء.
في ظل هذه المحاصصة، ونكوص قوى الحرية والتغيير، بوعدها القاضي بعدم مشاركتها في مجلس السيادة، والسلطة التنفيذية هل تضع تلك متاريس وعوائق امام الحكومة بوضع حلول لمشكلات السودان المتراكمة والمعقدة، وبالتالي إعاقة بناء دولة ديمقراطية مرة أخرى؟
سنوات التهميش
وقال مبارك اردول، الناطق الرسمي السابق للحركة الشعبية لتحرير السودان قيادة عقار لـ (صوت الهامش) يجب ألا يفوت على الدكتور حمدوك، هذا المعيار بالإضافة للكفاءات والمؤهلات التي قال انه سيعتمدها، فتشكيل الوزارة بشكل مختل بحجة البحث عن عناصر مؤهلة وكفاءات وحدها وغض الطرف عن التمثيل العادل لكل أقاليم البلاد ستعتبر وصمة تذكرنا عهد السودنة في الخميسينيات عند خروج المستعمر كذلك سنوات التهميش، وابعاد الاخرين، من مراكز صنع القرار في البلاد، وبالتالي ادارة وتوزيع الموارد الاقتصادية فيه؛ مما تتسبب في الأحوال والحروب التي يعيشها السودان.
وأبدى اردول استغرابه، لما قاله خلو قائمة المرشحين للوزارات والمجالس التي تضم أكثر من(60) مرشحا، من مرشحين من ولاية جنوب كردفان، وتابع قائلا: اتفهم خلافات الجبهة الثورية، قد تسبب في خلق فراغا حرم تقديم مرشحين من تلك المناطق، وتساءل قائلا: كيف فات على المكونات الاخرى لقوى الحرية والتغيير اعتبار التنوع السوداني واحترامه؟
مراعاة التمثيل
وشدد اردول على إن حق المشاركة في الحكم، حق إنساني وملزم، يجب ألا يحرم منه مواطنين واقاليم بعينها حتى ولو قلت كفاءاتهم .
وأردف ” أتذكر عندما كنا ضمن طاقم التفاوض للحرية والتغيير، مع المجلس العسكري، قد وضعنا معيار التفضيل الايجابي او الاجراءات التفضيلية (affirmative action) لمناطق الحروب، والمناطق الاكثر تخلفا، فيجب ان يطلع على هذا النص الفريق الذي يعمل على فحص هذه الاسماء، ويجب يرجع السيد رئيس الوزراء، القائمة الي الحرية والتغيير، ويطلب منهم مرعاة التمثيل الجغرافي، لقوائم مرشيحها التي قدمتها.
ونبه اردول، رئيس الوزراء عبد الله حمدوك وطاقمه بفحص الاسماء المرشحة للوزارات والمجلس الوزارية، وأردف ان الخلل في الأسماء المرشحة، يتمثل في غياب التمثيل الجغرافي، لكل اقاليم السودان، وأن القائمة تكاد تمثل مناطق معينة في السودان، واعتبر ذلك تكرر لما وصفه بـ «الخلل البنيوي» نفسه في شكل الدولة السودانية منذ الاستقلال، موضحا ان الثورة في السودان لم تقم بهدف إعادة تكرار الأخطاء السابقة .
التلاعب بالمبادئ
بينما قال الناشط السياسي ورئيس طلاب دارفور في روسيا سابقا، محمود عمر لـ (صوت الهامش) حتى الآن، لم تتم عملية الموافقة على الوزارة من قبل رئيس الوزراء وأعتقد أن التأخير، كان بسبب عدم كفاءة هؤلاء المرشحين الذين رشحهم إعلان الحرية والتغيير.
وزاد عمر، اعتقد أن الترشيح كان فيه نوعاً من المحاصصة والتلاعب بمبادئ الثورة السودانية، والجدير بالذكر ان دكتور حمدوك، صرح بوضوح، أنه إذا لم يكن المرشحين مؤهلين لشغل المناصب الإدارية؛ فإنه سوف يرفض القائمة .
ومضى قائلا: لذلك فإن مستقبل الحكومة الانتقالية، هو في أيدي رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك، إما الاستجابة لمطالب الشعب المشروعة، للعبور إلى بر الأمان أو الخضوع للأحزاب السياسية، وهذا بالتأكيد يؤدي إلى الفشل ويعيق عملية التحول الديمقراطي.
تمثيل الهامش
وفيما يتصل بتمثيل المناطق المهمشة في السلطة التنفيذية، يرى عمر، إنها مثلت في مجلس السيادة بالتوازي مع باقي المناطق، ومستشهدا بعضو المجلس السيادة محمد حسن التعايشي من إقليم دارفور، وصديق تاور من إقليم جبال النوبة .
وتابع: وأيضًا في مجلس الوزراء هناك مرشحون من الهامش، ولكن لم تتم تسويتهم بعد في هذا الأمر، والشيء الأكثر أهمية ليس من يمثل أو من يحكم، لكن الأهم هو كيفية حكم السودان بعد الثورة المجيدة، التي قامت من أجل الحرية والديمقراطية، وليس على التمثيل والتعيين، يجب ترك هذا للشعب بعد الفترة الانتقالية.
احتواء الثورة
ومن جهته قال الكاتب والباحث، الدكتور الوليد ادم مادبو لـ (صوت الهامش) في حديث مقتضب، الحكومة ستفضح قوى اعلان الحرية والتغيير، كما فضحتها عملية فض اعتصام المحتجين امام القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم في الثالث من يوليو .
وأضاف مادبو، ان قوى الحرية والتغيير، تسعى لاحتواء الثورة وافراغها تدريجيا من محتواها الروحي والفكري.
نتائج كارثية
وقالت الدكتورة نهلة جعفر، في صفحتها بـ (الفيس بوك) بالرغم تنبيهات ومطالب الثوار بالشفافية، والتواصل مع قيادات الحرية والتغيير، ومطالبتهم بمعرفة وسائل وطرق ومعايير الاختيار للمرشحين، إلا ان كل مطالب الثوار، لم تجد أي اهتمام او مراعاته، الأمر الذي قد ينعكس بنتائج كارثية فيما يخص بتوافق وتماسك الثوار، حول القيادات السياسية لقوى الحرية والتغيير في الوقت الراهن.
الشفافية والوضوح
وأضافت نهلة اتضح إن بعض الشخصيات اعتذرت، وأعلمت الجهة التي تواصلت معها بالاعتذار وعدم القبول ورغم ذلك تم نشر اسمائهم ضمن القوائم، وايضا ان هنالك فحص تم باجتهاد من بعض الثوار، وبكامل الشفافية ان ضمن المرشحين لهم علاقة بالنظام السابق، وشغلوا مناصب في عهده.
وان نسبه المرشحات من النساء اختصرت فقط على وزارات ذات نمط محدد فلم يسمح لهن بالتمثيل في كل الوزرات، وبينما طلب الثوار من لجان الترشيح وقوي الحرية والتغيير، بالشفافية والوضوح في عملية اختيار المرشحين، وتابعت تم تسريب المرشحين واعتذر أحد قيادات قوى الحرية والتغيير، بالخطأ الذي اعتذر عنه على صفحته بالفاسبوك جماهيريا، وعلما بان الأسماء نفسها التي تسربت، نُشرت على الصفحة الرسمية لقوي الحرية والتغيير.
وشككت نهلة في ان بعض الشخصيات التي رشحت، لا تتناسب مع شهاداتهم وخبرتهم، مما يدل على ان الترشيحات، لم تمر عبر لجان تخصصيه ومهنيه، تستخدم المعايير المطلوبة لكل منصب، بل اختصرت على المحاصصة الحزبية والعلاقات الاجتماعية.
ولفتت أن ترشيح عضو اللجنة القانونية اثار جدلا واسعا نسبه لكثره الأخطاء والعيوب التي صاحبت الوثيقة الدستورية، على الرغم من التنبيه المتواصل القانونيين، للتعديل والتصحيح، وبدلا من الاعتذار عن ذلك، تم ترشيحها بصورة تستفز مواقف واراء الشارع العام، وتابعت نهلة أرجو ان يتم معالجه تلك المشاكل والملاحظات وأعاده النظر في تلك الترشيحات قبل اختيار اي أحد منهم.
صدفة ام سياسة ممنهجة؟
وقال اردول ان السودان منذ استقلاله، ثمة حقيقة لا يمكن إخفائها، وهي ان مجموعات، ونخب من إقليم محدد سيطروا على الحكم، وفي المقابل تم اقصاء، وتهميش بقية المجموعات والأقاليم بشكل (طبقي او قومي) مما الحق بتلك المناطق المهمشة الحرمان من الخدمات والخلل التنموي والمشاركة في السلطة وتوزيع الموارد، وتسببت ذلك ايضا في انعدام الكفاءات التي نطالب بها الان.
وتساءل كم تلميذ من مناطق الحرب والتي ينعدم فيها الكفاءات وهذا إذا استطاع اكمال تعليمه حتى المرحلة الثانوية؟ وكم منهم تخرج من الجامعة؟ وكم منهم وجد فرصة عمل حتى تكون لديه الخبرة الكافية؟ وهل كان ذلك تم نتاج صدفة ام سياسة ممنهجة؟
موضحا ان التهميش والتفاوت التنموي الناتجة من السياسات السابقة، هي المسؤولة عن عدم توفر الكفاءات في كل اقاليم السودان المختلفة، وبالتالي فلا يمكن ان نستخدم فيها معيار الكفاءة وحدها بعد الثورة التي تسعى لتغيير الماضي، دون اي اعتبار وحساسية لواقع السودان.
الإنقاذ من الازمة
وأضاف اردول: هنا نكون قد سخرنا أداة جيدة وهي الكفاءة ولكن دون غيرها، والنتيجة تكون اننا حافظنا على السياسة السابقة نفسها، والتي كان طابعها التهميش والإقصاء ولكن بمبررات مختلفة.
وأردف قائلا: اتفهم جيدا، عندما يطالب السيد حمدوك وايضا جزء من الراي العام، بحكومة كفاءات من اجل تقديم الخدمات وانقاذ البلاد من أزمتها، ولكن السؤال هل تتعارض هذه الكفاءات مع التمثيل العادل؟ على الاخوة الاجابة على هذا السؤال، وغير ان ستدرك قائلا: “لكن من جانبي لا اعتقد ان هنالك تعارض بينهما”.
مخاطبة جذور الازمة
ومن جهته قال الناشط السياسي، السيد خريفين لـ (صوت الهامش) إن الحكومة الإنتقالية، لن تحل مشكلة السودان أبدا، وإن تحسن الوضع الإقتصادي فالمشكلة السودانية ستظل باقية حتي يخاطب جذور المشكلة عامة وحلها، وان ما يحدث الان هي عبارة عن محاصصات حزبية فقط وان الأحزاب تريد ضمان حصتهم في كرسي الحكم فقط.
اختلاف في الوثيقة الدستورية
وتابع خريفين قائلا: هذه الحكومة تشبه نظام الانقاذ، والاختلاف هو إزالة الوجوه القديمة وتغييرها بوجوه جديدة فقط، أي انها نفس العقلية التي كان يعمل بها المؤتمر الوطني، ويلاحظ الرأي العام، كيف كانت قوي الحرية والتغيير تتحدث أثناء فترة الحراك الثوري، وحديثها الآن،
وأردف “ستعرف مدي طمعهم في السلطة، بعيدا عن تحقيق اهداف الثورة.
وتساءل خريفين قائلا: هل الوثيقة الدستورية التي تم الاتفاق عليها في اليوم النهائي هي نفس الوثيقة المتداولة قبل التوقيع النهائي؟