عندما سقط نظام السفاح البشير تفائل كل الشعب السوداني خيراً ، لم يتخيل أن الأوضاع قد تصل لهذه الدرجة إنهيار كامل في كل أركان الدولة السودانية ، والخطير في الأمر تعدد الجيوش التي لا تختلف عن جهاز أمن الساقط البشير ، كل هذه الجيوش لها معتقلات وتفعل كما يحلوا لها دون رقيب أو حسيب أمام أعين الجميع ، بل هي فوق القانون أن كان أصلا هناك قانون في الدولة السودانية .
لم يكن كل هذا يحدث لولا فشل الأحزاب السياسية وطمع الحركات المسلحة التي ظهر جلياً أن نضالها من أجل السلطة لا غير . الشعب السوداني مهدد بالمجاعة بسبب صراع الأحزاب والحركات والمليشيات حول السلطة .
حيث أصبح هؤلاء المنافقون يتلذذون لمعاناة الشعب الطيب ويتسابقون على مناصب يجمعون منها المال ، والكل منهم يبحث عن نصيبه من كعكة السلطة.
في السودان لم تعد للسعادة مكان الكثير يفكر بالهجرة خارج أرضه وهؤلاء غالباً هم الكفاءات وخريجي الجامعيات فمن سيبقى إذاً في السودان غير المطبلون المتلذذون بإهانة الشعب.
بدأ مسلسل الألم في السودان، بدأ مسلسل الحزن، بدأ السودان يسير نحو المجهول بتسارع خرافي، في ظل وجود سارقي الثورة على رأس السلطة ستظل الأزمات هي السمة الرئيسية والمميِّزة في أعقاب فشل الحكومة الانتقالية ممثلة في الحرية والتغيير.
تظل الأزمات السياسية المتلاحقة هي السمة الرئيسة والمميِّزة للفترة الانتقالية منذ انطلاقها في أعقاب وثيقة دستورية مشوهة ، تشهد البلاد أنهياراً على نطاقٍ غير مسبوق، ومناخاً سياسياً محتقناً ومتوتراً. الآن هناك استقطاب قبلي حاد سيقودنا الي حرب أهلية، وتذمُّرٍ وتمَلمُلٍ داخل القوات المسلحة، مع تنامي الولاء القبلي والعرقي، وتدهور الوضع الأمني في كل أنحاء السودان بوتيرة متسارعة، وتردِّي الأوضاع الاقتصادية ، شبح الحرب يلوح في الأفق بين السودانيين.
حقيقة هذا الوضع الماثل أمامنا لا تخطئه عين، بل يلاحظه ويراه المراقب، ولا تستقيم معه أية مكابرة أو عنادٍ أو إنكار .
فلا حديث يدور في مجالس أُنس المواطنين العاديين سوى هذا المشهد السياسي المحتقن، ومآلات وسيناريوهات المستقبل، وما تحمله الأيام في جوفها نهاية السودان تماماً