كتب : عبدالعزيز يعقوب
بان إفريكانيزم أو (الوحدوية الإفريقية أو عموم إفريقيا أو الجامعة الأفريقية أو القومية الأفريقية) مصطلحات تعني ببساطة لم شمل الأفارقة من الشتات وتوحيد فرقتهم والإقرار بحقوق سياسية للأفارقة في موطنهم وذوي الأصول الإفريقيةً في العالم الجديد (أو الغرب).
وتعتبر وحدة الجذور بمثابة أساس قوي وعميق للتجمع والاشتراك ووحدة الهدف. إذن “البان أفريكانيزم” أو الوحدوية الأفريقية هي فكرة وفلسفة نضالية تنطوي على بذرة التحول من النزعة القبلية إلى النزعة الجامعة أو الاتحادية.
واكتست هذه الفكرة الفلسفية المجردة ثوبا شرعيا دوليا عام 1897 في لندن وتحديدا عبر تأسيس الرابطة الأفريقية، ثم تأكد ذلك التوجه عام 1900 في لندن أيضا بانعقاد أول مؤتمر وحدوي أفريقي.
وعرفت حركة عموم إفريقيا من خلال رسالتها الأساسية المتمثّلة في الاستقلال السياسيي والاقتصادي الإفريقي رواد سوا كانوا من الولايات المتحدة الأمريكية او الكاريبي او من افريقيا وذلك في فترات زمنية امتدت من نهاية القرن التاسع عشر إلي غاية إنشاء منظمة الوحدة الإفريقية سنة 1963 في أديس أبابا ، ولابد من ملاحظة إلي أنه كان لهؤلاء تأثير واضحا في مسار الحركة من خلال أفكارهم ومساهماتهم ، ولابد من الإشارة إلي انتقال زعامة الحركة من السود الأمريكيين إلي الافارقة (الرواد المتأخرين لحركة البان إفريكانيزم من القارة السمراء) وذلك بعد مؤتمر حركة عموم إفريقيا بمانشيستر 1945 إنجلترا . وفيما يلي نستعرض رواد حركة عموم إفريقيا من الولايات المتحدة والكاريبي
مطلق مصطلح “عموم إفريقيا” هنري سيلفستر ويليامز (1869_1911)
ولد هنري سيلفستر ويليامز من أبوين طموحين من الطبقة المتوسطة هاجرا من بربادوس وأستقرا في مستعمرة ترينيداد البريطانية في 15 فبراير 1869، تعلم بالمدرسة الابتدائية وتأهل كمدرس ابتدائي في سن 17 عامًا ، وبعد خمسة سنوات أصبح مديراً للمدرسة ،و في عام 1891 غادر ترينداد إلى الولايات المتحدة ، وذلك للحصول علي مؤهلات لا يمكن الحصول عليها في ترينداد ، حيث كان التعليم الثانوي حكراً علي أبناء الأغنياء و عمل في وظائف آخري لمدة عامين ، وبعدها ألتحق بجامعة هاليفاكس في عام 1893 ، ودرس القانون إلا إنه لم يكمل دراسته فيها .
وفي عام 1896 هاجر ويليامز إلي إنجلترا وسجل في الكلية الملكية ، وفي السنة التالية حصل علي مؤهلات علمية .
قام ويليامز بتنظيم أول مؤتمر لحركة عموم إفريقيا في لندن عام 1900 ، حيث زرع بزورا نتجت عنه ثمارا غير عادية بعد نصف قرن وبعد وقت طويل من نسيانه ، وشارك في المؤتمر نشطاء بارزون من السود من جميع أنحاء العالم بالاضافة إليّ عدد من الشخصيات السياسية البريطانية .
ولا شك أن تجربة ويليامز في الولايات المتحدة وإنجلترا حفزت وعيه تجاه العنصرية وذلك بإصدار العدد الأول من المجلة الشهرية “عموم إفريقيا” سنة 1901 ، إلا أن المسألة الأولي التي كان قد لجأ إليها في هذا هو شعار الحرية والمساوة .
في عام 1902 أكمل ويليامز دراسته في القانون في إنجلترا وفي عام 1903 غادر لندن إلي جنوب إفريقيا ، حيث لم يكن أي محامي من أصل إفريقي موجود علي أراضيها ، كما عين في مجلس الإدارة والمجتمع في جنوب إفريقيا ، وإنتخب رئيساً للجنة المواطنين التي تدعوا إلي المساوة بين السود والبيض .
قائد القومية الإفريقية ماركوس غارفي (1887-1940)
ولد ماركوس غارفي في جامايكا عام 1887 تعلم تعليمه الابتدائي في جامايكا وكان من المتفوقين ، وفي سنة 1912 إنتقل إليّ لندن للعمل ، وعمل في مجلة إفريمانز تايمز اريونت ، حيث التقي بمجموعة من الناشطين البارزين السود .
عاد غارفي إلي جامايكا في يوليو 1914 ، وأسس تنظيم سياسي بمساعدة أيمي اشود التي أصبحت زوجته فيما بعد وهذا التنظيم هو ” الرابطة العالمية لتحسين أحوال الزنوج ، وكان هدف الرابطة هو إنشاء كونفدرالية عالمية للعرق الأسود ، وذلك من أجل تعزيز أواصر الأخوة والوحدة بين الأعراق .
بعد وصوله إلى نيويورك في عام 1916 ، أسس صحيفة نيغرو وورلد ، وهي شركة شحن دولية تسمى بلاك ستار لاين ومؤسسة مصانع الزنوج. خلال العشرينات من القرن العشرين ، كانت الجمعية العالمية لتحسين الزنوج (UNIA) وهي أكبر منظمة علمانية في تاريخ الأميركيين الأفارقة.
وفي نيويورك أدرك غارفي أن مجتمعات السود المتنامية في المدن الشمالية يمكن أن توفر الثروة والوحدة لإنهاء الإمبريالية في أفريقيا والتمييز في الولايات المتحدة. وجمع بين الأفكار القومية الاقتصادية ل”بوكر تي واشنطن” والافريقيين . وتتجسد أفكار غارفي وسط الاضطرابات الإجتماعية والحركات المعادية للاستعمار وثورات الحرب العالمية الأولى ، التي أظهرت قوة التعبئة الشعبية لتغيير هياكل السلطة الراسخة.
وأصبح غارفي زعيماً في الحركة القومية السوداء من خلال تطبيق الأفكار الاقتصادية للعموم الأفريقيين على الموارد الهائلة المتوفرة في المراكز الحضرية ، حيث يري أن إفريقيا هي الأمل الوحيد في الوجود وجودا دائم ، أضافة إلي ذلك يري أن البيض والسود سوف يتعلمون إحترام بعضهم البعض وذلك “عندما نتوقف عن أن نكون متنافسين”، وكانت أهداف غارفي حديثة وحضرية. سعى إلى إنهاء الحكم الإمبريالي وإنشاء مجتمعات حديثة في أفريقيا ، وليس ، كما اتهم منتقدوه ، بنقل السود إلى إفريقيا .
هكذا ساهم ماركوس غارفي من خلال إنشائه رابطة تحسين أحوال الزنوج في إثارة الحماسة لدي الأفارقة .
تم توجيه تهمة الاحتيال الإلكتروني من قبل وزارة العدل الأمريكية في عام 1923 ل”غارفي ، وقضى عامين في السجن قبل ترحيله إلى جامايكا ، وتوفي لاحقاً في لندن.
(أب الحركة) ادوارد بروغارت ويليام ديبوا (1868_1963)
يعتبر ادوارد بروغارت ويليام ديبوا الأب الحقيقي لحركة عموم إفريقيا ، حيث ولد في 23 فبراير 1868 في غريت بارنغيتون بولاية ماساشوستس ، وهي المدينة ذات الأغلبية البيضاء ، وهو ناشطآ أمريكيا في مجال الحقوق المدنية ، وعالمًا أفريقيًا ، وعالم اجتماع ، ومعلمًا ، ومؤرخًا ، وكاتبًا ، ومحررًا ، وشاعرًا ، وباحثًا. واجه ديبوا تحديات متزايدة في مرحلة مبكرة من عمره ، ولاكن لقيت أعتراف بمؤهلاته العلمية بنجاحه في المدرسة مما أدي به إلي الاعتقاد بأنه يمكن أن يستخدم ما لديه من معرفة علمية لخدمة الأمريكيين ذول الأصول الأفريقية .
وفي عام 1905 كان مؤسسًا وسكرتيرًا عامًا لحركة نياغارا وهي منظمة ديمقراطية سوداء ، أنضم إلي هذه المنظمة شرائح واسعة من المثقفين والمهنيين الذين كانوا يطالبون بالمساواة الكاملة مع البيض ، وسعت منظمة نياغارا إلي تمكين الأفارقةالأمريكيين من المشاركة في كل القضايا السياسية المطروحة في الولايات المتحدة الامريكية مثل حق التصويت للسود .
وكان ديبوا في تلك الفترة يواجه تيارًا مستمرًا من الإثارة والتهكمية ، في كثير من الأحيان على الأميركيين البيض بينما كان بمثابة مصدر للمعلومات والاعتزاز للأميركيين الأفارقة.
وبعد إنشاء “مجلة الأزمة” أصبح ديبوا مسؤولاً عنها من 1910 إلي 1934 ، وهذه المجلة هي الناطق الرسمي ( للرابطة الوطنية لتقدم الملونين) وهي جمعية وطنية أنشأت سنة 1910 ، حيث نشرت المجلة كتابات لكتّاب أميركيين أفارقة شباب.
ويبدو أن ديبوا كان يلقي احتراما كبيرا بين الأفارقة والسكان المنحدرين من إفريقيا في جميع أنحاء العالم ، وهذا ما عزز مكانته في حركة عموم إفريقيا ، وبالتالي فإنه مع مطلع القرن العشرين ، أصبح القائد الناجح لهذه الحركة ونشطت مؤتمراتها من سنة 1900 حتي 1945 .
نظم ديبوا سلسلة من المؤتمرات الأفريقية في جميع أنحاء العالم ، في 1919 و 1921 و 1923 و 1927. وقد ضم الوفود المشاركين مثقفين من أفريقيا ، وجزر الهند الغربية ، والولايات المتحدة. رغم أن قرارًات مؤتمرات حركة عموم إفريقيا التي انعقدت في تلك الفترة كانت تدين الاستعمار وتدعو إلى التخفيف من اضطهاد الأفارقة ، إلا إنه لم يتم اتخاذ إجراءات ملموسة .
انتخب المؤتمر الخامس (1945 ، مانشيستر ، إنجلترا) ديبوا كرئيس ، لكن السلطة كانت بوضوح في أيدي الناشطين الأصغر سنا ، مثل جورج بادمور وكوامي نكروما ، الذين أصبحوا مهمين فيما بعد في حركات الاستقلال لبلدانهم.
توفي “ديبوا ” في غانا في 27 أغسطس 1963 ، عشية مسيرة الحقوق المدنية في واشنطن العاصمة. حصل على جنازة رسمية ، حيث أشار كوامي نكروما إلى أنه “ظاهرة”.
(منظر الحركة) جورج بادمور (1901_1959)
أسمه الحقيقي هو مالكو لم ايفان مرديث نورس ، الملقب بجورج بادمور ناشطًا سياسيًا يساريًا ومنظر حركة “بان إفريكانزم” ولد في سنة 1902 بترينداد ، وانتقل إلي الولايات المتحدة الأمريكية عام 1924 حيث درس فيها الطب والعلوم السياسية بجامعة فيسك ثم بعدها الحقوق بجامعة هاوارد .
في عام 1929 إنضم بادمور إلى الحزب الشيوعي وعمل في صحيفة الحزب “عمال الزنوج”، سافر للإتحاد السوفيتي عام 1929 وعمل في موسكو ، حيث ترأس المكتب الدولي الأحمر للنقابات العمالية ، ثم إنتقل إلى ألمانيا سنة 1931 حيث أشرف علي النقابات العمالية الدولية للعمال السود (ITUC-NW). ظهر أول عمل كبير له في ذلك الوقت بعنوان Life and Struggle of Negro Toilers ، والذي تعامل بعمق مع ظروف عمل السود في جميع أنحاء العالم ، وكان بادمور غارقا في الأيديولوجية الشيوعية ، وكان ينتقد بشدة الزعماء السود الذين اعتبروه ميالا إلي البرجوازية ، أمثال ديبوا وماركوس غارفي .
إنتقل بادمور إلي لندن عام 1934 ، بعد إستقالته من الحزب الشيوعي وأسس المكتب الدولي لخدمات إفريقيا . لقب جورج بادمور بمنظر حركة عموم إفريقيا ، نسبة لفلسفته الخاصة ، حيث كان متضامنا مع إفريقيا ، فسبب إستقالته من الحزب الشيوعي وإنتقاله إلي لندن هو كرد فعل للغزو الإيطالي علي إثيوبيا ، حيث شعر بأن الشيوعيين غير مهتمين بمشاكل السود ، وما زاد من الأزمة بين بادمور والحزب الشيوعي هو إنضمام الإتحاد السوفيتي إلي دول أروبا الغربية التي كانت تسيطر علي عصبة الأمم .
ساهم بادمور في تنظيم مؤتمرات حركة عموم إفريقيا وخاصة المؤتمرات داخل القارة الإفريقية ، حيث نظم المؤتمر الأول لإجتماع رؤساء الدول الإفريقية المستقلة في افريل عام 1958 ومؤتمر الشعوب الإفريقية المستقلة .
وفي عام 1957 أنتقل بادمور إلي اكرا عاصمة غانا ، حيث عمل كمستشار لرئيس الوزراء الغاني كوامي نكروما ، توفي بلندن في 23 سبتمبر 1959 وأعيد رماده إلى غانا بناء على طلب نكروما حيث قال نكروما: “في يوم من الأيام ستكون إفريقيا بأكملها حرة وموحدة ، وعندما يتم سرد الحكاية ، سيتم الكشف عن أهمية مساهمة جورج بادمور”.
ووصف أحد البريطانيين المعاصرين لبادمور بأنه “البطل الصامت للثورة الغانية”.
المراجع :
Pan-Africanism New Dictionary of the History of Ideas
your dictionary Henry Sylvester Williams Facts
African Revolutionary _ Tyehimba
تاريخ الجامعة الإفريقية _ حمداني محمد علي _ جامعة زيان عاشور
NAACP HISTORY: W.E.B. DUBOIS
الهوية الأفريقية في الفكر السياسي الأفريقي:باسم رزق مرزوق