لندن – صوت الهامش
أصيب مستخدمو وسائل التواصل الإجتماعي في السودان في الأسابيع القليلة الماضية بالصدمة، بسبب مقاطع الفيديو والصور التي التقطت لقوات (الجنجويد) السابقة في بعض المناطق الفقيرة في الخرطوم العاصمة.
و قد اتُهمت ميليشيا الجنجويد المدعومة من الحكومة في وقت سابق بارتكاب فظائع في منطقة (دارفور الغربية) في أوائل العقد الأول من القرن الحالي، و لكن يعتقد الآن أن لديها دور جديد.
فقد أعيد تسميتها الآن باسم “قوات الدعم السريع” ، وتم تكليفها بملاحقة المتاجرين بالبشر و منع المهاجرين من التوجه إلى أوروبا – وهو دور ممول من الاتحاد الأوروبي – على الرغم من أن الاتحاد الأوروبي أنكر أي تمويل لجنود الجنجويد السابقين .
و في تقرير ل (شبكة الإذاعة البريطانية – بي بي سي ) أثير سؤال حول أسباب اتخاذ المقاتلين السابقين في ميليشيات الجنجويد (الحلاقة) للأشياء من حولهم نهجا، على الرغم من أن تصفيفات الشعر التي يقومون بها تميل إلى الارتباط بدوائر دينية واجتماعية محافظة، لا تليق بأناس “منحرفين” .
و يذكر التقرير بأن اللباس أصبح بالفعل موضوعا حساسا في (السودان) ، حيث يمكن أن تتسبب لك الموضة بالمتاعب، في ظل وجود المقاتلين السابقين للجنجويد، والذي ذكّرت أعمالهم الناس بشرطة النظام العام، التي غالباً ما تعتقل و تجادل النساء، بسبب ارتدائهن ما يرون أنه ملابس غير لائقة، مثل البنطال، كما يعتقل سيدات يقمن بصناعة و تقديم الشاي في أكشاك في الشوارع بحثا عن لقمة العيش وغيرهن من النساء الضعيفات، بدعو أنهن يعملن في الأماكن العامة.
و يوضح التقرير أن شرطة النظام العام تعد مثيرة للجدل في السودان، إلا أن بعض السودانيين لهم وجهات نظر محافظة بشكل مماثل حول وضع المرأة في المجتمع، وكيف ينبغي أن ينظر إليها المجتمع.
فقد يرغب المحافظون كما يقول التقرير بأن يروا النساء (بأغطية الرأس) ، ويرتدين تنورات طويلة أو عباءات، حيث يذكر التقرير بأن (شرطة النظام العام) قد تم تأسيسها في ظل النظام الحالي للرئيس (عمر البشير) ، و الذي جاء إلى السلطة في انقلاب مدعوم من الإسلاميين في عام 1989.
أمل هباني – ناشطة في مجال حقوق الإنسان مع مبادرة “لا لقهر النساء ” – تحدثت لصحيفة (الغارديان) البريطانية بأن ما بين 43 ألف و 50 ألف امرأة يعتقلن ويجلدن كل عام من قبل شرطة النظام العام بسبب ملابسهن.
وفي حادثة أخرى، انقسم الرأي حول الطريقة التي استجابت بها (وئام شوقي) – مقدمة برامج سابقة وناشطة في مجال حقوق المرأة- لأحد أبرز هيئة علماء الاسلام والذي قال إن التحرش الجنسي وزواج الأطفال يمكن تبريرهما، بينما كانا يشاركان في نقاش بقناة (دي دبليو) الألمانية حول ما تريده النساء في السودان.
و قالت (وئام شوقي) ل(الإمام) الذي كان قد برر التحرش الجنسي بأنه كان لا بد من أن تناقش قضايا كالمساواة في الأجور، بدلاً من التركيز على مظهر المرأة، وأن ما كان في خزانة المرأة هو اختيارها.
أبدى بعض الناس غضبا على وسائل التواصل الإجتماعي، مما اعتبروه موقفا غير أخلاقي من (وئام) تجاه (الإمام) لكن آخرين قالوا إن نبرة صوتها المرتفعة عكست الإحباط الذي تشعر به العديد من النساء حول ما يرونه كنظرة قديمة و متخلفة للمرأة في السودان .
في أعقاب المناقشة التلفزيونية، تلقت السيدة (شوقي) تهديدات بالقتل من رجال سودانيين على وسائل التواصل الاجتماعي، للتعبير عن رأيها المباشر.
كما كان على الشاب البالغ من العمر 28 عاماً، والذي يدير أيضاً مقهى كان مركزاً للفنانين والموسيقيين في الخرطوم ، أن يختبئ.
فلم يهدئ الجدل من تصرفات شرطة النظام العام، التي اعتقلت الشهر الماضي المغنية (منى مجدي سالم) بعد أن نشرت بعض الصور على مواقع التواصل الاجتماعي، في إحدى الحفلات التي كانت تحييها، وهم يغنون مرتدين بناطيل، حيث اتهمت ب(ارتداء ملابس غير لائقة) كما تواجه عقوبة بالجلد إذا ثبتت إدانتها.
وو فقاً لمسح أجرته مؤسسة (طومسون رويترز) العام الماضي ، فقد كان السودان واحداً من أسوأ خمسة بلدان عندما يتعلق الأمر بحقوق المرأة في العالم العربي – حيث يأتي في المرتبة 17 من أصل 22.
جاءت تلك الدقات من ناقوس الخطر الذي ينذر بمستقبل مقلق للمرأة السودانية، تزامنا مع تقرير هيومن رايتس ووتش لعام 2016 الذي يشير إلى أن قوات الأمن السودانية قد استخدمت العنف الجنسي، والترهيب، وغير ذلك من أشكال الإساءة لإسكات المدافعات عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء البلاد.