بقلم نصرالدين عمر عثمان آدم
مدخل:-
الله يازمن الأصيل ويا تراكم الفصائل المصادمة
نحن الذي نشتري حياتنا رهينة ونستظل بالمواقف الأصيلة
ونقول لا.. ونرتدي لظي السهول
إقتباس :-
“أن لا شئ يحمي الدولة من الخراب سوي سياسيين صادقين في العمل و في الإعتراف بالتقصير في الصح والخطأ”
الراحل جون موغوفولي.. الرئيس التنزاني
ولعل ما سبق من إقتباس هو مقولة الرئيس التنزاني؛ الراحل جون موغوفولي؛ المدهش في الأمر أنه لم يذكر ولن يتحدث عن الجيش ولا الشرطة و لا جهاز الأمن والمخابرات لا حتي أي مليشيا أخري تُدين له بالولاء، لكي يحمي نفسه بها أو عائلته أو الدولة؛ كما في السودان؛ رغم أنه ورثة حزب يسمي chama cha mapinduzi=ccm وتعني بالسواحيلية بحزب الثورة ضع خطين تحث”حزب ثورة” لان ثورتهم لا تشبه ثورتنا وهذا يعني أن العوام من الشعب التنزاني علي قناعة تامة بثورتهم دون أن يتبناه أحد كما في السودان تم إختطافها وساعين عينك يا تاجر الي تغيير مسارها الطبيعي! فالرئيس الراحل موغوفولي لن يتفوه قَطَّ عن بناء جيش الثورة أو جيش الدولة التنزانية ولكنه تحدث عن حتمية وجود سياسيين صادقين ومخلصين للوطن حينها يمكن أن نَضَمنْ حماية حقيقية للوطن والمواطن وفي هذه الحالة يجدر بي الإشارة إلى واقعنا الجيوسياسي المضطرب والمأزوم؛ هو واقع كليشيهي cliche ملئ بالمتناقضات؛ أحزاب سياسية لا حصر لها عدداً وافكار أيدولوجية متطرفة لا تشبه الواقع وأخري تصدير من خارج الحدود؛ كالبعثيين والناصريين ولكن في دولة تنزانيا نجد العكس تماما؛ لقد أورث القائد الفذ والمناضل الجسور الذي يعد المثل الأعلى، للمدرسة الأفريقية “الافريكانيزم “وهو جوليوس نيريري؛ وهو أول رئيس لها رغم تبنيه نظاماً اشتراكياً يسمي باللغة السواحيلية “يوجوما” يقولون إنها مأخوذة من الواقع التنزاني ويعتبرونه من صميم إرثهم الأفريقي الأصيل، تعني الإعتماد على النفس والتعاون.
لقد أسس هذا المناضل العظيم حزباً واحداً كان وما زال يحكم البلاد طيلة هذه السنوات منذ استقلالها في العام 1964م؛ دون أن يكون هنالك صراع أو أي نوع من عدم التوافق الوطني؛ أما عندما نأتي لنقارن الواقع الجيوسياسي في السودان، نجد أننا بعيدين كل البعد ولكن هذا لا يمنعنا أن نأخذ من تلك التجربة الإنسانية ويمكنك أن تلاحظ عند المقارنة؛ أننا فقط نمتلك أسماء قادة كُثُّر ولكنهم لا يملكون الجرأة المناسبة والشجاعة الكافية؛ عبرها يمكن أن نصفهم بأنهم قادة غير صوريين؛ لهم غيرة حقيقية على الوطن والمواطن إلا القليل من كثير ولكنني في هذه السطور لا أستطيع أن أستصحب بأية حال من الأحوال جُل الجوانب؛ بل سوف اكتفي بثلاثة جوانب رئيسة عند المقارنة بين دولة السودان ودولة تنزانيا..! وربما ستكون إستقراءة سطحية غير متعمقة، فكثير منا قد سمع وآخرين قد رأوا بأم عينهم أن دولة تنزانيا تعد واحدة من الدول الأفريقية المتطورة، التي خطت خطوة في الإطار الصحيح؛ وأصبح يشار لها بالبنان نتيجة الي حالة الإستقرار السياسي والإجتماعي والإقتصادي الذي يتمتع بها الآن؛ يتحتم علينا إذا أردنا اللحاق بهم أو التطور يستوجب أن نحزو حزو دولة تنزانيا ومن الضروري بمكان أتباع منهاج الأب الروحي موغوفولي الملقب بقاهر الفساد، صاحب المكنسة؛ الذي كان ينظف الأوساخ المتراكمة بيده إبان اية إحتفال وطني؛ وفضلاً عن ذلك إستطاع منذ أن كان وزيراً للأشغال العامة يعمل ضد الفساد المالي والإداري.
ولكن في السودان رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بذاته يحوّل أموالاً ضخمة التي استردت من النظام البائد عبر لجنة إزالة التمكين الي شركة مساهمة عامة؛ بدلا ًً من إيداعها في خزينة البنك المركزي؛ هنا تكمن الكارثة ومن الملاحظ أن رئيس الوزراء منذ أن تقلد منصبه كان باستطاعته ان يلعب دوراً محورياً اكثر شفافية في العمل وفقاً لحجم الثقة الممنوحة له من قبل قوي “ثورة ديسمبر” وليس للموقع التنفيذي فحسب؛ بل أنه يمتلك الشرعية الثورية الذي يتمتع بها الي الآن.. دون غيره، وذلك من أجل تنفيذ شعارات الثورة” حرية وسلام وعدالة ” كما كنت أتمنى أن أمتلك ذلك القلم الأخضر؛ لكي أصبح رئيس للوزراء لثلاثة أيام فقط؛ سوف أنهي هذه الفوضى بجرة قلم وحتي الآن رئيس الوزراء يمتلك ذلك القلم الأخضر اللون..! له من الصلاحيات ما يجعله يوقف هذه الفوضى ويمنع هذا التدهور الأمني المريع والأوضاع الإقتصادية الطاحنة، فتعدد مراكز القرار؛ الذي يورقه..! بإمكانه أن ينهيه بجرة قلم لان الثورة؛ الذي يستمد قوته منها؛ لن تموت! بل سوف تبدأ لتكتمل الحلقة..! ولكنه كلما ذكر حمدوك كلمتي سنعبر وسننتصر! كلما إنبطح أكثر فأكثر؛ بداءاً باللجنة السلام والمصالحة؛ التي تنازل عنها لتصبح بطرف العسكر؛ يترأسها الكباشي؛ وكذلك تنازل عن رئاسة اللجنة الإقتصادية الي حميدتي؛ رغم أننا كنا ننتظر قرارت حاسمة بشأن الذين يتلاعبون بالإقتصاد؛ التي هي بفعل فاعل معلوم وأخر غير معلوم من أنصار الإخوان يتحكمون في السوق وآخرين يتقلدون مواقع تنفيذية في السيادي يستقلون موارد الوطن بإقامة مشاريعهم الخاصة وهي مشاريع بأموال ضخمة جدا ً ونعلم أنها تتوزع بإسم أكثر من 200 شركة تعمل في مجالات الإستثمار ولا أستبعد أن تكون لها علاقة مباشرة بغسيل الأموال لأن كل العوامل للقيام بذلك متوفرة؛ رسالتي الي المؤسسة العسكرية أن الوطن ليس في خطر البتَّة، وليس هنالك مهدد أمني من دول الجوار؛ إنما الخطر الحقيقي يكمن في قياداته الحاليين ومسألة حماية الوطن ماهي الا شماعة تود النخبة أن تعلق فشلها الزريع والمخذي و نعلم أن سياساتكم القذرة؛ ماهي الا بغرض التحكم والسيطرة علي المال العام والإعتداء علي موارد البلاد.
أما فيما يتعلق بمسألة الحوار السوداني- سوداني هي مبادرة سوف يطرحها حركة وجيش تحرير السودان وهي في الأساس فكرة سودانية مستلهمة من الواقع السوداني المعاش وهي من بنات أفكار إبن السودان البار الفتي الأبنوسي؛ المناضل الجسور/عبدالواحد محمد النور وهي مستوحاة من فكرة الجُودِيَّة كأدب حواري موروث؛ فلكلوري شعبي أصيل؛ تكاد تستخدم منذ آلاف السنين مضت والي يومنا هذا متعارف علي نحو يومي؛ في كثير من مناطق الريف السوداني” لحلحلة قضايا مجتمعية عدة مستعصية وعويسة دون اللجوء إلى محاكم الدولة” فهذا الأدب التحاوري؛ الذي دوماً يتم عبرها حسم الإشكالات بالتراضي بين الأطراف وبشكل تلقائي مخرجاته ملزمة للأطراف؛ بدون أن تكون هنالك لائحة مكتوبة من قبل؛ بات شئ عرفي؛ فهذا النوع من الحوار والنقاش؛ مساهم في تضميد جراحات عدة وكذلك في ترسيخ مبدأ الاحترام والاعتراف بالآخر وله دور محوري؛ في لم الشمل الأسري والعشائري بين مختلف المجتمعات وغيرها ويعتبر السبيل الوحيد والمخرج ويعتبر انه يعضد الوحدة في معناه الأشمل ومازال نموزج حي يرسخ مفهوم التماسك العضوي بين اغلب المجتمعات السكانية في السودان؛ حيث يجمع أكثر من كونه يفرق الناس؛ لذا يجب إعتماد هذا الحوار حتي تصبح ثقافة الدولة وتكون مرجعية شائعة في فض النزاعات الإجتماعية والأهلية وتحقيق السلم الإجتماعي ومن ثم السياسي وأن تستند هذا الحوار كما هو متعارف على مبدأ التعايش السلمي ويعتبر الحل الأوحد للتصالح مع الذات “السوداني السوداني” ويجب أن نترك أن هذا زيد وأن هذا عبيد يكفي انك سوداني؛ التحاور الهادف والايجابي، بخصوص خلق حالة من التناغم والتلاحم المجتمعي اللا محدود وذلك بتقريب وجهات النظر حول أس الأزمة ووضعها في نقاط يتراضي حولها الأطراف المتباينة عبر مناظرات تحاورية بينية هادفة وبناءة يتناول المسكوت عنه وتجلياته عبر الحقب الماضية؛ بداءاً بالجزور التاريخية للصراع الأهلي ومن ثم الأولويات من القضايا الملحة ذات الشأن السوسيولوجي الخاص مروراً بالجيوسياسي العام؛ التي تتعلق بعمق الأزمة ويتوجب كذلك إستصحاب الواقع في التباين والتنوع المعاصر والحاضر وأن نضع نُصبُّ أعيننا الي تلك الأهداف العظيمة والقِيّمْ السامية النبيلة؛ التي رفعها ثورتنا المجيدة وهي” الحرية والعدل والسلام” وتحقيقها الحتمي؛ في نهاية المطاف؛ تعني الوصول إلى وحدة عضوية بقدر الإمكان بين المكونات الإجتماعية السودانية، لإزالة الفوارق الطبقية والاثنية والدينية ولننجز معاً السلام الإجتماعي الشامل والحقيقي؛ فالإنسان بطبيعة الحال كائن مبدع ومسالم فالبيئة هي التي تحوره وتحوله الي كائن آخر عنيف وبنفس الوقت قابل للتغيير وبإمكانه أن يتقبل إنسان آخر غيره، ولكنه فقط يتطلب توفير تلك الأجواء الجازبة ومن المؤكد أنها سوف تتحقق حيّال توفير أبسط الحقوق و المتطلبات وهي تتمثل في توفير حق الحياة لكل إنسان بدون النظر إلي أصله وفصله و أن يشعر بالأمان والطمأنينة والاستقرار المنشود، وبهذا نكون قد أكرمنا الإنسان السوداني بغض النظر عن إنتمائهم وخلفياتهم التي ينحدرون منها، قد لا نستطيع أن نوفر هذا إلا في وجود مؤسسات تعليمية ذات سياسة واضحة المعالم تقدم الخدمة مجانا ً للجميع وبالتساوي دون تمييز أو أي إقصاء لأحد وفضلا ً عن وجود مؤسسات عدلية مستقلة بعيداً عن تأثير السلطات التنفيذية وبالإضافة إلى وجود اعلام قومي لايمارس الإقصاء والانحياز الي فئات بعينها؛ لدرجة تتمظهر بأنها ذات نقاء عرقي تتحصل علي إمتيازات دون غيرها.
من الضروري بمكان أن يتوافق الجميع من قيادات السلطة الإنتقالية وقوي” ثورة ديسمبر” الحزبية والمدنية وبالإضافة إلى قوي الكفاح المسلح، وبالإضافة إلى تكتلات الثورة الأخري من لجان مقاومة ونازحين ولاجئين فمبدا الحوار الشامل يهدف إلي الوصول إلي مبدأ التصالح الحقيقي مع الذات كسودانيين في المقام الأول تعزيزاً لمبدأ التسامح علي جميع المستويات الدينية والاثنية والعرقية ولتعزيز ثقافة الإنتماء للوطن كي تصبح سمة بارزة نعتز بها أمام المحافل الدولية ومن الضروري تَرْسِيخ مبدأ الهوية الوطنية الجامعة، والنَّأيُ عن الصراعات الداخلية التي لافائدة منها فلابد أن نضع حداً لحالة الإحتراب الي حالة الحوار السلمي واثراءاً للوحدة في إطار التنوع ويتحتم علينا العمل من أجل تثبيت دعائم التوافق الوطني الشامل، وبيد أنه ليس بالأمر السهل؛ ولكنه يتطلب إرادة سياسية قوية وحقيقية وقيادة متحررة لها أفق واسع؛ لا تتأثر بالإيديولوجيات القومية أو ميول دينية؛ او مناطقية قيادة رشيدة واعية يضع مصلحة الوطن فوق كل المصالح الشخصية قيادة تسعى جاهدة من أجل التوافق الوطني وصولاً إلى وحدة عضوية مفاهيمية فكرية تستند علي علمنة الدولة، في ظل دستور دائم توافقي لكي نضمن حيادية تامة تجاه الأديان؛ وفضلاً عن فلابد من تسنين قوانين رادعة تجرم العنصرية ولابد من إزالة تلك المعايير المختلة التي تمييز بين المجموعات السكانية، والاستعلاء العرقي ، وهذا بغرض تكريس مفهوم المواطنة المتساوية و”الوحدة في إطار التنوع” بأن يكون هنالك تداول للسلطة بين أبناء الوطن الواحد، بغض النظر عن الانتماءات الضيقة، فالانتماء يجب أن يكون للوطن أولاً وأخر.
ولنا لقاء