لا يختلف اي احد مع الباحثين والاكادمين من الإعلاميين والباحثين
والنشطاء من أقليم جبال النوبة أن الجزء الكبير من أساس المشكلة في
الاقليم وتفاقمها الي ما وصلت اليه الحال الأن، هو إن السودان ظل يعاني
من عدم وجود نخبة سياسية مقنعة وفاعلة وتمتلك قوة اقتراحية منظمة تنظر
الي جوهر قضية جبال النوبة بعمق وتعالجها في أطار مسئولية الدولة
السودانية لمعالجة قضايا القوميات المهمشة في الأطراف، وكذلك فشل هذة
النخب السياسية والانظمة السياسية العسكرية من ابتداع حلول تسمح بتجاوز
الأزمات السياسية التي تعيشها البلاد من حين لآخر، وتحميل أنتفاضات أبناء
جبال النوبة طيلة هذة الفترة وزر أعاقة تقدم وتطور البلد تنموياً
وسياسياً.
إن كلا من الأحزاب السياسية المعارضة والعسكريون الذين ظلوا يحكمون البلد
منذ عقود لم يستطع أن يقدم إلى الواجهة من هو مقنع وفاعل، وكانوا دوما
يلجؤون إلى الضعفاء من أبناء جبال النوبة من أجل الزج بهم في المواجهة مع
اهلهم وحرقهم سياسياً، وهو ما يؤدي غالبا إلى معادلة تؤدي إلى استقواء
العسكرييين و تموقع السياسيين من الوسط والشمال النيلي في المشهد السياسي
السوداني وأخراج السياسيين من النوبة درامتيكياً.
وأشير هنا إلى أن من تجليات غياب النخبة السياسية الفاعلة طوال عقود من
السنوات ممارسة السياسية في السودان، هو سعي الأحزاب المعارضة في فترات
الحكم الديمقراطي الشحيحة في أغلب الأحيان إلى مباركة الانقلابات
العسكرية أو القيام بها، وخوفاً من تصاعد وتنامي قوة الهامش السياسية
“احزاب وتيارات سياسية تعبر عن مشاكل وقضايا الهامش بما في ذلك جبال
النوبة، فضلاً عن عجزها عن إيجاد وسائل كافية لإقناع الشعب بطرحها
واستراتيجتها للتغيير في ظل استمرار نظام الحكم الديمقراطي، والتغيير
المطلوب في توزيع الثروات والموارد وطريقة ادارة الدولة والأنصاف
الاجتماعي والسياسي هو الأساس لمعالجة أزمة جبال النوبة في كل أطرها
وجوانبها.
في نهاية المطاف فأن الحصاد من كل هذة السنوات الطويلة من الممارسة
السياسية الفاشلة للنخب السودانية، يتجلي اليوم في غياب الحوار الحقيقي
بين السلطة والأحزاب المعارضة كمخرج اتفقت عليه كل القوي السياسية في
المعارضة والمؤتمر الوطني لازمة الوطن ، هذا الوضع يطرح مزيدا من الإشكال
و يضيف عوائق أكثر أمام هذه الأزمة السودانية وأزمة اقليم جبال النوبة،
وأنه لحد الآن لاتوجد تنازلات كافية تسمح بوجود حوار ناجح بين السلطة
المتسلطة “المؤتمر الوطني” والمعارضة في مختلف اتجاهاتها لاهاء أزمة
الحكم في السودان، مع العلم بان أستعدادات المعارضة المسلحة والمدنية من
خلال وثيقة نداء السودان تغاضت متعمدة عن ذكر اسم اقليم جبال النوبة ولم
تورد الحكم الذاتي او خلافه كحق مطلبي لشعب جبال النوبة بل أكتفت بنظام
الحكم الفدرالي للسودان والاقليم.