الطيب محمد جاده
اليوم كل القرائن تشير إلى نهاية الدولة السودانية، وهذه النهاية قد حان وقتها سواء كان ذلك طوعاً أو كرها، وكل المؤشرات وقرائن الأحوال تشير إلى ذلك بكل وضوح وما ينكره إلا الذى فى عينه رمد وقبل أن يكون خيار النهاية هذا ناتجا عن الفشل الذريع من كل الساسة السودانيين ، هم بالأساس نتاج حتمى للعقلية السياسية السودانية التي تفتقر إلى التخطيط السليم من أجل بناء دولة سودانية أساسها العدل والمساواة في الحقوق والواجبات منذ الأستقلال، وهذا قدرنا كشعب سوداني أن يكون ولاة أمورنا من أصحاب الوطنية المزيفة ينظرون إلى المصالح الشخصية لا يهمهم الوطن وشعبه وخير دليل على ذلك الحالة التي وصل اليها السودان . الساسة السودانيين يحتاجون إلى تخطيط عقلي لأن عقولهم يلعب دور الافلاس الفكرى فيها ، حيث انفلت زمام أمر إدارة الدولة السودانية الذى دب فى جسد الشعب بالجراح وعصف برجاله إلى الهجرة خارج الوطن وطغى أسلوب العزف المنفرد على كورال المصلحة الشخصية.
السودان اليوم يعيش فى أيامه الأخيرة من السقوط المنتظر، كل التحديات التى واجهتها الدولة السودانية مؤخر مست عصب الشعب، وأتسمت ردود أفعالها بفصل الجنوب أولأ وبقيت المناطق الملتهبة في الطريق شئنا أم أبينا. إن أبناء الدولة السودانية يتعاملون مع هذه التحديات بغير مؤسسية ولا خطط وكذلك بلا منهجية على الاطلاق، فالكل منهم ينظر إلى مصلحته الشخصية، الامر الذي ذهب بالسودان إلى الهاوية، وهذه
حقيقة لا تخفى على أحد . إن تحليلي لهذا الوضع الكارثى الذى تعيشه البلاد اليوم يكتوى له قلبي بنار الحسرة وأجد نفسي عبر دوامة طويلة يدفع ثمنها الشعب وقد يعيش المنافقون في دول الحضارة بكل أمان وسرور .في سلسلة مقالاتي عن وطني المشلول جف قلمي وبح صوتي ولا حياة لمن تنادي ، لمن سأكتب ؟ وماذا أكتب؟ لا أدري؟ هل أكتب عن وطني الحزين أم عن مأساة المواطن السوداني أم عن نفاق الساسة؟
تعج الساحة السودانية اليوم بمشاكل من المستحيل حلها، أحاول كتابتها وعندما أمسك قلمي بيدي تذوب معه حروفي وتتلاشة كلماتي من بين سطور الورق وتتحول إلى سراب، كيف لي أن أكتب وبماذا أبدأ !
عندما أريد الحديث عن السودان اليوم يعجز اللسان عن التعبير والعقل يتوقف عن التفكير ويجف القلم عن الكتابة، وحينها لا أجد بديلاً سوى الحزن والحسرة، وحين يتألم الشعب يكون الجرح أعمق والأسى أشد بالنسبة لي، فهل الذين يدعون حب الوطن ، السودان غالي عليهم ، السودان غالي لمن يعلم ما هو الوطن وعزيز لمن لديه العزة
وكرامة النفس. العنصرية القبلية وجد تربة السودان
خصبة، فأنتجت لنا ثمارا متعفنة تتيح تمزيق ما
تبقى من الدولة السودانية ونسف اسمها من التاريخ الحديث . يبدو واضحا للأعمى والبصير أن الوضع في السودان ذاهب إلى الجحيم وأن ارتفاع الأسعار اليومي يلقي بظلاله على الوضع المأساوي والمعيشي في هذه الدولة الغنية بالثروات، فالوضع اليوم يستدعي حالة
ّ من الصحوة الذهنية عند كل أبناء الشعب السوداني، وأن المرحلة لم تعد تحتمل وجود مزيد من الأنقسام والتفتيت والتمزيق . الحقوا السودان قبل فوات الاوان .