ستنفرد صوت الهامش خلال الايام القادمة بنشر بعض فصول كتاب ( السودان : من العنصرية الى التطهير الاثنى) للكاتب الاستاذ عثمان نواى والذى سينشر قريبا عن دار النخبة فى القاهرة. وهنا نلقى الضؤ على الباب الثالث فى الكتاب الذى يحلل تناقضات مفاهيم الوطنية السودانية منذ نشاة الحركة الوطنية فى مواجهة الحكام الاجانب منذ القرن التاسع عشر. وسننشر فى الايام التالية اجزاء من تاريخ الحركة الوطنية السوداء التى قادها السودانيون فى المناطق المهمشة منذ عهد التركية.
…
تقول يوشيكو كوريتا الكاتبة اليابانية, التى درست الحركة الوطنية السودانية من جوانب غفل عنها معظم الباحثين السودانيين الوطنيين خاصة والاجانب بقدر مساو, تقول :” ان لفظة ( سودانى) كانت تعنى حتى القرن العشرين – فى معظم الحالات – ( الزنوج) {الجنوبيين واهل جبال النوبة} فقط.” ويؤكد ذلك خالد الكد اذ يروى ان كبار السن من السودانيين كانوا يرفضون استصدار جنسيات لانهم كانوا يرفضون ان يدعوا بلفظ ( سودانى) خاصة وان لفظ سودانى كانت تعنى ( عبد) , يقول الكد:” عندما تم اصدار قانون الجنسية السودانية لعام 1953 العديد من الناس رفضوا ان يسجلوا انفسهم ” كسودانيين” , واحتجوا بانهم لا يمكنهم ان ان يقبلوا بان يدعوا انفسهم ” بالعبيد”. اذ ان لفظ سودانى حسب الثقافة العربية ماخوذ من السواد فى اللون والذى اقترن عند العرب بالرق, خاصة مع الاعداد الكبيرة من الرقيق التى تصدر من السودان وافريقيا الشرقية بشكل عام الى مصر والجزيرة العربية والشرق الاوسط حتى تركيا. ” ان استخدام اللون بشكل اصطلاحى لتحديد الفوارق بين البشر لم يكن امرا غريبا فى القرون الوسطى فى مناطق الشرق الاوسط وشمال افريقيا. ” فابن بطوطة عندما سافر الى شمال افريقيا وغرب افريقيا جنوب الصحراء فى القرن الرابع عشر صنف الناس على ثلاثة , هم البربر والبيض والسود, البيض كانوا من ينتمون الى الثقافة العربية الاسلامية, بينما السود كانوا الافارقة الذين يقطنون جنوب الصحراء.”
ان هذا التاريخ الذى صنع عقلية ووعيا عنصريا تجاه السود فى السودان, سواءا كانوا من ابناء الرقيق او لم يكونوا , جعل دور واهمية مجموعات سودانية كاملة ومن مثلها من شخصيات وطنية وحركات ثورية وتحررية مطويا بين صحائف النسيان. ولم يلقى المؤرخون والمهتمون كثير من الضوء على دور تلك المجموعات, بل كان يتم استعراض بطولاتهم بشكل مقتضب. مما جعل البحث عن تلك المواقف والثورات والحركات الوطنية امرا صعبا, نسبة لقلة او فى الحقيقة انعدام امكانيات تلك المجموعات للتوثيق لنفسها. وذلك لاسباب متعلقة بانعدام المعرفة او القمع الشديد الذى حد من قدراتها على التوثيق. وان تم شىء من الحفظ والتوثيق فقد دفنت المعلومات والحقائق التاريخية, فى ثنايا طبقات متراكمة من الخوف والكبت والتقليل من حجم واهمية تلك الحقائق وذلك التاريخ. هذا اضافة الى عمليات التزوير المتعمد والتشويه ولى الحقائق حول بعض الاحداث التاريخية , ومن ابرزها مسألة تجارة الرق فى السودان واثارها, سواء من ناحية المجتمعات التى استرقت ودُمرت عبر هذه العملية, او المجتمعات التى استفادت من الرق ونمت وازدهرت من تجارة الرقيق. هذا اضافة الى الدور الوطنى للعديد من الحركات الثورية داخل المناطق التى تعتبر مناطق ” العبيد” , سواء فى جبال النوبة او جنوب السودان التى تجاهلها المؤرخون , ولم يقفوا عندها كما وقفوا وتحروا فى غيرها. وهنا يكمن دور مهم لاعادة قراءة وكتابة التاريخ , والبحث من اجل اجلاء بعض الحقائق واخراجها للسطح , لاعادة تشكيل وعى الاجيال القادمة والاسهام فى تغيير البناء العنصرى القائم بشكل مؤسسى فى السودان. ولم تحظى المجموعات السوداء الافريقية فى السودان بالاهتمام الكافى لان الاتجاه الفكرى فى السودان يتجه نحو الثقافة العربية والاسلامية, ويدير ظهره تماما للثقافة الافريقية والسودانية الاصيلة قبل دخول العرب السودان. باستثناء اشارات تاريخية تحاول صناعة رابط ثقافى تاريخى , هو ايضا مستلب نحو الشمال الشرقى, وخاصة مصر عبر العودة الى تاريخ كوش وبعانخى واثبات الرابط الحضارى بين مصر والسودان منذ الازل.
تقول يوشيكو كوريتا ( ان دراسة هؤلاء السود امرا لا غنى عنه لفهم ” الوطنية السودانية” او ” الهوية السودانية”) وتستغرب لحقيقة ان دراسة هذا الجزء من السودان لم يستهوى الكثير من السودانيين الباحثين فى الدراسات السودانية. رغم انها تركز فى بحثها على السود من ابناء الرقيق السابقين او ” المنبتين قبليا”, لكنها فى النهاية عبرت عن حقيقة تشمل كل جوانب ازمة التأريخ للجانب الاسود من السودان, سواءا كان مرتبطا بالرق او بالمناطق الجغرافية وسكانها الذين كان يتم جلب الرقيق من بينهم. تحتاج دراسة الحركة الوطنية السوداء فى السودان الى دراسة وتحقيق تاريخى منفصل وجهود متعددة يجب ان يتعاون على القيام بها مجموعة من الباحثين فى المستقبل القريب . وفى هذه العجالة سوف نلقى اضاءات على بعض رؤوس المواضيع التى تستحق المزيد من التوثيق والعمل لاخراج تفاصيلها وتاثيراتها التاريخية الى النور, وجعلها جزءا من التاريخ الوطنى السودانى. فالتاريخ حول السود فى السودان سواءا رقيق ام سكان مناطق معينة لم يكتبوه بانفسهم , ولم تكن لهم وسيلة لكتابته, وبالنتيجة كان هناك الكثير مما لم يوثق له بعد. وبنظرة خاطفة للقرنين الاخيرين اللذان شكلا السودان كدولة ذات سيادة بشكلها الحالى, نجد ان حركات مقاومة متعددة قامت فى مناطق مختلفة . اضافة الى تململ وثورات من قبل الرقيق انفسهم, وخاصة اولئك العاملين فى الجيوش للحكومات المتعاقبةو وهذا ملمح هام لحركات السود للمقاومة.
تعليق واحد
صدق الكاتب علي قلم يوشيكو كويتا ان منهج الاستهوان المتعمد الذي تبعة وانتهجة كل المؤرخين العرب من تقليل شان السوداني او بالاحرى سكان الارض الاصليين وتغابوا عنها في جملتهم الا من عدد قليل هو اداء احترافي الهدف الاقصاء والتهميش لتخدم هذا الفعل مصالحهم الشخصية في السودان والسبطرة علي مقدراتها وليخدم مصالح الشعب العربي كافه في السودان تعمدوا علي بتر واستثصال شعوب الارض بالرق ونخاستهم في اسواق بغداد والخليج العربي واسيوط الذى كان يوجد فية مزرعة لاستيلاد البشرى ايدفع بهم الي الجندية و البنات يعملن لدى كبراء القوم والتجار المرجع التربية والتعليم في السودان لقد غض المررخين الطرف عن الحديث الابطال بل شوهوا التاريخ السودان وحاولوا عكس الصورة وجعلوا من انفسهم الاصل دون شركاء الوطن الذين يخضون كل الحروب في السودان وخارج السودان في شرق الاوسط والعراق والمكسيك في يوغندا تلذين براد لهم ان يبادوا من علي أراض السودان و أيضا اتفافية البقط والذى كان بموجبة اربعمائة من خيرة شباب وشبات السودان .في عام تسعة وستين سنة الف وتسعمائة ميلادية عندما تركت بلدتي كاودا واستخرجت شهادة الجنسية السودانية لم اجد صعوبة فى استخراجها لعدم اقبال العرب عليها وكان الراي المتداول في الوفت ان العرب لا يحسبون في ذمرة السودانيين لا يتقبلون ان ينادوا بالسودانى وهم يحسبون انفسهم الاصل من العرب الافحاح ويرفضون استخراج الجنسية السودانية لعهد قريب .لانها مرتبطة باللون الاسود و فجاة عندما طرحت حكومة نميرى ارانيك الخطة الاسكانية والذي يتطلب بمقدمة ان يكون مرفق صورة من الجنسية السودانية ونقلب الصورو بين ليلة وضحاها وصعبت الجنسية على كل ابناء الوطن فى غرب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق و دارفور والجنوبيين في ذلك الوفت حتي لا يستفيدوا من الخطة الخمسية فى التخطيط الاسكانى واسرع العرب في السودان وخارج السودان لاستخراج شهاده وبهذا وتحت مظلة المنفعة تكالبوا عليها لامتلاك قطعات الاراضي لهم ولابنائهم الغير البالغين لسن التقديم لقطعة الارض السكنية والتجارية والزراعية ولقد شحن العقول العنصرية منذ فترة طويلة ولم يتخلصوا من العنصرية من انفسهم رغم الادعاء والنفاق على سودانتهم ومازال يتعلقون بماضي الاقطار العربية التي منها اسلافهم فتقوقعوا في شرنقة العروبة ليسنا في حاجة إلى من يتنكر علي سودانتة ولن نقبل أبدا أن نبقى ملتصقين بجلود يتنكر علي جلدى