بسم الله الرحمن الرحيم
عبدالغني بريش فيوف
يمكن تعريف الجيش الوطني، على أنه مجموعة من الأفراد هدفهم حماية حدود الدولة وأمنها القومى، ومواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية، وصد أى عدوان خارجي، كما أن هؤلاء الأفراد يفترض أن لا يكون لهم توجه سياسى أو دينى أو اثني، وتجمعهم فقط راية الوطن ..كما أن الجيشهو دعامة الشعوب، وحصنها الدافئ ودرعها الواقي ، وهو رمزالسيادة، وعنوان المجد، وعلامة العظمة، فعظمة الشعوب من قوة جيوشها. والجيش بهذا المفهوم ، يحتل مكانة خاصة في قلوب أبناء المجتمع، ويحظى بمكانة مرموقة في حياة الأمم والدول.
وإذا كان اعلاه هو مفهوم الجيش في كثير من الدول -خاصة في الدول الغربية ..فهل المفهوم ذاته ينطبق على ما يسمى بالجيش السوداني ،أو هل هناك جيش سوداني وطني أصلاً؟..
يقال ان أول نواة للجيش السوداني تأسست عام 1925م، وأطلق عليها آنذاك “قوة دفاع السودان” قوامها عدد من الجنود السودانيين تحت أمرة الجيش البريطاني ، وفي عام 1956 تم تكوين الجيش السوداني (قوات الشعب المسلحة) ابتدأ بفرقة المشاة ثم البحرية والجوية وغيرها. لكن تشكيل ما يسمى بالجيش السوداني الحديث أو(المؤسسة العسكرية السودانية) تم في عام 1956 أي بعد استقلال السودان مباشرة من بريطانيا ، وانضم إليه معظم القبائل السودانية سيما -قبائل جبال النوبة والمسيرية والحوازمة والقبائل الجنوبية (الدينكا -النوير -الشلك -وووالخ) ايماناً منها بأن هدف هذا الجيش هو حماية حدود الدولة وأمنها القومى، ومواجهة الكوارث الطبيعية والبيئية، وصد أى عدوان خارجي. إلآ أن المفاجأة الكبرى كانت عندما تم توجيه الجيش الجديد في أول تجربة له إلى جنوب السودان لخوض الحرب الأهلية التي اندلعت في أغسطس/آب عام 1955 بين جماعات سودانية مسلحة وسلطات الخرطوموالتي لم تنتهي إلآ بإنفصال جنوب السودان عن شماله عام 2011.
الحديث عن وطنية الجيش السوداني ومهنيته حديث قديم لكنه يتجدد دائما. لكن السؤال الذي غالبا ما يواجه الكل هو ..هل للسودان جيش وطني حقيقي؟ ولماذا لم يخض هذا الجيش منذ تأسيسه حروبا خارجية ، بل كانت كل حروبه ضد الشعوب السودانية والحركات المسلحة الداخلية التي تطالب بحقوقها المشروعة؟..
وللإجابة على السؤال أعلاه يمكن القول ان الجيش السوداني الحديث الذي تم تأسيسه في عام 1956 كانت أولى تجربة له كما قلت ،إلى جنوب السودان للقضاء على التمرد هناك بأمر من النظام الحاكم في الخرطوم آنذاك. كما خاض هذا الجيش في فترات مختلفة من تأريخ السودان إلى أجزاء متفرقة من البلاد لإخماد التظاهرات والإحتجاجات الشعبية ،ويتذكر الكل تلك القدرات الخارقة التي أبدتها القوات المسلحة في مواقع متعددة لمواجهة المتظاهرين وكسر عظامهم ، لكنها لم تبدي نفس القدرات في أحداث مثلث حلايب في 1994 عندما هربت كالجرذان أمام تقدم الجيش المصري الذي ما زال يحتل هذه الأرض السودانية الغالية.
ولا ننسى منطقة (فشقة) المحتلة أثيوبيا منذ ما يزيد على عشرين عاما حيث أن هذا الجيش المغوار لم يستطع الصمود أمام بضعة عشرات من أفراد الجيش الأثيوبي الذين تقدموا ووضعوا أيديهم على هذه المنطقة السودانية الغنية بكل الموارد الطبيعية في خلال سويعات قليلة. وبعكس هاتين الحادثتين كانت القوات المسلحة السودانية مستشرسة وتقدم أروع الملاحم البطولية عندما تواجه الشعب.
لقد أثبتت الأيام والتجارب المتعددة منذ 1956 وحتى الآن أن السودان لا يمتلك جيشا وطنيا ينتمي إلى الشعب ويحمي مصالحه ويدافع عن حدوده وسيادته الإقليمية وحرمة أراضيه ، بل ان جيشه عبارة عن مجموعة من التشيكلات العسكرية التي يحتكر قيادتها مجموعة من الأفراد المنتمين إلى عائلة واحدة، وعلى الأكثر إلى قبيلة واحدة. وإذا كان الدخول إلى هذه المؤسسة العسكرية سهل إلى حدٍ ما ، إلآ أن تبوء موقع قيادي فيها بالنسبة لبعض المناطق أو القبائل صعب جدا بسبب سياسة التمييز في “الترقيات” التي صارت حكرا على مناطق دون سواها. أما المناطق والقبائل الأخرى كالنوبة والمسيرية والحوازمة يتم استخدامها كوقود بشرية للدفاع عن الأنظمة في المركز وفرص ترقية أبناءها لا تتعدى رُتباً بعينها ومن ثم الإحالة للمعاش أو الصالح العام.
ليس فقط التمييز الجهوي والقبائلي الذي افرغ الجيش السوداني من وطنيته وقوميته ، بل أن هذا الجيش بعد مجئ الجبهة الإسلامية القومية في عام 1989 إلى السلطة ، تحول إلى جيش اسلامي بعقيدة دينية ، واتضح ذلك من خلال سياسة الإحالة للصالح العام من جهة ثم إحلال عسكريين وضباط غير اسلاميين بعناصر أخرى إسلامية ، واتبع عقيدة الجهاد الإسلامي وتقسيم السودان إلى دار سلم و دار حرب. وهذا ما يفسر اشتداد واستعار الحروب على الهوامش طيلة السنوات التى تلت استيلاء الحركة الإسلامية على السلطة فى السودان.
ولكي لا يتهمنا أحدهم بالكذب على ما أوردناه من حقائق دامغة عن أسلمة الجيش السوداني ، سأورد واحدة من الفتاوى التي صدرت في العام ١٩٩٢م ضد النوبة وما زالت قائمة حتى اليوم.
صدرت هذه الفتوى عنمؤتمر العلماء، وائمة المساجد ومشائخ الطرق الصوفية بولاية كردفان، المنعقد بقاعة اللجنة الشعبية بالابيض بتأريخ الاثنين ٢٤شوال ١٤١٣ه الموافق ٢٧نيسان (ابريل) ١٩٩٢م، الفتوى التالية، بوجوب الجهاد في الحرب الدائرة بجنوب ولاية كردفان وجنوب السودان:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
اولا:
ان المتمردين في جنوب كردفان او في جنوب السودان بدأوا تمردهم على الدولة، واعلنوا الحرب على المسلمين، وشرعوا فيها فعلا، ووجهوا همهم الاكبر بقتل المسلمين وتخريب المساجد وحرق المصاحف وتلويثها بالقاذورات وانتهاك اعراض المسلمين مدفعوين بتحريض من اعداء الاسلام والمسلمين من الصهاينة والصليبيين والاستكباريين الذين يمدونهم بالمؤن والسلاح، وعليه يكون المتمرد المسلم منهم في السابق مراتدا عن الاسلام وغير المسلم منهم كافر يقف في وجه الدعوة الاسلامية وكلاهما اوجب الاسلام حرية قتاله بالادلة التالية:
(١) قال تعالى: “يا ايها الذين امنوا من يرتد منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم يحبهم ويحبونه أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله لا يخافون لومة لائم ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم” (المائدة/٥٤).
(٢) ‘ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردونكم عن دينكم أن استطاعوا ومن يرتد منكم عن دينه فأولئك حبطت اعمالهم في الدنيا والاخرة وأولئك هم اصحاب النار هم فيها خالدون” (البقرة٢/٢١٧).
ومن الادلة على مشروعية قتالهم قوله تعالى:
(٣) “يا ايها النبي جاهد الكفار والمنافقين وأغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير” (التحريم٦٦/٩).
والدليل على قتال الخوارج قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
(٤) ” من أتاكم وأمركم جميعا وأراد أن يفرق جماعتكم فأقتلوه”.
رواه مسلم عن الصحابي الجليل عرفجة بن شريح.
(٥) وقدوتنا في قتال المرتدين فعل الخليفة الاول سيدنا ابوبكر الصديق رضي الله عنه بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وارتداد بعض الاعراب. قال قولته المشهورة:
” والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة”، وقال ايضا:” والله لو منعوني عقال بعير كانوا يؤدونه لرسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم حتى يردوه”. ومن الأثر قتال سيدنا علي ابن ابي طالب الخوارج بعد نهاية حرب صفين.
اما الذين يعاملون الخوارج والمتمردين من المسلمين والذين يتشككون في مشروعية الجهاد فهم المنافقون وخارجون عن دين الاسلام ومرتدين عنه فلهم عذاب النار خالدين فيها ابدا. ومن الايات التي تدل على ذلك قول الله سبحانه وتعالى:” ان المنافين في الدرك الاسفل من النار” ( النساء٤/١٤٥). وقوله تعالى: ” وبشر المنافقين بأن لهم عذابا اليما. الذين يتخذون الكافرين اولياء، من دون المؤمنين ليبتغون عندهم العزة فأن العزة لله جميعا” (النساء٤/١٣٨،١٣٩). صدق الله العظيم
عنهم:
1/الشيخ موسى عبدالجليل
2/الشيخ مشاور جمعة سهل
3/الشيخ محمد صالح عبدالباقي
4/الشيخ قرشي محمد الكور
5/الشيخ الناير أحمد الطيب
6/الشيخ اسماعيل عبدالسيد عبدالله
المصدر …صحف النظام..
تلك هي الفتوى الجهادية الإرهابية التي صدرت ضد قبائل النوبة ، وعلى ضوءها تحرك الجيش السوداني مسنوداً بقوات الدفاع الشعبي والمجاهدين ومليشيات قبلية ضد الجيش الشعبي التابع للحركة الشعبية في منطقة عمليات رقم “2” بجبال النوبة في الفترة من 1992 -1996 وقضت على الأخضر واليابس حرقا وتدميرا ، وقتلت الأطفال والنساء والرجال ، والمسلم والمسيحي ، وتكاد المنظمات والمؤسسات الحقوقية والإعلامية تقف عاجزة عن إحصاء المجازر في هذه الحملة المسجلة باسم الجيش السوداني،والميليشيات الرديفة حتى يومنا هذا.
ما قامت به القوات المسلحة السودانية في جبال النوبة والنيل الأزرق وجنوب السودان ودارفور بعد مجئ حكومة الإنقاذ ، تضعها دون أدنى شك في خانة القوات الحزبية التي تتبعلتنظيم الحركة الإسلامية السودانية وليس للسودان كوطن يتميز بالتعددية والتنوع العرقى والدينى والثقافى والجهوى. وعليه من المعيب أن نطلق عليها اسم “الجيش السوداني الوطني”، لأن السودان له تاريخ وحضارة قديمة ومتأصلة ومتجذرة بالصدق والإخلاص وكل القيم النبيلة، وهذا ما لم نجده في هذا الجيش الذي أظهر حقداً وإجراماً وقتلاً وتدميراً بحق شعبنا.
الكلام عن وطنية وقومية الجيش السوداني من عدمها ، له علاقة مباشرة بموضوع هيكلة الدولة السودانية التي تحدثت عنها الحركة الشعبية منذ قيامها عام 1983 في بياناتها السياسية. لكن منذ اعلان الجنوب استقلاله عن شماله في عام 2011 يجري التفاوض بين الحركة الشعبية ونظام الخرطوم على هيكلة الجيش والشرطة والأجهزة الأمنية السودانية الأخرى ودمج الجيش الشعبي فيها ، دون هيكلة الدولة السودانية بأكملها في تناقض واضح لأهداف الحركة الشعبية ، إذ لا يعقل ان يقود جلاد الخرطوم هذه العملية المصيرية الكبيرة ..لكن على كل حال هذا ما تم الإتفاق عليه في مفاوضات أديس ابابا في جولتها الـــ15 والأخيرة في يونيو 2016 بين الأمين العام المقال وعماد عدوي.
نعم -تم الإتفاق على خمس نقاط أساسية لدمج الجيش الشعبي في جيش حزب البشير ذات العقيدة الجهادية الإسلامية ، وتم ايداع هذه النقاط الخمس فعلاً لدى الوساطة الأفريقية لإعتمادها كمرجعية لأي مفاوضات قادمة دون العودة لقيادة الجيش الشعبي ومجلس تحرير وحكومة المنطقتين. وكان الكشف عن فحوى النقاط الخمس هو القشة التي قصمت ظهر البعير وجعل مجلس تحرير جبال النوبة يصدر قراراته التأريخية المعروفة.
إنها الحقيقة المؤلمة والمرة التي بيناها عن الجيش السوداني في أعلى المقال ..لكن الأمين العام المقال ياسر عرمان يرى عكس ذلك ، وسعى حثيثاً لدمج الجيش الشعبي الحر في مليشيات جهادية اسلامية ومرتزقة عابرة للحدود. وللمضي قدما في خطته الجهنمي هذه أخفى الأمين العام المخلوع النقاط الخمس عن نائب رئيس الحركة القائد/عبدالعزيز آدم الحلو وقيادات أخرى من جبال النوبة والنيل الأزرق ، وهذا يعني أنه مبيت النية على نزع سلاح الجيش الشعبي لصالح حكومة الإسلاميين ، وهو الذي كان دائما يقول (ناس الجيش الشعبي ديل بننزلوهم في أي محطة؟)!.
من هنا يمكن أن نجزم بأن مهندسى المبادئ الخمسة لدمج الجيش الشعبى فى جيش الحركة الإسلامية لم يكن هدفهم الدفاع عن الجيش الشعبي وحماية سلاحه وعقيدته القتاية التى تقوم على رؤية السودان الجديد (الوحدة فى التنوع) ، بل أن هدفهم هو دمجه في مليشيات المؤتمر الوطنى والحركة الإسلامية التى تقوم رؤيتها على الآحادية العرقية والدينية والثقافية والجهوية فى بلد لا يميزه عن سائر دول العالم إلآ التعدد والتنوع.
السؤال الذى يطرح نفسه هو: كيف يجوز للجيش الشعبى أن يسلم سلاحه لذات الجلاد الذى ثار ضد سياساته القائمة على التفرقة الدينية والعنصرية، ومن دون تخلى ذلك الجلاد عن أدواته وسياساته المتمثلة في تحكيم الشريعة الإسلامية التى تفرق بين المواطنين على أساس العقيدة والعرق. بل نفس الجبهة الاسلامية التى أعلنت الجهاد على النوبة كشعب (المسلم منهم والمسيحى)، ليس لذنب ارتكبوه سوى اختلاف العرق والثقافة.
إن شعوب الهامش وبالاخص النوبة والفونج والفور ، ليست على استعداد للانتحار بتسليم بنادقها لمهندسى ومنفذى سياسة الإبادة الجماعية المطلوبين للجنائية الدولية. وحتماً لا يستقيم عقلا أن يقبل الجيش الشعبى لتحرير السودان بتسليم سلاحه فى ظل هذه السياسات القائمة على التطهير العرقى والابادة والاحتلال للقتلة ومجرمى الحرب.
بعض السذج وشذاذ الأفاق يتحدثون عن استنساخ تجربة جنوب افريقيا فى السودان دون تبصر ودون اعتبار للفرق الشاسع بين نظام الابارتهايد فى جنوب افريقيا دكليرك وسودان البشير. حيث كان نظام الابارتهايد فى جنوب افريقيا رغم وحشيته وظلمه لم يصل مستوى ممارسة الإبادة الجماعية أو التطهير العرقى ضد السود فى جنوب افريقيا كما يحدث الآن على يد نظام الحركة الإسلامية العنصرى الحاكم فى السودان ، ومنذ العام 1989تم ابادة ما لا يقل عن أربعة ملايين من مواطني السودان وشرد وهجر أكثر من ثمانية ملايين كلاجئين خارج السودان. ولا يزال يواصل سياسات الإبادة حتى وصل إلى مستوى استخدام الأسلحة الكيمائية المحرمة دوليا لتحقيق استراتيجيته وأهدافه اللا إنسانية المتمثلة فى التخلص من العناصر الأفريقية واحتلال الأرض ليحقق تصوره المعتل لدولة النقاء العرقى العربي داخل أفريقيا. ولم نكن مخطئين لو وصفنا نظام الابارتهايد السابق فى جنوب أفريقيا على سوئه بالعقلانية مقارنة بنظام الإنقاذ الاسلامى الذى وصلت عنصريته النتنة حد إبادة مواطنى البلد وعلى رأسهم المسلمين بدارفور رغم شعاراته وتبجحه بانه نظام حكم قائم على تعاليم الشريعة الاسلامية.
كما قلنا سابقا ونكرره هنا أن سلاح الجيش الشعبي ليس لصيد الأرانب والغزلان ، إنما سلاح لصد عدون نظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ، ورد الحقوق لأهلها ، وأن دماء الرفاق تقول لا لتسليم سلاح الجيش الشعبي ولا مساومة على حقوق شعوب الهامش و ثوابتها الراسخة مهما بلغت التضحيات. وأن المدخل الصحيح لأي سلام واستقرار في السودان هو هيكلة الدولة برمتها كهدف من أهداف الحركة الشعبية لبناء سودان جديد …والسودان الجديد لا يعني رمي السودانيين الحاليين في البحر واتيان بسودانيين جدد من كواكب أخرى ، إنما هو مشروع ينادي بإضفاء قيمة عملية جوهرية على وضعية الإنسان السوداني في المجتمع من الناحية السياسية والاجتماعية والاقتصادية ووالخ… سودان جديد بعقلية أخلاقية من أجل الانعتاق من المأزق السوداني المزمن …سودان جديد بعقل يحارب كل أشكال الجهل والتسلط.