بقلم : أ . محمود يوسف
كانت جماعة الإخوان المسلمين السودانية ، تسمى ب الكيزان (الكأس) لأنهم قالوا أن الإسلام هو البحر وأنهم كيزان (الكأس) وبه يغترفون من هذا البحر. ناقشت هذه الحركة الحل النهائي لنوع الحكوم فيما يتعلق بنظام الحكم المستقبلي في السودان إذا كان هناك احتمال بأن يحكم السودان مسيحي، ولجأوا إلى قرار بفصل جنوب السودان بدلاً من قبول مثل هذا الواقع (في الواقع كان القرار من منطلق عرقي).
بالنسبة للحركة الشعبية لتحرير السودان، كان دكتورجون قرنق دي مابيور بطل رؤية السودان الجديد، وهي الرؤية التي استندت إلى استعادة الأحلام المحطمة للقوميين السودانيين الذين كان هدفهم بناء الدولة على أساس القومية وليس القبلية / الواقع العرقي للمجتمع السوداني الذي عمقه الزعماء الطائفيين وبدعم من البريطانيين في عام 1924 ، والذي تطور إلى نوع من نظام الفصل العنصري والذي يصعب فهمه بسهولة من قبل المراقبين الخارجيين. لسوءالحظ، تحطم ذلك الحلم أيضًا بالموت المفاجئ لدكتور جون قرنق دي مابيور مساء 30 يوليو 2005 ، أثناء عودته من عنتيبي إلى موقعه بنيوسايت في جنوب السودان. بالنسبة إلى الرئيس الجديد للحركة الشعبية لتحرير السودان، على الرغم من أنه كان نائبًا لقرنق، عندما تولى مهام منصبه ، بدأ في إعداد السكان للاستفتاء لإنشاء جمهورية جنوب السودان. من ناحية أخرى، عمل الأمريكيون والأوروبيون والدول الإفريقية بجد لإحلال السلام في دارفور بكل الوسائل ، لكي لا يفسد العملية في جنوب السودان ؛ والتي أسفرت عن التوقيع بعجل على إعلان المبادئ لحل النزاع السوداني في دارفور في 5 يوليو 2005 ، بين الحكومة السودانية وحركة تحرير السودان التي إنشقت برئاسة أركوميني مناي [15] ،وتم مكافأة البشير.
كانت الأهداف الرئيسية لحزب المؤتمر الوطني الحاكم من توقيع الاتفاقيتين هي إضعاف الحركات الدارفورية، لاسيما الحركتان اللتان رفضتا توقيع اتفاق أبوجا. وعلى الرغم من أن حركة العدل والمساواة لدكتور خليل عثمان قد تمكنت من الدخول إلى أمدرمان في مايو 2008 ، فبعد ثلاث سنوات فقط تفككت حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان الي عدة حركات ، وعمر البشير بعد استغلاله الزعيم القبلي موسى هلال، الذي تم إخراجه من السجن في عام 2002 وتمويله لإنشاء مليشيا الجنجويد المتشددة التي نفذت جزءًا من الإبادة الجماعية في دارفور بين عامي 2002 و 2006 وبعد ذلك تحولت إلى قوات حرس الحدود ، عندما أدرك البشير أنه ذو طموح جارف ويمكنه إجراء تحالف مع المتمردين، قام البشير بتمويل محمد حمدان دوقلو حميدتي ، ابن عم هلال بالمال والأسلحة الثقيلة وشكل قوة الدعم السريع ، ليحل محل هلال لمحاربة كل من الحركات الدارفورية ثم الجيش الشعبي لتحرير السودان–شمال في جبال النوبة، ومن خلال شبكات الجواسيس والمخابرات الخارجية نجح حمدتي في دارفور، خاصة بعد استقلال جنوب السودان، لكنه فشل في جبال النوبة.
خلال الفترة الإنتقالية بين 2005-2011 ، أثناء تنفيذ اتفاق السلام الشامل، سيطر حزب المؤتمر الوطني على السلطة في شمال السودان وأصدر العديد من القوانين التي تتعارض مع الدستور المؤقت، ولكن شريكه الحركة الشعبية لتحرير السودان عملت بشكل رئيسي على الاستعداد لليوم الكبير وعلى الرغم من أن الانتخابات العامة كانت الفرصة التي طال انتظارها لتغيير النظام السلمي في السودان، لكن الحركة الشعبية لتحرير السودان قبلت طلب مرشحها ياسر عرمان بسحب ترشيحه، ورمي بآمال الملايين ممن كانوا يؤملون بالتحول السلمي وإسترجاع كراماتهم، ولاسيما الأشخاص المهمشين في جبال النوبة ودارفور والأزرق النيل والذين بذلوا الغالي والرخيص في سبل نجاح الجيش الشعبي ، ويري العديدين ان في ألمسألة إن [19] ؛ وبالتالي بهذه السهولة التي تمكن البشير من الفوز في الانتخابات، كان الاستفتاء على هذا النحو وحصل جنوب السودان على الاستقلال وترك السودان في أيدي سلطة استبدادية لاترحم على الرغم من أننا كنا قد توقعنا هذا منذ عام 2006 [12] ، حيث بعد شهر – أعلن البشير في كسلا أنه “بعد انفصال جنوب السودان، أصبح السودان ثقافة عربية ودينًا إسلاميًا كاملًا” ، مما يعني أنه لايعترف بوجود النوبة والفونج والدارفوريين ولا بوجود ثقافتهم ، مع العلم انه يوجد الكثيرون في شمال وشرق السودان مم العناصر الافريقية ويشكلون معا الاكثرية. لقد شعرت الحكومة بحرية مطلقة في إذلا أي شخص، وجلد النساء في الأماكن العامة، وسرقة الأموال العامة بطريقة لم تشهد العالم لها من مثيل. ولقد كشف موقع الويكيليكس مؤخرًا أن وزير الطاقة عواض أحمد الجاز، الذي كان مقربًا من البشير، يودع في حسابه في أوروبا مبلغ 64 مليار دولار ، بينما بلغت ديون السودان الخارجية 54 ملياردولار. ولديه حسابات أخرى في ماليزيا، ويبلغ إجمالي أموال مسؤولي حزب المؤتمر الوطني في ماليزي اأكثر من 45 مليار دولار، في حين أن السودانيين يعانون من نقص الاحتياجات الأساسية، وهذا الفساد وغيرها وثقها الكاتب فتحي الضو في عدة كتب من بينها الخندق [20]. كان أمل الشعب السوداني في التغيير كبيرًا للغاية عندما وصل دكتور جون قرنق إلى الخرطوم ليؤدي اليمين الدستوري في 8 يوليو 2005 وتلقاه مايتراوح بين 6 و 8 ملايين، لسوء الحظ فلقد تحطمت آمالهم مع تحطم مروحيته في تلك الحادث المؤلمة في 30 يوليو 2005.