بقلم : أ . محمود يوسف
في عام 1992 مباشرة بعد سيطرة الإخوان المسلمين على البلاد في عام 1989 ، تم شكيل تحالف من أربعة عشر من الأحزاب والمنظمات والشخصيات المعارضة في ظل التحالف الوطني الديمقراطي، وأطلقت قاعدة في شرق السودان في عام 1995 ، برئاسة لواء السودان الجديد باعتباره الجناح الشمالي للجيش الشعبي لتحرير السودان، وكانت هناك قوى أخرى هي حزب الأمة والحزب الاتحادي الديمقراطي والتحالف الديمقراطي والحزب الفيدرالي [14] ، لكن تم إعاقة ذلك بشدة عندما فرالصادق المهدي من السودان في عملية تهتدون في ديسمبر 1996 ، وعاد الي السودان بعد اتفاقية جيبوتي في نوفمبر 1999 ، لكن التجمع الوطني الديمقراطي واصل القتال حتى عام 2004 ،نجح في تحقيق العديد من الأهداف السياسية التي ساعدت في بناء شخصية الدكتور جون قرنق باعتباره القائد القومي السوداني الثالث.
رجوعا الي العام، 1992 وبعد المحاولة الفاشلة للجيش الشعبي لتحرير السودان ليكون له وجود في دارفور، صرح الدكتور حسن عبدالله الترابي أن “القبائل الأفريقية ليست جديرة بالثقة في نشر الإسلام ويجب استبدالها بالقبائل العربية في المناطق الحدودية” ، وبالتالي التقت حكومة الانقاذ والتحالف العربي في هدف تفكيك العناصر الإفريقية والقضاء عليها والسيطرة على أراضيهم وسلطتهم، وقد ورد ذكر ذلك في الخطة الإستراتيجية القومية السودانية الشاملة للفترة 1992-2002 ، المجلد الأول، تحت استراتيجية السكان: إعادة توزيع السكان بطريقة يمكن أن تحقق التطورات وتقوية الأمن القومي [17] الذي يبدو أنه خطط له من قبل كل من النظام والتحالف العربي، وهكذا بدأت الحكومة في عام 1993 سياسة إحلال القبائل العربية من تشاد ومالي والنيجر في دارفور، مما يشير إلى بداية استبدال القبائل الأفريقية بعرب عبر الحدود والتي ألهبت الأوضاع في المناطق المحلية، ولقد ارتكبت الكثير من الفظائع ضد القبائل الأفريقية، لكن تم التعتيم عليها بالكامل من قبل المركز على الرغم من أنه تم اكتشاف بعض الخطط السرية [18] ، وفي عام 1999 قرر الدكتور حسن عبدالله الترابي الذي كان رئيسا للبرلمان التحول الي التعددية الحزبية، ولكن عارضته مجموعة مكونة من عشرة من الأعضاء الشماليين في الجبهة الإسلامية القومية، بقيادة نائبه علي عثمان محمد طهبالاضافة الي الرئيس عمر حسن البشير، الذين اعتقدوا أن الأفارقة سوف يهيمنون بحكم أغلبيتهم.
حدث هذا الانقسام على أساس عرقي، على الرغم من وجود بعض الشماليين لايزالوا موالين للدكتور حسن عبدالله الترابي. حل البشير البرلمان لإضعاف سلطة دكتور الترابي ثم ألقي القبض عليه، استقال دكتور الترابي من حزب المؤتمر الوطني وشكل حزب المؤتمر الشعبي ودخل الحزبين في مرحلة جديدة من المعاداة المريرة. في عام 2000 ، اشتدت الحرب في جنوب السودان وجبال النوبة والنيل الأزرق وشرق السودان، حيث استولت قوات التجمع الوطني/لواء السودان الجديد على مدينة كسلا في ديسمبر 2000 ، وجدت الحكومة نفسها تقاتل في خمس جبهات مختلفة في نفس الوقت، ووقعت على بروتوكول مشاكوس في 20 يوليو، في عام 2002 ، فبرر غازي صلاح الدين االعتباني، رئيس الوفد السوداني، الذي استجاب لسؤال أحد السودانيين في نيروبي عندما سأله عن سبب منح الجنوبيين حق تقرير المصير، فقال “أليس من الأفضل توقيع بروتوكول مشاكوس بدلاً من انتظار أن تأتي دارفور ؟ ” [13]. خلال تلك الفترة كانت الترتيبات تجري في دارفور سراً، والتي تمثل بداية للإبادة الجماعية، والتي بدأت في الظهور فقط عندما تشكلت جبهة تحرير دارفور في مارس 2003 برئاسة عبدالواحد محمد نور، والتي أعيدت تسميتها إلى حركة تحرير السودان/الجيش برئاسة عبدالواحد محمد نور والقيادة العسكرية للشهيد عبدالله أبكر، وفي أوائل عام 2004 ، تم انتخاب مني أركو مناوي أمينًا عامًا، ثم تبعه بعد شهرين حركة / جيش العدالة والمساواة كردود للأفعال والفظائع التي ارتكبتها مليشيات الجنجويد في دارفور، وجهت كلتا الحركتين ضربات قاتلة للحكومة السودانية [15]. أدت الشعور بالتهديدات من هذه الجبهات ، الي قيام بعض من أعضاء الوفد الحكومي خلال مفاوضات نانوكي في مايو 2003 ، بإتصالات سرية، وبعد ذلك تم التوقيع على الترتيبات الأمنية في نيفاشا، كينيا في 25 سبتمبر 2003 ، وقسمة الثروة في يناير 2004 ، وقسمة السلطة في 26 مايو 2004 ، تم بروتوكول حل نزاع أبيي في 26 مايو 2004 وحل النزاع في ولايتي جنوب كردفان و النيل الأزرق في 26 مايو 2004 ،وأخيراً تم التوقيع علي إتفاقية السلام الشامل في نيروبي، في 10 يناير، 2005 .