بقلم : أ . محمود يوسف
بالنسبة لجنوب السودان، في عام 1947 وقبل استقلال السودان ، أحضر البريطانيون بعض الكتبة الجنوبيين وزعماء القبائل مع السياسيين الشماليين في مؤتمر في جوبا ، لمناقشة العلاقة المستقبلية للبلاد ، مع ثلاثة خيارات للاستقلال أو الدمج مع دول شرق إفريقيا أو البقاء في السودان الموحد، وافق قادة الجنوب على البقاء تحت السودان الموحد، ولكن كان ذلك مشروطًا بنظام فيدرالي خاص. في ديسمبر 1955 ، وافق البرلمان على مناقشة ذلك في أول جلسة في الدورة الجديدة بعد الاستقلال، لمنح نظام الحكم الفيدرالي الي جنوب السودان، والذي لم يتم احترامه [1].
قبل ذلك، تمردت القوات الجنوبية في 15 أغسطس 1955 [11] ، مما أدى إلى الحرب الأولى التي استمرت حتى 21 أكتوبر 1964 ونجاح ثورة أكتوبر للإطاحة بالحكومة العسكرية للجنرال إبراهيم عبود. كانت القضية الرئيسية وراء ذلك هي الحل السلمي للنزاع الجنوبي، لذلك عُقد مؤتمر المائدة المستديرة [1]. ولقد عارض قرارالمؤتمر كل من الصادق المهدي والدكتور حسن عبدالله الترابي [12] ، الذي عمل محاضر في جامعة الخرطوم والذي انتخب رئيسا لجماعة الإخوان المسلمين في عام 1959 بعد حصوله على درجة الدكتوراه من جامعة السوربون في فرنسا وماجستير من أكسفورد، لقد عارض كلاهما توصية المؤتمر وزعما أن السودان لا يستطيع أن يحكم أو ينوب عن رئيسه إلا المسلمين [12].
لقد عملوا على تقويض الحزب الشيوعي السوداني ، وحله، والذي كان رد فعله هو الاستيلاء على السلطة في 25 مايو 1969 تحت حكم جعفر محمد النميري ، الذي تخلص من الحزب الشيوعي السودانيلاحقا في عام 1970 وقتل زعمائه في عام 1971. وعلى الرغم من أنه حل الصراع الجنوبي في مارس 1972 ، لكنه انتهك الاتفاق في مارس 1983 بتقسيم إقليم جنوب السودان إلى ثلاث ولايات، مما قلل من سلطته ونفذ قوانين الشريعة في سبتمبر من ذلك العام بعد ضمه للصادق المهدي والدكتور حسن عبدالله الترابي إلى حكومته في عام 1978 [ 13].
في 16 مايو 1983 ، تم تشكيل الحركة / الجيش الشعبي لتحرير السودان برئاسة دكتور جون قرنق دي مابيور، الذي حوّل القضية من البعد الاقليمي إلى البعد القومي . انضم اليه مجموعات كبيرة من النوبة في وسط السودان، والكثير من الفونج، والبعض من دارفور، وعدد قليل من شمال السودان، استمرت الحرب وتصاعدت حتى عام 1985 عند قيام الإنتفاضة ضد جعفر محمد نميري والتي أطاحت به، ثم تولى السلطة الجنرال عبدالرحمن سوار الدهب ، وأجرى الانتخابات بعد عام واحد، وفاز الصادق المهدي في الانتخابات، بعدعامين، توصل كل من شريكه في الحكم محمد عثمان الميرغني ودكتور جون قرنق دي مابيور إلى اتفاق سلام في أديس أبابا في سبتمبر 1988 ، والذي عارضها شريكه رئيس الوزراء الصادق المهدي، الذي شكل “حكومة اتجاه إسلامي” مع دكتور حسن عبدالله الترابي في نهاية عام 1988 ، في ذلك الوقت، كان الليبيون يدعمون سرا التحالف العربي في دارفور، وإسكت الترابي أعضاءه في “الجبهة القومية الإسلامية” من نقد هذا الاتجاه الليبي [14] .
بعد ضغوط من النقابات والأحزاب السياسية والجيش علي مواصلة الحرب ، لجأ رئيس الوزراء الصادق المهدي إلى تشكيل ائتلاف مع محمد عثمان الميرغني وقبل اتفاقية السلام لعام 1988. كان من المفترض أن توقع الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان اتفاق السلام في 4 يوليو 1989 ، ثم كانت هناك خطط لعقد مؤتمر دستوري في الخرطوم في سبتمبر 1989 ؛ عندما قام الدكتور حسن عبدالله الترابي، الذي غير أسم حركته من الاخوان المسلمين في يوليوعام 1985 إلى الجبهة الإسلامية الوطنية، بانقلاب في 30 يوليو 1989 ،وقام بتنصيب العميد عمر حسن أحمد البشير رئيسًا للتمويه. وأعلنت الانقاذ بعد ذلك الحرب الديني ضد الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان مع أسوأ معاملة للمسلمين في الحركة الشعبية لتحرير السودان، ونجحوا في تعبئة العديد من العوامل داخليا وخارجيا، حيث ساعدوا في الإطاحة بحكومة منغستو هيلي مريام في إثيوبيا. وقاموا باستغلال الانقسام الذي حدث داخل الجيش الشعبي لتحرير السودان بقيادة دكتور رياك مشار ودكتورلام أكول في أغسطس 1991 ، واستولت الحكومة على العديد من المدن من الجيش الشعبي لتحرير السودان حتى عام 1995 عندما بدأ الجيش الشعبي لتحرير السودان في إمتصاص ومواجهة هذه الهجمات، لقد حدث الانشقاق في الجيش الشعبي لتحرير السودان في وقت كانت هنالك قوة قد تم تحضيرها وتهم بالتحرك إلى دارفور في 24 أغسطس 1991 [15] ، افتقرت حكومة البشير إلى القوات في دارفور آنذاك، وقامت بتعبئة القبائل العربية لتحارب الي جانبها بعد ان أوهمتها ان الحركة الشعبية تريد طردها من السزدان ، على الرغم من أن حشد وتعبئة القبائل العربية بدأ أولاً من قبل رئيس الوزراء الصادق المهدي، حيث شكل مليشيات المرحلين في عهده، حينها وفي عام 1988 ، كتب 23 من القيادات العرببية من دارفور خطاباً إلي الصادق المهدي بإسم “التحالف العربي” برئاسة عبدالله مسار، ادعوا أنهم جلبوا التنوير إلى المنطقة ويمثلون 70٪ من السكان ويجب أن يحصلوا على أكثر من 50٪ من المناصب الدستورية في حكومة الاقليم وذات نصيب الاقليم على الصعيد القومي [16]. تم إدانتهم علانية وفي البرلمان. ولكن عندما ذهب الجيش الشعبي لتحرير السودان إلى دارفور، قام الرئيس البشير بتسليح القبائل العربية في عام 1992 لمحاربة قوات الجيش الشعبي لتحرير السودان في كل منطقة قبلية ، وفقًا لحاكم دارفور في ذلك الوقت ، الطيب إبراهيم محمد خير، لعبت القبائل العربية دورًا رئيسيًا في قمع ما سمي آنذاك بحركة داود بولاد الذي كان نائبا ل عبدالعزيز آدم الحلو في قوة الجيش الشعبي. وقال إن السلطة أعطت القبائل العربية مئة أف قطعة من الأسلحة (100,00) [17] ، وقد إنسحب الجيش الشعبي لتحرير السودان من دارفور إلى جنوب السودان عبر جمهورية إفريقيا الوسطى رغم انه كسب 38 معركة في دارفور، لكن انسحب بسبب نقص الدعم اللوجستي، بينما إعتقل نائب قائد القوة المهندس داود يحي بولاد الذي كان على اتصال مع صديق له، وتعرض للخيانة وسلم إلى الحكومة على الرغم من حقيقة بأنه كان الثالث بعد الزعيم الديني الترابي في التسلسل الهرمي للجبهة القومية الإسلامية قبل أن ينشق إلى الجيش الشعبي لتحرير السودان ، لكن باعتباره منشقًا أفريقيًا، فقد أُعدم بلا رحمة على يد زميله في الجامعة الطيب إبراهيم محمد خير [15] فذهب شهيدا الي المولي تعالي حاملا معه ما يحدث من مظالم في السودان وطن أجداده إلي المولي تعالي، هذه الحملة جعلت التحالف العربي عام 1992 مقربا إلى نظام الإنقاذ .