الحاج روما
مما لاشك ان للإقتصاد بشكل عام دور محوري في بناء المجتمعات وتماسكها وتتأثر السياسات الإقتصادية سلبآ او إعجبآ بتلك المجتمعات، وعلي الرغم من الإختلافات في الاراء في دور الدولة في الإقتصاد بين المدارس الإقتصادية المختلفة بين مؤيد لتدخل الدولة في الإقتصاد ومعارض لهذا الراي يري دور الدولة الوقوف كحارس وتحقيق الامن بما يمكن عناصر الانتاج من التحرك بحرية وتخصيص الموارد بناء علي الكفاءة الإقتصادية، في العهد الكلاسيكي، إلا ان هذا العهد قد انتهي وولي دون رجعة والان تقريبآ كل المدارس اتجهت الي البحث عن بديل ووصل العالم الي فكرة دولة الرفاهية التي تسعي لإشباع حاجات المجتمع ، واثر هذا الفهم علي نظريات الإقتصاد المالي وتطبيقاتها في مختلف دول العالم، من هذا المنطلق اصبح ان تركيز الثروة في ايدي القلة من المجتمع وعوذ السواد الاعظم في ذاك المجتمع حتمآ يقود الي حروب وثورات وقلاقل اجتماعية وأزمات اقتصادية، ينتج عنها تدمير الجهاز الانتاجي والبنية الاساسية ومقومات الثروة بشكل عام، وهنا لابد للإشارة لمناطق الصراع في السودان لو اخذنا دارفور كنموذج منذ بداية الصراع توقف الجهاز الانتاجي تمامآ سوي كان المزارع النباتية او الحيوانية التي كانت تمد خزينة الدولة بنسبة 34% من جملة الناتج الاجمالي القومي ،
نرجع الي الموضوع المثار
فمسألة التفاوت الاقتصادي يحول المجتمع الي مجتمع بطريركي أوليجاركي المجتمع الذي يكرس سيطرة القلة علي الدولة وينفي عن المجتمع طابعه الديمقراطي ، لو اسقطنا هذا القانون وهذه النظرية علي واقعنا السوداني نجده يتطابق تمامآ والصراع الذي يدور الان ، رغم ان لصراعنا السوداني عدة اوجه وأبعاد ،ولكن هذا البعد اقصد البعد الإقتصادي له نصيب الاسد في الصراع رغم التجاهل الكبير الذي يجده من قبل المثقفين والفاعليين السياسين، فالتفاوت في الثروات يظهر جليآ ، فمثلآ نجد ان اسر بعينها تمتلك ثروات ضخمة في شكل اراضي استثمارية – شركات ….الخ مملوكة لشباب في اعمار مبكرة حصلوا عليها عن طريق الورثة، هذه الثروات تنمو بمتوالية هندسية في ايدي هؤلاء القلة، في الوقت الذي يذداد السواد الأعظم من الفقراء فقرآ، وهذا بدوره يتيح للقلة المستحوذة علي الثروة عن طريق الميراث فرص علاج وتعليم جيد في اعرق الجامعات والمعاهد العلمية المتطورة مما يؤدي لإستمراريتهم السيطرة علي الدولة والإقتصاد حاضرآ ومستقبلآ في الوقت الذي يقل فيه فرص التعليم الجيد لإبناء الاسر الفقيرة من المجتمع،
ومن المعروف ان من ضمن شروط التحول الديمقراطي في الدولة الحديثة لشغل المناصب العليا هو المعرفة والخبرة والكفاءة، فالتعليم في ظل انسحاب الدولة عن الميدان الإقتصادي وتنصلها عن مسؤلياتها الاجتماعية اصبح الحصول عليها لمن يملك المال فقط ، بالتالي نفس الاسر المهيمنة علي الإقتصاد اتاح لها هيمنتها الإقتصادية السيطرة الفعلية علي الدولة فهي مستعدة تنفق علي ابنائها اكبر حجم من الاموال للإلتحاق بأعرق الجامعات العالمية للحصول علي اجود وافضل انوع العلوم وهذا يضمن لهم السيطرة علي الدولة حاضرآ ومستقبلآ في ظل غياب الكفاءات لدي السوادالاعظم من ابناء الفقراء في المجتمع، وهذا بدوره يؤثر علي عملية التحول الديمقراطي مستقبلآ في السودان