صوت الهامش/ عبدالعزيز يعقوب
للرجل مذكرة توقيف معلّقة في راْسه بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الانسانية في دارفور ظلت تلاحقة أينما ذهب وتسبب مشاكل وازمات للدول التي يزورها .
الزيارة الأولي للبشير منذ أن أصدرت محكمة الجنايات الدولية بلاهاي مذكرة اعتقال بحقة عام 2009 كانت تشاد في يوليو 2010 لحضور اجتماعات مجموعة الساحل والصحراء ، وأعلنت السلطات التشادية في ذلك الوقت التزامها بقرار الاتحاد الأفريقي عدم التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية في شأن مذكرة التوقيف الصادرة بحق عمر البشير .
وبعدها زار عمر البشير كل من : كينيا اغسطس 2010 , جيبوتي مايو 2011 , ملاوي أكتوبر 2011 , ثم بعدها نيجيريا لحضور قمة الاتحاد الأفريقي الَتِي أقيمت في أبوجا يوليو 2013 بشأن مناقشة أمراض الإيدز والسل والملاريا المنتشرة في افريقيا .
وحينها طالبت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمات حقوقية نيجيريا العضو في المحكمة الجنائية علي اعتقال البشير عندما يصل إليها للمشاركة في القمة الأفريقية إلا أن البشير غادر القمة الافريقية في اقل من 24 ساعة ولم يُلقي خطَّاب السودان امام القمة دون إخطار الجهة التي قُدمت إِليه الدعوة علي حسب وسائل إعلام نيجيرية ووقتها أكد محللون أن نيجيريا بالفعل تدرس إلغاء القبض علي البشير لذلك عاد مسرعا إلي الخرطوم .
وزار عمر البشير دول غير أعضاء أيضا في المحكمة الجنائية الدولية مثل مصر ، السعودية الإمارات ، الصين ، الهند .
وفي ابريل 2015 روجت “وزارة الخارجية السودانية بأن البشير سيقوم بزيارة إلي اندونسيا لحضور قمة حركة عدم الانحياز وهي الزيارة الأولي للبشير خارج أفريقيا والشرق الأوسط منذ خمسة سنوات ” الا أن تلك الزيارة ألغيت بشكل مفاجئ وبررت وقتَها الخارجية السودانية أن الزيارة ألغيت بسبب إنشغال الرئيس بالأوضاع الداخلية .
ولأكن هنالك محطات بارزة في زيارات عمر البشير الخارجية وألغت أصداء واسعة وهي جنوب أفريقيا والزيارة الاخيرة للبشير إلي أوغندا التي حضر حفل مراسم تنصيب الرئيس يوري موسفيني الي ولاية خامسة علي التوالي .
وفي يونيو 2015 زار البشير جوهانسبرج في جنوب افريقيا ، لحضور القمة الإفريقية ال 25 التي تمت دعوته إليها وتفاجأ بأن المحكمة العليا بجنوب افريقيا أصدرت أمر بعدم مغادرة البشير لأراضيها لحين النظر في القضايا المتهم فيها من طرف المحكمة الجنائية الدولية ، ومنعت سلطات جنوب افريقيا وقتها الرئيس السوداني من مغادرة جوهانسبرج عقب انتهاء أعمال القمة الإفريقية .
ولاكن تمكن البشير الهرب من جوهانسبرج ونشبت أزمة بين حكومة جنوب افريقيا ومحكمة الاستئناف العليا بجنوب افريقيا ، وقالت المحكمة أن الحكومة تصرفت بطريقة غير مشروعة عن طريق عدم إلغاء القبض عليه .
وأعلنت بعدها حكومة جنوب افريقيا أنها قد تنسحب من المحكمة الجنائية الدولية بعد نشوب خلاف بين السلطتين التنفيدية والقضائية علي خلفية قضية الرئيس السوداني عمر البشير .
والمحكمة الجنائية الدولية ليست لديها وحدة خاصة بها لضمان إنفاذ مذكرات الإعتقال بحق الأشخاص الذين تتهمهم بل تعتمد علي الشرطة من جميع الدول الأعضاء لدي المحكمة لاعتقال المشتبه بهم وتسليمهم إلي المحكمة الجنائية الدولية .
وأشادت بنسودة بقرار المحكمة العليا بجنوب افريقيا ضد إدارة الرئيس جاكوب زوما وقالت ” انه مهم بشأن توضيح التزامات الدول الأطراف لدي المحكمة الجنائية .
ويبدو ان البشير لا يستطيع زيارة جنوب افريقيا في الوقت القريب وهي أيضا رسالة إلي الدول الأطراف الآخري التي ينبغي أن تحترم تلك الالتزامات ، وأنها ملزمة لتنفيذ قرارات المحكمة والقبض علي أي هارب داخل حدودها .
وفي الأسبوع المنصرم قام البشير بزيارة أوغندا لحضور حفل تنصيب الرئيس يوري موسفيني لولاية خامسة علي التوالي .
وكانت وكالة الأنباء السودانية ( سونا ) قد ذكرت في وقت سابق ان البشير سوف يقوم بزيارة لأوغندا وتستغرق الزيارة يومين الا أن عمر البشير عاد مجدداً الي الخرطوم في أقل من 24 ساعةً وقال وزير الدولة للشئون الخارجية كمال اسماعيل للصحفيين في مطار الخرطوم عقب عودة البشير ” أن الزيارة منذ البداية كانت قصيرة وكان فقط لحضور حدث خاص ” .
وطالبت المحكمة الجنائية الدولية ومنظمة العفو لاعتقال البشير اثناء تواجده في كمبالا ، كذلك حث الرئيس الأسبق للأمم المتحدة في السودان موكيش كابيلا القضاء والحكومة الأوغندية الالتزام بمسؤليات القانون الدولي باعتقال الرئيس عمر البشير حال وصول أراضيها .
وفي كلمته امام الحفل قال يوري موسفيني الرئيس اليوغندي ” لقد فقدنا كل اهتمام بالمحكمة الجنائية الدولية ، لقد ايدناها في بادئ الامر ، لأكن أدركنا انها مجرد حفنة أناس لا فائدة منهم ” . وقالت واشنطن أن ممثلي الدولة الغربية قد غادرو حفل تنصيب موسفيني احتجاجا علي إهانته للمحكمة الجنائية الدولية .
وتوالت الردود بشأن زيارة البشير الي أوغندا حيث تلغت كمبالا انتقادات واسعة من الدول الغربية والمنظمات الحقوقية لعدم اعتقالها البشير وعبرت كل من الولايات المتحدة والاتحاد الاروبي استيائهم بشأن عدم التزام كمبالا بالقانون الدولي ويبدو أن أوغندا ايضا ستلاحقها الأزمة مع المجتمع الدولي والمنظمات الحقوقية بشأن البشير مثلما نشبت ازمة في جنوب افريقيا مع مجتمعها المحلي والدولي بشأن البشير .
ومنذ ان تمت إحالة قضية دارفور إلي المحكمة الجنائية وأتهام البشير بارتكاب فظائع وجرائم في دارفور ينتظرون الضحايا بشغف علي ان يمثل البشير امام محكمة الجنايات رغم أن الجرائم الممنهجة وواسعة النطاق ترتكب يوميا مع الإفلات التام من العقاب ويعتبر هذا تحدي للمجتمع الدولي بشأن ضحايا دارفور الذين ما زالوا يتحملون وطأة هذه الجرائم .
ولاكن ستظل عقدة وكابوس الجنائية الدولية ستلاحق عمر البشير أينما ذهب ويسبب ازمة لاي دولة يزورها مالم تتحقق العدالة للضحايا .