مدبرو انقلاب يونيو بعسكرهم ومدنييهم ضربت عليهم الذلة والمسكنة وباءوا بلعنة من الله وغضب من الشعب المقهور، من يصدق أن جهابذة الانقاذ سيؤول حالهم لهذا المآل المذل والمهين؟، عبد الرحيم محمد حسين يستجدي قاضي المحكمة لقضاء الحاجة، وهو الانقلابي الكبير الذي تقلد المناصب الرفيعة بدءاً من وزارة شئون رئاسة الجمهورية الى الدفاع والداخلية، ثم ختاماً برئاسة ولاية الخرطوم، ليالي وامسيات المدينة تحدثت عن صحبته الصادقة الصدوقة لزعيمهم الذي تولى كبرهم، عاش الرجلان زماناً من الترحال والتسفار بين عواصم بلدان النفط وعوالم التجارة بالصينالشيوعية وكوالالامبور، صالا وجالا وامتطيا فاره الدواب السائرة والطائرة وسكنا باذخ المعمار الفخيم واستطعما لحم الطير، كان ملكاً عضوداً حسباه خالداً مخلداً فغفلا عن مواعظ آيات الكتاب المبين الذي داوما على تلاوته دون أن يعتبرا، فتجاوزا الانصات لمدلول آي الذكر الحكيم القاص لحيوات النمرود بن كنعان وفرعون وهامان، وكأن القصص الحسن الوارد ذكره بالكتاب المبين لا يعنيهما في شيء، حتى ازفت ساعة الرحيل وجاءت سكرة الموت بغتة وحدث ماحدث.
شهد الانقلابيون على انفسهم بارتكاب جريمة القتل وسفك الدمبغير وجه حق يوم أمس بالمحكمة، وذلك النافع غير النافع المتطاول والمتحدي للضعفاء عندما كانت آلة السلطة بيده، ها هو اليوم ذليلاً كسيراً لا يجروء على لفظ حرف ناهيك عن ابداء عنترية زائفة تستخف بالناس وتتحداهم بلحس الكوع، الا يتدبرون القرآن أم على قلوب اقفالها؟، مداولات محاكمة الانقلابيين يجب ان تكون عظة للسعداء الذين رأوا رأي العيان تجليات معاني الكتاب المتلي صباح مساء على حال حكّام الأمس، بالله عليكم هل يوجد واعظ ابلغ من مشهد نطق نايل ايدام ومدني مختار بشهاديتهما ضد شركاءهمافي الانقلاب؟، محاكمة مدبري ومنفذي جريمة الليلة الظلماء بمثابة عرض للمناظر السابقة لمشاهدة الفيلم، بمعنى آخر هي نموذج دنيوي عاكس لإمارات وعلامات يوم الدين، مثلها مثل التدريب على تأدية مناسك الحج حول الكعبة الافتراضية التي يطوف حولهاالمقبلون على زيارة الاراضي المقدسة، إنها الدنيا وسترها العاري المفضوح تتجلى بوضوح كامل في سوء خاتمة المتاجرين بكلام الله، يوم أمس هو اليوم الذي لا ينفع فيه المال ولا البنون، والكلمة الفاصلةفيه لاصحاب القلوب السليمة.
من الأفيد للناس أن تستمر هذه السلسلة من جلسات محاكمات مرتكبي الجريمة الكبرى، لاطول فترة ممكنة، ذلك لأن في استمرارها قضاء لعقوبة معنوية ودفع لضريبة ايذاء النفوس السودانية، فلتتمدد هذه الجلسات حتى يتنفس ذوو الضحايا، تماشياً مع رغبة احد المولودين من صلب رجل قتله الدكتاتور، حين سأله الناس ابان سطوة الدكتاتور، ماذا أنت فاعل بالطاغية الذي قتل اباك اذا تم القبض عليه؟ وما هو العقاب الأنسب الذي تتمنى أن توقعه المحكمة بحقه حسب رأيك؟، جاءت اجابة ابن الشهيد المغدور بعكس تصور كل من كان حوله، قال: أن يوضع داخل قفص حديدي ويكتب على قميصه (مجرم حرب)، ثم يوضع على قمة اعلىبرج بالمدينة ليشاهده المارة كل صباح. العقاب المعنوي هو الأمضىألماً من اطلاق رصاصة الرحمة، سيخة ونافع وعلي تفننوا في تعذيب المناضلين الشرفاء بدم بارد، وها قد جاء رد جبّار الجبابرة فشخص بصر الزعيم يوم أمس عندما شهد الشاهد الذي هو من أهله بضلوعه ونائبه في قتل تاجر العملة مجدي، فلتتواصل حلقات هذا المسلسل الشافي لغليل أهل الشهيد علي فضل ورفاقه لشهور واعوام قادمات، انقلوهم من كوبر وارجعوهم اليه يومياً، انها العقوبة الأجدر.
الخلاصة المستقاة من تجربة حكم انقلاب الجماعة الباغية،كشف زيف المتدثرين برداء الدين من المنافقين وفضح سوءاتهم، فلم يعد يوجد طفل غرير يمكن أن يقع ضحية يستغلها دجال تجارته الوحيدة الأستثمار السالب لموجهات الدين، انه اللقاح المضاد لكورونا الهوس الديني وخير دليل على خطل مشاريع الشعوذة السياسية، تصور يا عزيزي القاريء أنه وفي خضم ازدحام منابر البلاد بائمة الدويلة الرسالية المزعومة، يتمدد الالحاد وسط الشباب بدرجات ونسب مئوية كبيرة لم تشهدها عهود اكتوبر ومايو وابريل الأولى، كيف ينشط الفكر الالحادي في ذروة وجود وتمكّن تمكين من يزعمون تلاقياً فكرياً مع رسالة النبي الحبيب محمد (ص)؟، أين تكمن العلّة؟، وما هو التفسير المناسب لانتشار ظاهرة اللادينيينتزامناً مع سطوة الدولة الدينية؟، الاجابة على هذه الاستفهامات تعود بنا لأخضاع المعادلة برمتها لسياقات المنطق، والذي بدوره يؤكد على أن حقبة الحكم الاسلاموي بسلوكها الناشز اسهمت بقدر كبير في نفور الشباب من الدين، لانعدام الوجود الفعلي للقدوة والنموذج الذي يجب أن يعكسه رجال الدين.
اسماعيل عبد الله
28 ابريل 2021