جنيف – صوت الهامش
أكد تقرير مطوّل نشره المعهد العالي للدراسات الدولية والتنمية، أنه إذا كانت هنالك تحسنات حدثت بفضل تخفيف العقوبات الأمريكية عن السودان، على أصعدة الحوار الدبلوماسي وتوقف أعمال القصف الجوي وتيسير عملية الوصول لمناطق منكوبة في وسط دارفور – فإن الأسباب الاستراتيجية الأساسية لنشوب الصراعات في السودان، والتي أوجدت العقوبات بالأساس، هذه الأسباب لا تزال قائمة.
وتتمثل هذه الأسباب الاستراتيجية في: سعي حكومة الخرطوم إلى فرْض السيطرة بالقوة بدلا من التفاوض؛ ولجوئها إلى استخدام الجماعات شبه العسكرية والميليشيات العرقية لتجسيد هذه القوة؛ وحرصها بشكل منهجي على إنكار وصول العناصر الإنسانية الدولية إلى المنكوبين.
ويسعى نظام البشير بكل الوسائل إلى الترويج عالميا وخصوصا للولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأن الأوضاع في البلاد لاسيما في دارفور باتت مستقرة، على عكس ما يجزم به واقع الحال من استمرار أعمال الاقتتال وتحديدا في منطقة جبل مرة، فضلا عن استمرار وقوع الانتهاكات ضد المدنيين والمشردين محليا من جانب قوات حكومية وميليشيات موالية لها لاسيما قوات الدعم السريع (الجنجويد سابقا).
ورأى التقرير أن التحسن الذي طرأ على صعيد العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والسودان على مدار العامين الماضيين بفضل عملية تخفيف العقوبات الاقتصادية – هذا التحسن يشهد بجدوى المعالجة السياسية وأفضلية نتائجها على نتائج القيود المادية التي تفرضها العقوبات.
وعليه، رأى التقرير أن العقوبات الأمريكية على السودان لم تكن أداةً لتغيير سلوك حكومة هذا البلد، بقدر ما كانت أداة فاعلة لإعاقة علمية الحوار السياسي، وأن الجهد الدبلوماسي الأمريكي الذي تم بذله لرفع العقوبات إنما كان لتفادي ضغوط محلية تستهدف رفع العقوبات بقدر ما كان لتغيير سلوك حكومة السودان.
واستجابة لضغوطات من شركات محاماة في واشنطن كانت تدفع لها حكومة الخرطوم أموالا طائلة، فضلا عن وساطات خليجية، رفعت الإدارة الأمريكية في أكتوبر الماضي عقوبات اقتصادية ظلت زهاء عشرين عاما على السودان .
أضافة لذلك لم تشطب واشنطن اسم السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب وهو ما يحول دون استفادة الخرطوم من مزايا رفع العقوبات المتمثلة في التداول بحرية في الأسواق العالمية وغيرها من محفزات الاستثمار الأجنبي في السودان الذي يعاني أزمة اقتصادية هي الأقسى في تاريخ البلد على الإطلاق.