بات من المؤكد أن يصدر مجلس الأمن اليوم (الجمعة)، قراراً بتمديد تفويض بعثة الأمم المتحدة لسلام دارفور بالسودان (المشتركة مع الاتحاد الإفريقي) لعام آخر، ينتهي نهاية يونيو من العام القادم 2017، ضد إرادة حكومة السودان التي ظلت تطالب طوال العامين السابقين بسحب البعثة من إقليم دارفور الذي تعتبر الحكومة أن الحرب انتهت فيه بانتصار القوات الحكومية على حمَلة السلاح في ذلك الإقليم.
من الواضح أن المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي لا يتفق مع رؤية الحكومة في هذا الصدد، وقد ظللنا ننبه الحكومة إلى أن أزمة دارفور أزمة سياسية لن تحلها البندقية في ساحات القتال، لأن البندقية لا تصنع سلاماً، وقد كانت الحكومة تؤمل أن تنجح مفاوضاتها الثلاثية مع الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في إقناع المنظمتين بطرح الحكومة، لكن لجنة مشتركة من الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي زارت دارفور للتحقيق في الأوضاع على الأرض في ذلك الإقليم، ووصلت لنتيجة معارضة تماماً للرؤية الحكومية، ودفعت بتقريرها إلى الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن الوضع الأمني في الإقليم مازال متردياً رغم الجهود التي بذلتها الحكومة.
التقرير رصد قضايا أساسية تشير إلى انفلات الوضع واستمرار الاقتتال في ذلك الإقليم، واستمرار الأوضاع المتردية، وأهم أسباب التردي التي توقف عندها التقرير كانت:
أولاً: عدم إحراز أي تقدم في الوصول إلى تسوية سياسية في الإقليم تؤدي إلى وقف النزاع المسلح.
ثانياً: النزاعات القبلية المتواصلة التي قادت وتقود إلى مواجهات دموية مسلحة.
ثالثاً: استمرار معاناة المدنيين جراء استهداف من المعارك التي تدور ومن الميليشيات الإجرامية التي تنشط في الإقليم.
وقد ترتبت على هذه العوامل الأساسية تداعيات جانبية تمثلت في المزيد من النزوح الداخلي والمعاناة المستمرة للمدنيين، حتى بلغ عدد النازحين داخلياً أكثر من المليونين ونصف المليون، سبعون في المائة منهم يعيشون حتى الآن في معسكرات النزوح، وقد زادت أعدادهم مؤخراً بسبب المعارك في جبل مرة مما زاد من حاجة الإقليم للمساعدات الإنسانية، في وقت تشكو فيه البعثة من قيود حكومية تحد من تحرك منظمات العون الإنساني.
لذلك لم يكن مستغرباً وعلى ضوء هذا التقرير، أن يتبنى مجلس السلم والأمن الإفريقي في اجتماعه في وقت سابق، اقتراح رئيس بعثة السلام الأممية بمد التفويض لبعثة السلام لعام آخر ينتهي منتصف العام القادم، وما دام الاتحاد الإفريقي قد أوصى بالتمديد فإجازة الاقتراح من مجلس الأمن الدولي تصبح أمراً روتينياً رغم مناهضة حكومة السودان لاقتراح التمديد، وقد سعى السودان لإقناع المجلس الإفريقي من قبل خلال اجتماع أديس أبابا فلم ينجح مسعاه.
ليس أمام الحكومة السودانية إلا أن تدرك أن الوصول إلى اتفاق سلام مع أطراف الصراع في دارفور هو السبيل الوحيد لتسوية النزاع تسوية مستدامة وعادلة ومنصفة، تضمن سلاماً مستداماً، وأن سلام دارفور لن يتحقق لا عبر سلاح الحكومة ولا سلاح الميليشيات، فالأزمة سياسية وحلها ينبغي أن يكون سياسياً!!
العرب