عثمان كورينا
sosmank@yahoo.com
فى هذه الحلقة سوف اتناول احدى الصور الجمالية فى الموروثات و التى يمكن من خلالها التعرف والمقارنة بين ما هو ممارس الان فى كثير من عادات الزواج فى السودان ومن ثم ربطها تأريخيا بالحضارة الفرعونية والكوشية المروية وعاداتها . و لقد شرحت فى المقالات السابقة ان الامر هنا فى مراسم زواج ( اما Ama ) يتعلق بالتتويج ceremony واهميته بعد ان اكتملت اغلب المتطلبات ولكن لاتزال المتزوجة لم ترحل الى بيت زوجها الا يعد التتويج او بعد ان يتم عمل كرامة – سبر(طقس ) ويعرف ب-(وراو- اليق wouraw Ilig ) وهوالترحيب بها فى الاسرة , بموجبه ترحل الى بيت زوجها حتى لو انجبت اطفالا ,وهنا ايضا عند قدومها يقدم لها والد الزوج و والدته الهدايا العينية لكى تبدا بتناول الكل والشرب ارضاءً لها, لانها طيلة فترة الخطوبة وحتى بعد ان اصبحت شرعا زوجته لا تتناول الاكل والشراب فى بيوت اهل الزوج طيلة وجودها لغرض ما , فانها لا تتناول شيئا الا عند الجيران من لهم بها علاقة مثل ان تكن قريبتها و متزوجة فى نفس الحلة و يمكن ان توجد هناك اسرة تنتمى لعشيرتها. و العكس ايضا فزوجها لا يتناول شيئا فى بيت النسيب ولكن لا تتم ترضيته و انه عفتا واحتراما لايأكل ولا يشرب امام والدياها . و المغزى فى عدم تناولها للاكل و الشرب ان الزواج لم يتم من اجل الاكل و الشرب بل لارتباط الهى ومقدس وللعفة والكرامة والاحترام و التقدير المتبادل بين أهلها وانها عزيزة , من بيت يمتلك مثلهم كل شئ ايضا حتى ولوكان والديها فقيران فالعزة للكل . وهو ان دل على شى فانما يدل على ثراء هذه الموروثات وعمقها الكوشى المروى القديم.
التجهيز او التحضير فى لغة ( اما Ama )هى أمنان( Aminan-g ) للعروس( اردو Eirdo )
تجهيز العروس – والتى أصبحت تسمى ( ايردو Eirdo ) وكلمة كيرا ( Kira )ايضا تطلق علي العروس نسبة لعدم استخدام كلمة ( ايردوEirdo- ) الان . كما اسلفت ان المراسم تختلف مع خصوصية البطون والعشائر( ألرا Arlha ) Clans ,فمثلا وكما شاهدت فى سلارا1986 -6 بوجود الباحثة الالمانية Frouke Reinganz والتابعة لجامعة بيرويت للدراسات الاسيوافريقية ,ان العروس اردو Eirdo كانت من حجر سلطان والتى تعرف كما اسلفت ب- ( كرا اكويرى Kira Akori ) وعند مرورها فى طريقها الى بيت زوجها كانت محاطة بوصيفاتها ورصيفاتها وهى فى كامل زيها وهيئتها الاميرية , لا تسمع صوتا لاحداهن إلا صوت الرحط ( كندو-Kundu ) الذى يتردد مع صدى الاشجاروالجبال . عبر الموكب ميدان مدرسة سلارا الابتدائة وعند وصول الموكب الصامت الى قرب منزل العريس كان هنالك مدخلا معد قبالة منزل العريس خارج الحوش ويعرف ب( ورقول Worgoul ) مرت من خلالها لوحدها بينما الوصيفات والرصيفات من خلفها , ثم تدخل بيت زوجها وهذه هى اللحظة الوحيدة التى تمكنا من مشاهدتها بعد الاستئذان لاننا ليس من الذين يسمح بتواجدهم فى اثناء هذا الاجراء , (وكيرا Kira ) هنا يقصد به( البنت الفتاة) والمخطوبة ايضا وخطيبها يعرف ب-( كيرو كوي Kiro Koey ) فى ايام الخطوبة وعند مراسم التتويج حينها يطلق عليهما الاثنين معا ب( ايردو Eirdo ) .
تبدأ التجهيزات للعروس بتصفيف الشعر والذى يستمر ثلاث الى خمس ايام الى ان يصبح فى وضع دائرى مثبتة بمادة سوداء داكنة تعرف ب – نيير( Nyier ) هومركب من عدة عطور محلية وزيوت وهو الان يشبه الضريرة ,و يمسح جسد العروس بما يعرف ب (توسل ( Tusul ) وهو مسحوق حجرى لونه بين كبدى واحمر يخلط بالزيت.
الرحط (كوندو Kundu )
اعداد الرحط (هنالك نوعان من الرحط ,الذى يخص الفتيات البكر وقد ورد شرحه فى مقال سابق ) اما الرداء الساتر للعورة فيعرف ب ( ديفادى Difadi ) قديما كان من الكتان قطعتان من الخلف والامام تحت الرحط الخاص المجهز لهذه المناسبة اصلا ويتم التأكد من انه مكتمل . وهو ودائما محفوظ لدى العشيرة و الذى يعرف ب – كوندو ( kundu ) ويتكون من اللالوب المنضوم فى حبال رقيقة مسربلة وتتخلله جدائل فراء بعض الحيوانات مثل القط البرى و الثعالب ,بحيث تكن مشققة بشكل طولى مضفورة مع بعضها متدلية ( اومسربل )الى اسفل , منسوج معه السكسك الازرق الفرعونى بكمية كبيرة اكبرمن حجم الحزام الرجالى الحالى ويعرف ب- بردلى ( brdele ) ويبقى السكسك المعقود منه فى خيط واحد فى خصرها دائما وهوبمثابة خاتم الزواج يلازم الزوجة طيلة حياتها الزوجية ولا تتخلى عنها الا فى حالة الانفصال او الطلاق والرحط( الكوندو Kundu)يربط مع حزام رابط فى الخصر, بحيث يصدر صوتا ايقاعيا عند السير أعلانا بمقدم العروس ومرور موكبها . اما فى صدرها و الرقبة تلبس السكسك الملون المشغول بعناية يعرف ب( أندو Endo-اللندو ( Alendo )مع فراء الثعلب الابيض المتدلى الى الخلف وسط الظهر و يعرف ب- إردى ( Irdi)وغالبا يكن ذيل الثعلب او القط البرى , الذى يمتاز بالبياض فى آخره . اما فى حجل الارجل فتلبس الكشكوش المصنوع من السعف و الذى يعرف ب- كاندانق ( kandang) وهو الكشكوش المعروف الان ,وتحته فى الحجل تلبس حجول ( بريدى beriedi ) من النحاس او الذهب او الفضة على حسب الموجود اوالمخصص ومنه ايضا يلبس فى اليدين وهو مايعرف الان بالسوار.
تجهيز العريس اردو Eirdo
العريس (أيردو- Eirdo) يجهز من قبل رصفاءه واصدقاءه ومع حضور الوصفاء الذين كانوا معه فى ابان سبر الجيل وحضور وزير العريس (korhla) وهما يحملان عصى التتويج الذى يعرف ب( دفا Difa ) عصى طولها تقريبا متر ومنجور معكوف من اعلى يشبه الفاس , اما اللبس قديما كان ماعرف ب (تفونا tefona )يلف فى الخصر الى اعلى الركبتين هو الذى يشبه اللباس الفرعونى للرجال كما هو موضح فى الرسومات الفرعونية وفى الستينات استبدل( بالرداء short ) ويزين شعر العريس او يمشط حتى فترة ستينات القرن الماضى وهنا يطرأ سؤال من اين لهم بالموس الذى يحلق به ؟؟ للاجابة ان الموس كلمة فى لغة( اماAma ) موجودة ومذكورة فى القصص و الحكاوى الموروثة وكلمة موس فى لغة( اماAma )هى ( كلوم Kolhum ) مما يدل على ان لها علاقة هذه المجموعة تعود جذورها الى الأصول المروية باستخدامها الحديد , حيث انه موجود فى استخداماتهم اليومية وهى واضحة فى قصة كوشى وعشيقها الفارس ( سال Sal )الذى كسى حصانه بالامواس او الشفرات الحادة كى لا يمسكوا به , عندما اختطفها من بين اخوتها السبع والقصة طويلة….,ويلبس العريس فراء النمر .اما الحذاء فهو يشبه الصندل مصنوع من جلد البقر يعرف ب (بارو تينى Baro Teniy ) فكلمة (بار ) هو البقر اما كلمة ( تينى ) فهى الحذاء .وهذا الحذاء له دور كبير ومهم ابان سبر الجيل وخاصة عند انتقال المسؤلية من الجيل الاعلى الى الذى يليه .ويقوم به كل افراد الجيل فردا فردا ويلزم الكل بان يبحث عن فرد من الجيل السابق ويستبدل معه حذائه فى تبنى للمسؤوليات وسوف افرد لهذا مساحة كما شاهدتها .لكن لوعدى نواصل طقوس الزواج وبه بقية مذهلة فلنتابع فى المقال القادم عن رقصة العروسين فى يوم التتويج والاغنية الخاصة بها.