عثمان نواي
من المؤسف انه وبعد هذه الثورة العظيمة للشعب السوداني ،ان تظل هناك حاجة للفت الانتباه لضرورة تمثيل كل السودانيين فى منابر التغيير. فمن الملاحظ الوضع التمثيلى المخل بمبدأ احترام وتعزيز التنوع الاثنى والثقافى الذى تبنته قوى الحرية والتغيير على الورق لكنها فشلت فى تطبيقه على الواقع. خاصة فى مستوى وفود التفاوض مع المجلس العسكرى والمتحدثين الرسميين فى المؤتمرات الصحفية. هذه المنابر كان يمكن ان تستغل لتكون انعكاس واقعى للسودان الجديد الذى نطمح الى بناؤه على انقاض سودان الإبادة والعنصرية والتمييز والاقصاء. للأسف ان وجود التمثيل المنحصر فى افراد من مناطق الهيمنة التاريخية على السلطة فى السودان ،مع الاحترام لهم كاشخاص، الا انهم وحدهم لا يمثلون كل السودان. وكان الأجدر ان يتم ليس فقط مراعاة ،بل وضع عملية التمثيل هذه كاولوية لضمان إرسال الرسائل الصحيحة منذ البداية على أن هناك التزام جدى بتغييرات جذرية لواقع الممارسة السياسية فى السودان ،حيث يبدأ بهذه التغييرات دعاة التغيير أنفسهم قبل ان يامروا الناس بالبر وينسون أنفسهم. هناك حاجة ماسة لان تتعود الذاكرة البصرية والسمعية للسودانيين منذ الان على لهجات وسحنات كل السودانيين، حتى تكون النهايات صحيحة فإن البدايات دوما هى المؤشر على تلك النهايات. ان أزمة السودان الجذرية لم تكن ابدا مرتبطة فقط بالكيزان ولكن بالبنية الخاطئة للدولة السودانية و الممارسة السياسية التى استبعدت أجزاء واسعة من المواطنين السودانيين وحرمتهم حقوقهم المتساوية فى المواطنة على أسس اثنية واقليمية. عملية تغيير هذه البنية غير متعلقة فقط بالمحاصصة الحزبية او علاقات القوى السياسية او الخلافات مع الحركات المسلحة او الاحزاب او التحالفات بكل انواعها، انما عملية التغيير هذه تبدأ من التعبير الصادق عن الارادة فى التغيير التى تبدأ من ممارسات صغيرة تتطور مع الأحداث لتشكل القضايا الكبرى. والبهيف الصغيرة.. بهيف الكبيرة.. والسودان لم يدخل بعد الى تحديات القضايا الكبرى من عملية انتقال كامل نحو الديمقراطية وعمليات سلام وعدالة انتقالية وعدالة توزيع السلطة والثورة وغيرها ،لذلك على القوى التى تمثل عملية التغيير الذى لازال فى طور التكوين ان تنظر بدقة لكل تصرفاتها لأنها تحمل رسائل قوية فى مرحلة حساسة مليئة بالامال التى يجب ان ترقى لها هذه القوى وترتقى لحجم التحديات وتعمل كل ما يليق ببناء الثقة بين كل فئات السودانيين.
nawayosman@gmail.com