قرات يومآ رواية غبرائيل ماركيز مائة عام من العزلة وقال في احدى مقاطعها القوية (ان الانسان لا ينتمي لتراب طالما لم يملك رفات جده تحت تلك التراب وينتمي بعز وكبرياء لتراب الذي يدفن تحته جده وجدته )
استرجع ذاكرتي هذه النص الذهبي عندما رن هاتفي في ساعة منتصف ليلة الامس واخبرني الرفيق خبر استشهاد ملهم الثوار الجنرال محمد عبدالسلام طرادة وبعض رفاقه الاماجد واسر بعض الرفاق في معركة عدولة وفي ملحمة بطولية يدرسه الاجيال القادمة عن معادن هؤلاء الاشاوس .
لن يبكيني تلك الخبر وانما زاد فيني الثقة والارادة لاننا لن نتوقع يومآ أكثر من هذا الخيار و ليس اقل من ذلك فهو يحمل مضمون ونتائج الحرب ( الانتصار القتل والجرح والاسر) وهي قوانين حرب لا يدحضه الا جنجنويدي متعفن ومرتزق .
الموقف الذي نريد ان نقف هو ان طرادة رفض ان يعيش ذليل وحقير في ارض حررها اجداده بدماء طاهرة يذكره منواشي ودروتي ودرجيل ونيالا وهو يسمع وصية الصمود من سلطان على دينار وتاج الدين ودوسة وكسفورك وبقية العظماء الاماجد الاولين ولن يستشهد من اجل ريالات وانما من اجل الحرية والعدل والسلام والديمقراطية واستشهاد من اجل هذه القيم هي حق وحقيقة ومبارك.
طرادة ليس انسان فقط ولد في فيافي جبل مرة المباركة وكسيت عظامه من ترابها البركاني ومن رحم ميرم تاجا وهو معدن نفيس تنفس وجع الغلابة من حلفا لنمولي ومن جنينة لطوكر ونوره دخل بيوت المهمشين كافة واذن لهم ان روحي مهدئ لكم اما حياة هادئة او ممات سعيد يدرس للاجيال القادمة اسبابها وقد كان ؟
هنا يعيد ذاكرتي الي الاب اولفر تامبو في جنوب افريقيا عندما وصف لمانديلا بنص شهير وقال فيه (ان اصعب شئ في الحياة هي كيف ان تبدأ جيد وتختم اجودآ من ما بدات )وابلى فيه مانديلا وهاهو يصدق ذلك في طرادة امن بقضيته ورفض بيع شرف الامة واربعة عشر عام ونيف صادقآ لضميره مبادئه وتكريمآ لدوره تم لقبه من عبدالسلام طرادة الي (ابا طرادة ) لعظمة مكانته ونقاء قلبه وثقب ايمانه بالثورة فهو رب الثورة والمهمشين وقادة ثورتهم وانتصر لهم ورحل وبقى رؤيته الذي لا يموت .
ان استشهاد طرادة لن يعيد الثورة للوراء وانما يفتح مقابر جماعية للذين كانوا السبب وسوف تورق دماء القصاص على محمل الركب وسوف يعلمون انهم ارتكبوا خطأ لا يغفرها التاريخ وسيندمون في يوم لا ينفع الندم .
انه مرحلة تاريخية من عمر نضالنا ضد دولة رفض الاخر ودولة الابادة الجماعية والتطهير العرقي فموت القادة يوهج الطريق للقادمين وفاليمتلآ بنا الميادين وقضيتكم عادلة ووسائلكم مشروعة وانتصاركم حتمي والثورة مستمرة والنصر يباركها الارض والسماء .
الرحمة والمغفرة لابا طرادة والشفاء العاجل للجرحنا وحرية لاسرى والويل لدولة الظلم والظالمين .
حبو ارسطو