هاهم طلاب الجامعات السودانية فى فجرإنتفاضتهم الباسلة، يُنظّمون الصفوف، ويؤكّدون استعدادهم للدفاع عن حقوقهم المسلوبة، ويؤكّدون مرّةً أُخرى – كما فى كُل مرّة- أنّ عنف الدولة مُمثّلاً فى عنف كتائبها العسكرية ” الشرطية والأمنية “، ومليشياتها الطلابية وغير الطلابية، ليس بقادرٍ – أبداً- ومهما ازدادت وتيرته، على مُصادرة الحق فى التعبير السلمى، وإن نجح – أحياناً- فى مُصادرة الحق فى الحياة، بالقتل خارج القانون، وقد وضح أنّ إستخدام العنف الزائد – غير المُبرّر – فى مواجهة التعبير السلمى للطلاب، لن ينجح فى انهاء جذوة المُقاومة السلمية، لسياسات الدولة، ولن يُطفىء شمعة النضال المُتراكم الجسور، الذى سيؤدّى فى نهاية المطاف – حتماً- إلى دك حصون الدكتاتورية، وتفكيك دولة القمع، والإضطهاد، وإنتهاكات حقوق الإنسان.
الوحشية التى تتعامل بها قوات الحكومة ومليشياتها مع التظاهرات الطلابية، فى الخرطوم والمُدن الأخرى، تقف دليلاً ساطعاً، على أنّ دولة الإنقاذ قد جنّ جنونها، وفقدت السيطرة – تماماً- على الغضب المشروع، الذى أصبح يتنامى، وتتواصل مسيرته فى شكل موجات المد الجماهيرى الكاسح، بين صُعود وهبوط ، وتراجع وتقدّم، كما علّمتنا دروس الحياة وتجارب الشُعوب، لتنتصر فى النهاية إرادة الشعب فى التغيير.
المجد للطُلّاب وهم يقومون بدورهم ببسالة، وشجاعة فائقة، وعلى أكمل وجه، فى مواجهة الصلف الإنقاذى، وكما علّمتنا دروس الثورات فى السودان، ستلحق بهم فئات إجتماعية أُخرى، والمطلوب أن تأخذ الفئات الأخرى، العبرة من هذا النضال الجسور، وأن تُحسن القوى الحيّة فى المجتمع تنظيم أنفسها وتجميع طاقاتها، و تنسيق جهودها، لإستكمال الحلقات المفقودة، فى مواجهة الظلم والقهر ودولة الإستبداد..ونحن نعلم أنّها عملية شاقّة ومُعقّدة، وتحتاج إلى صبر وإقدام، ومعرفة بعلم الثورات وفنونها، وأخذ زمام المُبادرة التاريخية، لتخليص الوطن من الدكتاتورية وحكمها البغيض.
صحيح أنّ إجتماع (قوى نداء السودان الأخير)، فى أبريل 2016، قد أعاد الأمل للكثيرين فى إمكانية تجاوز أخطاء الماضى، وفتح الطريق نحو تكثيف الجهود لإنجاز مشروع التغيير السلمى الديمقراطى، فى السودان، ولكن، المطلوب، تنزيل التنظير إلى أرض الواقع، والسهر المتواصل على عملية بناء الآليات والهياكل والمؤسسات القادرة على تنفيذ الثورة، وحماية الجماهير من الموت المجّانى، ومن الخُزلان، الذى شعر به الشباب، وعرفوه فى إنتفاضة سبتمبر 2013، و على جميع القوى التى لها مصلحة فى التغيير، تغليب (الإستراتيجى) على (التكتيكى)، و المُصارحة والوضوح فى التعامل مع التحالف العريض لإنجاز التغيير، وحتماً، فإنّ مُشوار الألف ميل يبدأ بخطوة. وقناعتنا تزداد يوماً بعد يوم أنّ شعبنا لقادرٍعلى تحقيق غاياته وأهدافه، مهما ازدادت وتائر العنف المجنون، ولهذا، فلنواصل مسيرة البحث عن الحرية والديمقراطية ودولة إحترام وتعزيز حقوق الإنسان، وحتماً، فإنّ إنتفاضة الطلاب الباسلة، هى بداية الخطوة والسير فى الطريق الصحيح، للنصر المؤزّر لشعبنا العظيم .