عبدالغني بريش فيوف
قلنا وما زلنا نقول ان الصادق المهدي رئيس حزب الأمة “جناح عائلة الصادق”، ليس معارضاً حقيقياً لنظام الإبادة الجماعية والتطهير العرقي، بل متواطئا معه في كل القضايا الجوهرية لإضعاف المعارضة السودانية حتى لا تتوحد على موقف سواء لمواجهة استفزازات وغطرسة النظام الجاثم على صدور السودانيين لأكثر من ربع قرن -تسع وعشرين سنة بالتمام والكمال بحلول 30 يونيو 2018م، وأن اتهامنا له بالتآمر على المعارضة السياسية بشقيها المدنية والمسلحة، ليس هكذا جزافا دون أدلة، بل هناك أدلة كثيرة تورطه في هذا التآمر منها الضغوط التي يمارسها على الحركات المسلحة للتخلي عن سلاحها لإسقاط عمر البشير ونظامه.
نعم، للصادق المهدي كل الحق ان يختار الوسائل السلمية التي يريدها ضد نظام الإنقاذ في حال صدق في معارضته له، لكن ليس من حقه ان يلاحق الحركات المسلحة والتنظيمات والجماعات الحاملة للسلاح ويطالبها بالتخلي عن سلاحها، لأن هذه الحركات لم تحمل السلاح دون قناعة منها، بل حملته لقناعة راسخة وهي ان الخرطوم لا تفهم إلآ لغة القوة.
بعد ان اقنع أيتام نداء السودان من -حركة العدل والمساواة -جيش تحرير السودان “مناوي”، وآخرين بضرورة التخلي عن السلاح وتبني الخيار السلمي لإسقاط النظام السوداني. اعلن المهدي عن نية عودته إلى الخرطوم، إلآ أن نيابة أمن الدولة يوم الثلاثاء 3 أبريل 2018م وجهت بتقييد دعاوى جنائية في مواجهة الصادق المهدي، بسبب التعامل والتنسيق مع الحركات المسلحة المتمردة لإسقاط النظام.
ووجه وكيل النيابة الأعلى معتصم عبد الله بتقييد دعاوي تحت المواد (21/ 25/ 26/ 50/ 51/ 53/ 63/ 66) من القانون الجنائي والمادتين (5 و6) من قانون مكافحة الإرهاب “على خلفية توقيع المهدي بوصفه رئيساً لحزب الأمة القومي المسجل مع الجبهة الثورية والحركات المسلحة المتمردة على إعلان دستوري وإصدار بيان ختامي يعلن عن التعامل والتنسيق المشترك لأجل إسقاط النظام بقوة السلاح، بجانب تحريض المواطنين عبر وسائل التواصل الاجتماعي على الخروج على الدولة والتمرد عليها وإحداث الفوضى والزعزعة”.
عزيزي القارئ.. انها الضحك على الذقون والإستهبال السياسي ان تقيد نيابة أمن الدولة بلاغا ضد الصادق المهدي الذي قام بالواجب المكلف به من قبل عمر البشير بأكمل وجه، وقد انفضت اجتماعات أيتام (نداء السودان) بباريس قبل أسبوعين، باعتماد الوسائل السياسية السلمية لإحداث التغيير عبر انتفاضة شعبية سلمية أو حوار باستحقاقاته.. فما الذي بربكم يجعل جهاز الأمن يفتح بلاغا ضد المهدي وقد قام بما عجز عنه حزب المؤتمر الوطني بإقناع الحركات المسلحة بالتخلي عن شرط اسقاط النظام بالقوة، إن لم يكن هذا استهبالا؟
لقد أصبحت الأمور مكشوفة للجميع لا تحتمل المراوغة والتضليل، لكن أيتام نداء السودان ما زالوا يدفنون رؤوسهم في الرمال حيث اعتبروا تحريك جهاز الأمن السوداني اجراءات جنائية ضد رئيسهم الصادق المهدي، ضرباً من الكيد السياسي، وان جهاز الأمن والنيابة قرأ وثيقة الإعلان الدستوري باعين متربصة.
وقال الامين العام للتحالف مني اركو مناوي، في بيان له يوم الأربعاء 4/4/2018م، إن الاعلان الدستوري للتحالف يؤكد سلمية ومدنية خيارات نداء السودان.
وأضاف واضح أن جهاز الأمن ونيابة أمن الدولة قرأت وثيقة الإعلان الدستوري باعين متربصة وليست كما هي في الحقيقة.
وهكذا، يهرب تحالف “خداع السودان” إلى الأمام دون ان يقف ولو لدقيقة واحدة ليتأمل أو يتساءل عن السر والسبب من وراء البلاغات الجنائية التي قيدها جهاز الأمن ضد المهدي لطالما قام الأخير بإقناع الحركات الدارفورية المسلحة بالتخلي عن سلاحها وتبني الطرق السلمية في سعيها لإسقاط النظام وهو الشئ الذي كان تسعى إليه الخرطوم؟
الحقيقة التي لا يريد أيتام “نداء السودان” ان يقتنعوا بها، هي ان جهاز أمن الدولة قد استخدم الصادق المهدي خير استخدام لتفتيت وتشتيت المعارضة السودانية بشقيها -المدنية والمسلحة، وبعد ان تحقق ما اراده بالضبط، ها هوالنظام السوداني، ممثل تحديداً في جهاز أمنه، يحاول أن يخفي فضائحه من خلال الإبتزاز السياسي والتهديدات لإبعاد واسكات هذا العميل غير المضمون.
إن العملاء بالنسبة إلى جهاز أمن عمر البشير هم ورقة تُستخدم لمرة واحدة فقط ومن ثم تُلقى في سلة المهملات دون أي حاجة لها، وهذه هي سياسة هذا الجهاز القمعي منذ تأسيسه في بداية مجئ الإسلاميين إلى السلطة في عام 1989م وحتى الآن.
إن تقييد جهاز الأمن دعاوي تحت المواد (21/ 25/ 26/ 50/ 51/ 53/ 63/ 66) من القانون الجنائي والمادتين (5 و6)، يعني تقديم الذل والإهانة والتشرد كمكافأة نهاية الخدمة للصادق المهدي، الذي ضحى بكل شئ من أجل هذا الجهاز القمعي، ونتمنى أن تكون تلك النهاية بمنزلة إنذار لكافة العملاء المرتبطين بجهاز الأمن والأجهزة القمعية الأخرى.
الصادق المهدي يستحق الإبتزاز الذي يمارسه جهاز الأمن ضده ..ورحم الله المتنبي الذي قال “ومن يهُن يسهل الهوان عليه، ما لجُرحٍ بميت إيلام”، فهذه أدقّ حالة توصيف يمر بها الصادق المهدي وأيتام نداءه المخادع.