محمد أبكر موسى
إن ما يحدث في إقليم دارفور من الغباء والسخف وصفها أنها حروب أهلية، أو صراعات الرعاة والمزراعين، أو نزاعات قبليّة ضيقة الأفق، أو تصدعات اجتماعية ذات طابع عشائري، أو اشكالات رؤوس الأموال فيما بينها، أو تحركات نهب مسلح، وما شاكلها.. إنما هي “حروباً لأجل الهوية والموارد” بكل ما تحمله هذه “العبارة” من دلالات وترميز وإيحاءات. وأبسط ما تؤكده ونستشهد بها، أولاً: المحالات الحثيثة للنظام الانقلابي حالياً – وهو بالطبع امتداد لسابقه في هذه النقطة بالتحديد – لعمل إجراءات مجحفة، واتخاذ قرارات عاصفة جائرة لتعيين أمراء قبائل جُدد في تلك المناطق التي قُتل أهاليها، وتم ابادتهم، وتشريدهم، ونُزِحت سُكأنها الاصليين، وحتى أن بعضهم يحاول، رغم الفراغ الأمني الشاسع، العودة إلى قراهم، ومناطقهم، ومزارعهم، في الفترات الأخيرة. ثانياً تفاقم وتيرة استهداف مناطق الهشاشة والتماس اللاأمني، كالمناطق الغنية بالموارد الطبيعية، معسكرات النازحين واللاجئين، خطوط الحواكير، الأراضي ذات الخصوبة الطبيعية؛ حيث الرعي والاحتطاب والتفحيم، وازدياد جرائم النهب والاغتصاب، والقتل المجاني في أي مكان هش ومحوري لهم.
• إنها حروباً لتحقيق مشروع “الاستيطان العروبي” كما هو معروف للجميع منذ فجر بعيد، وازداد إجراءات تنفيذه مع النظام السابق؛ فالابادات الجماعية، وموجات النزوح والتشريد القسري المتكررة بين حين وآخر، وارتكاب بقية الجرائم الأخرى، إنها واقعة حقيقية ذات معالم بارزة وبصورة مستمرة دون توقف، وبالخصوص في تلك المناطق التي تشهد سيولة أمنية متعمدة.
• إنها حروباً لأجل خلق فرصاً أكبر، وبناء نفوذاً أقوى لأجل تسهيل عمل السيطرة الكاملة على كافة الموارد الطبيعية بالاقليم، والمورد البشري ليس استثناء؛ حيث استهداف مناطق الإنسان الضعيف سياسياً، سلطوياً، وتزامناً واستهداف مناطق الذهب والرعي، الأسواق الغنية، أسواق الماشية، بل واستهداف مناطق بعينها في مخيمات النزوح المنتشرة على طول وعرض الاقيلم.
• إنها حروباً ذات طبيعة بنيوية مؤسسيّة ترتكبها الدولة؛ أي أن من يتمتع الآن أو سابقاً هو من يستغل “أدوات العنف(السلاح)، والاقتصاد(السيطرة على الموارد)، الايدولوجيا (سلطة الايدولوجيا) في تنفيذ مخططات عبثية، جائرة لمصالح ضيقة، انتهازية، مجحفة.. إنها عبثية نظام اللادولة، تعسف احتكار مصادر النفوذ، والعنف، والتفكير.. ولكن هيهات ستتوقف حتماً وسيذهبون إلى ميزان العدالة.
• وكل من يقوم بارتكاب هذه الجرائم وتنفيذ هذه الأعمال ليس سوى “مليشيات الجنجويد” المعروفة لدى الجميع الجميع بالاضافة إلى مجموعات أخرى مجهولة الهُوية، فاقدة للتسمية؛ فقط مجموعات قتل مأجورة، ونفرٌ من بعض الحركات المسلحة ذات الاتفاقيات الانتهازية المعروفة والترتيبات الأمنية فاشلة ولا تغطي سنين الكفاح كما يقولون ليسوا ببعيد عن المشهد.
• إنها حقائق من أرض الأحداث، وليست تنظيرات جوفاء يحيكها الخيال، وتحليلات استديوهات الميديا الخرقاء.
11 مارس، 2022
#دارفور_ليست_آمنة