«سلسة مفاهيم وخطوات عملية مرجوة نحو مدنية الدولة السودانية[65]»
بقلم/موسى بشرى محمود على-23/06/2020
توقفت كثيرا” فى موضوع «إعادة هيكلة الجيش السودانى» منذ 05/04/2020 الحلقة رقم «7» ضمن «سلسة مفاهيم وخطوات عملية مرجوة نحو مدنية الدولة السودانية [62]» نسبة لتداخل مواضيع مهمة فى الساحة تطلبت المساهمة والتعاطي معها قدر المستطاع.
اليوم سأواصل الحلقة رقم «8» والسلسة رقم«65» لسبر غوار مشوار مشروع «إعادة الهيكلة» التى ظلت أهم مطلب من مطالب القوى الثورية التي تناضل خلف غابات الأسمنت والتى تناضل في الأحراش ومناضلى ما يعرف بالمعارضة الناعمة «soft opposition».
سأستصحب معى اليوم سؤالان مهمان للإجابة عليهما وفق المعطيات والحقائق الموجودة أمامنا ومن ثم سأختم بأهم التوصيات فى الحلقة التاسعة والأخيرة فى هذا السفر الطويل.
السؤالان هما:
-هل السودان ملك لكل السودانيين أم ملك لجماعة دون الأخرى؟
-أين حقوق المواطنة التى نصت عليها دساتير السودان المختلفة؟
للإجابة على السؤال الأول وفق المنطق والنظريات الواردة فى علم الاجتماع ومدارس السياسة المختلفة والأدبيات الدبلوماسية ودهاليز العلاقات الدولية فان أى دولة تتكون من أربعة أركان أساسية وهى:«السكان أو الشعب،الأرض أو البقعة الجغرافية الحكومة،السيادة» والسكان أو الشعب هو الركن الأول من الأركان الأساسية للدولة أى بمعنى أن الكل شركاء فى الدولة بمختلف أديانهم وأعراقهم وسحناتهم ومكوناتهم الاجتماعية والعرقية وغيرها من موروثات الشعب وشركاء فى التقاسم العادل للسلطة والثروة وكل موارد البلاد والموارد البشرية ولكن عمليا” هل هذه المفاهيم تمت ترجمتها فى الواقع السودانى؟
بكل تأكيد لا. الظاهر فى الحالة السودانية هناك فئة قليلة تستأثر بالسلطة والتحكم فى مفاصل الدولة المدنية والعسكرية وتطبق سياسة اقطاعية وسياسات طبقية من أجل إزاحة الأخرين من المشهد وتقسيم الكعكة فيما بينها لوحدها من دون شريك!
طبقت هذه الفئة سياسات عنصرية بغيضة مع سبق الإصرار والترصد وتصدرت المشهد وقضت على اليابس والأخضر من الموارد ووضعت خطوط حمراء لا يسمح للأخرين من الشعب السودانى الاقتراب منها مهما بلغ أو علا شأنهم لذلك هذه الفئة هى من تمسك بخيوط اللعبة وهى من تأمر وتنهى وهى من بيدها ملكوت الشأن السودانى حسب زعمهم!
الجيش السودانى وكل القوات النظامية الأخرى منذ استقلال السودان الى لحظة كتابة المقال من يترقى لأعلى من رتبه المقدم الى أن يصل رتبة المشير هم من فئة واحدة ومن إقليم واحد والأخرين مهما بلغ شأنهم يلزمهم رتبة المقدم وبعد ذلك اما اقالة بصورة استفزازية وتعسفية أو سجن او اعتقال بتلفيق تهم سياسية كيدية لأجل الاغتيال المعنوى لبعض النافذين ممن كانوا يشغلون مواقع رفيعة وحساسة قبل اقالتهم أو معاش صالح عام فى عز العطاء! ومن يتجاوز رتبة المقدم الى العميد أو اللواء نسبة أقل من واحد على عشرة فى المئة.
السؤال هو من أعطى الحق لهذه الفئة لتعمل وكيلا” عن كل السودانيين؟ وهل السودان ملك لهم وحدهم أم لكل السودانيين؟
المنطق يقول السودان للسودانيين لكل مخيلتهم التى لا تنظر للأمور الا ما تحت أرجلها جعلتهم يظنون أن السودان ملكا” حصريا” لهم وهنا تكمن الطامة الكبرى!
السؤال الثانى:
-أين حقوق المواطنة التى نصت عليها دساتير السودان المختلفة؟
كل الدساتير والمواثيق المحلية بما فيه الدستور السودانى للعام2005 و الدساتير التي كانت قبله بالإضافة الى الدساتير الإقليمية والدولية أقرت بحقوق مواطنة متساوية للجميع فى إطار الوطن الواحد لكن من تسلطوا على حكم السودان كانوا عكس هذا المفهوم ويظنون أنفسهم كقياصرة القرن القرن العاشرالميلادى سنة 934م عهد «صكوك الغفران» التي استمرت لست قرون من الزمان حتى جاء القرن السابع عشر الميلادى أى ما يطلق عليه ب«عهد الثورة الأوربية» ويعرف أيضا” ب«عصر النهضة» التى عملت على تحرير العقول من الأفكار الخبيثة وحرق كل الصكوك وإيقاف العمل بمبدأ صكوك الغفران وعمل إصلاحات جذرية فى الكنيسة الكاثوليكية أنذاك لذلك تراهم يؤمنون بنفس فلسفة توزيع«صكوك الغفران» لعامة الشعب السودانى مقابل دخولهم الجنان ويكون لهم العزة والكبرياء فى الدنيا! ويتعاملون بمنطق:«مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)»-غافر-«29».
«نواصل فى حلقة أخيرة»
….النضال مستمر والنصر أكيد…