بسم الله الرحمن الرحيم..
أيها القُراء الكِرام ..أمريكا لا تتعامل مع الدول إلآ من خلال مصالحها الخاصة وأمنها القومي ، ولا تعر اهتماما كبيرا بحقوق الإنسان ، أما العملية الديمقراطية فهي مجرد شعار لا ترفعه إلآ في حال تعرضت مصالحها للخطر، وهذا هو سبب وقوفها وتمترسها وراء الأنظمة الرجعية والبدوية الصحراوية التي تحكمها الأسر والبيوتات بعقليات مضت عليها 240 عاما.
المصالح وحدها هي التي جعلت الإدارة الأمريكية تحتضن النظام السوداني الديكتاتوري الجاثم على صدور السودانيين لسبع وعشرين عاما وقتل خلال هذه السنوات العجاف ما لا يقل عن 2 مليون جنوبي وقرابة 600 ألف دارفوري في الفترة من 2003 حتى الآن ، ولذلك لا نستغرب أن تقول واشنطن ان السودان اتخذ خطوات مهمة ضد داعش حيث رحبت وزارة الخارجية الأميركية،الثلاثاء 20 سبتمبر 2016، بتعاون الخرطوم في مكافحة الإرهاب.
وقال البيان إن السودان في الشهور الأخيرة اتخذ خطوات مهمة” ضد تنظيم داعش والمنظمات المتطرفة الأخرى، وفقا لما ذكرت “اسوشيتد برس.
وأضاف البيان أن واشنطن ستتعاون مع السودان في المسائل الأمنية، مع استمرار الضغط علي الخرطوم في قضايا حقوق الإنسان والديمقراطية.
هذا البيان فيه نفاق وتضليل واضح للرأي العام العالمي والدولي والإقليمي والداخلي لأن أمريكا هنا تحاول دون خجل ابعاد تهمة الإرهاب والدعشنة عن نظام يحتضن أخطر التنظيمات الإرهابية في بلاده كا:
1/التنظيم العالمي للأخوان المسلمين الذي افرخ كل الجماعات الإرهابية التي تحارب العالم بإسم الوهابية والسلفية المقيتة وتعمل عدد منها داخل الأراضي السودانية بتوجيهات من الخرطوم.
2/جماعة أهل القرآن ..جماعة ارهابية تتحرك داخل السودان بأوامر من النظام السوداني.
3/الإرهابي المدعو (الجزولي) ممثل البغدادي في السودان يتحرك داخل السودان بكل حرية أمام مرآى الأجهزة الأمنية والشرطية دون عوائق.
4/مليشيات الدفاع الشعبي التي تعمل في السودان منذ وصول الإسلاميين إلى السلطة بانقلاب 1989 ، مليشيات عرضت وتعرض حياة الآمنين للخطر باسم الإسلام بتحريض من النظام الحاكم.
5/الجنجويد ..جماعة قبائلية ارهابية صحراوية بدوية متخلفة لا تتردد في استخدام السلاح ضد المعارضة السودانية بتوجيهات من رأس النظام السوداني حيث قتلت في الفترة من 2004 -2015 ما لا يقل عن 400 ألف مواطن سوداني في اقليم دارفور مما يعني ان هذه المليشيا خطورتها أكبر من تنظيم داعش في سوريا والعراق وليبيا.
الولايات المتحدة الأمريكية تعرف جيدا أن النظام السوداني هو داعش زااااااااااااتو، ليس هذا فحسب ، بل سمح هذا النظام لجماعات ارهابية أخرى للعمل في أراضيه ، لكن لأن مصالح أمريكا مصونة وغير مهددة حتى بوجود هذه الجماعات الإرهابية ، تحاول الخارجية الأمريكية يائسة الدفاع عنه.
إنه النفاق الأمريكي أيتها الشعوب السودانية المسكينة فلا تزعلي ..أمريكا لا تهمها المجازر البشعة التي ترتكبها مليشيات النظام في كل من دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق ..ولا تهمها خنق النظام للحريات العامة ومنع حرية الرأي واغلاق الصحف ، ولا تمانع ايضا قتل النظام للطلاب داخل جامعاتهم ومدارسهم .. كما أنها في كل مرة تقتل فيها الأجهزة الأمنية للمواطنين الذين يخرجون في مظاهرة احتجاجية على خطوة ما من النظام ، أمريكا لا تفعل شيء ، سوى التعبير عن قلقها الشديد في نفاق وتواطوء واضح مع الخرطوم.
المضحك في الأمر هو بيان الخارجية الأمريكية الذي يقول إن السودان اتخذ خطوات مهمة ضد داعش ، وقال إن الولايات المتحدة الأمريكية قد ترفع العقوبات المفروضة على السودان في ست أشهر ، وقالت الخارجية الأميركية، وفقا للوكالة، إن على السودان أن يتوقف عن دعم الجماعات الإرهابية والإرهاب لمدة ستة أشهر قبل بدء إجراءات رفع اسمه من القائمة. لكنها قالت أيضاً إنها ستواصل الضغط على السودان لتحسين سجله في حقوق الإنسان! وهنا تعود أمريكا لسياسة النفاق المستخدمة لدغدغة مشاعر الشعوب المقهورة والمظلومة.
الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاءها من الدول الغربية والعربية تقصف وتقذف تنظيم داعش في كل من سوريا والعراق لأكثر من سنتين دون هزيمته والذي لا يتعدى أفراده 20 الف ارهابي سلفي وهابي قرضاوي. هذا التحالف الذي يتكون من أكثر من 60 دولة ، واستخدم أحدث ما توصلت اليه تقنية شركات انتاج الأسلحة ، لم يستطع حتى اليوم هزيمة هذا التنظيم دون ان يقف قليلا ويسأل نفسه ..هل داعش بهذه القوة لدرجة أن الأساطيل البحرية والصواريخ والقذائف المستخدمة لا تستطيع هزيمته؟.
أنا متأكد أن التحالف الدولي في اجتماعاته لتقييم الحرب على داعش طرح السؤال اعلاه ، لكنه يخشى الإجابة عليه لكي يتجنب أي مواجهة مع أعضاءه من الدول الإسلامية ، كالسعودية وقطر وسوريا والأمارات ، وهي دول تزود داعش بالعناصر البشرية الإرهابية في نفاق واضح -أي ان هذه الدول في العلن مع التحالف وفي الخفاء مع الإرهابيين.
نعم ، التحالف الدولي في حربه على داعش فشل في هزيمته ، ليس لضعفه وقوة هذا التنظيم ، لكن لأن الدول الإسلامية الأعضاء في هذا التحالف ودول أخرى كالسودان وتونس وليبيا والجزائر تسهل عملية تدفق الإرهابيين بشكل يومي إلى سوريا والعراق عبر تركيا كمقاتلين ، وهذا التدفق اليومي ساعد على بقاء هذا التنظيم طويلا “بريود”.
أمريكا تدعي أن السودان اتخذ خطوات ضد داعش ، لكنها تعلم علم اليقين ان الإرهابيين من الطلاب يتم تجنيدهم داخل الجامعات السودانية وارسالهم عبر مطار الخرطوم بعلم حكومة البشير إلى تركيا ومنها إلى سوريا والعراق ، وأخرين يتدفقون الى ليبيا في وضح النهار ، ومع ذلك تقول أمريكا ان السودان اتخذ خطوات مهمة ضد داعش ..أي داعش تتحدث عنه أمريكا والسودان مزود مهم لهذا التنظيم بالعنصر البشري ، وهذا ما أخر التحالف الدولي في هزيمة داعش ..بمعنى ، كل ما وجه التحالف ضربة قوية لتنظيم البغدادي في سوريا والعراق وسرت الليبية سرعان ما يأتيه الدعم البشري من الدول الإرهابية الإسلامية كالسودان مثلا.
كفى نفاقا واستهبالا يا أمريكا ، فداعش لم ولن ينهزم إلآ بذهاب الأنظمة المنافقة التي تدعي محاربته لكنها في واقع الأمر توفر له بيئة خصبة لتستخدمه كورقة ضغط ضد الغرب.
والسلام عليكم..