تفتقد المنطق لشبكات الإتصالات وتنعدم فيها المستشفيات ومياه الشٌرب
أمراي _ صوت الهامش
رغم توقف الحرب في أجزاء واسعة من إقليم دارفور،الا أن هناك مناطق ماتزال تعيش كوابيسها اللعينة،وبات مواطنيها يخشون من كل غريب داخل إليهم،عدد منها لم تعرف حتى الآن الخدمات الحكومية،يقضون إحتياجاتهم التعليمية والصحية بمجهودهم الذاتي،عبر متطوعين وهبو أنفسهم لخدمة أهاليهم دون كلل،هدفهم في الحياة تنشئة جيل جديد،متجاوز للمعاناة التي عاشوها هم طوال سنوات الحرب.
ما خلفته الحرب من معاناة لايمكن تعويضه بأي حال من الأحوال،سنوات من عمرهم قضوها تحت “القصف” المتواصل لطيران البشير،لم يحميهم من بطش الالة العسكرية،سوى “الجبال” التي يلجأون إليها مع كل “غارة” علها تقيهم من بطش ووحشية الالة العسكرية التي تقتل بلارحمة.
مناطق منسية
رغم أننا نعيش في عصر التكنولوجيا والتطور الرقمي،الا أنها هناك مناطق في السُودان تعاني صعوبات الحياة القاسية، منقطعون عن العالم الخارجي الا من خلال أجهزة “الراديو” ذات الإشارة المتقطعة الذي يخبرهم أحياناً ما يجري حول العالم،أكثر توصيف يمكن أن توصف به تلك المناطق بأنها مناطق “منسية” يعيشون في عُزلة تامة عن الحياة،رغم ذلك كيفو أنفسهم على تلك المعاناة.
إستهداف ممُنهج
جُل هذه المناطق تعرضت لاستهداف ممنهج من قبل النظام البائد،الذي قتل وشرد مواطنيها ودمر منازلهم وحولها لأطلال،كثير من الناس عادو لتعمير مناطقهم عقب الاستقرار النسبي وتوقف الحرب بدأوا حياتهم من الصفر في ظل ظروف بالغة الصعوبة والتعقيد،يسرد المواطنين في تلك المناطق معاناتهم في سنوات الحرب اللعينة وكيف كان نظام المؤتمر الوطني المُباد يقصف المدارس والمستشفيات وحتى دور العبادة لم تسلم من تلك الغارات،ورغم ذلك تناسوا المرارات وبداؤا في إعمار ما دمرته الحرب عبر جهد ذاتي يعملون بهمة ونشاط لإعمار الديار وعودة من تم تهجيرهم قسراً في سنوات الحرب.
مواطنون:يحكون كيف كان يدمر الطيران الحكومي منازل المواطنين
“أمراي” …ظلم الحكومة
في منطقة “أمراي” التي تبعد من محلية كُتم بولاية شمال دارفور نحو 80 كيلو متر،تتجلى المُعاناة في كل شئ،حيث تنعدم في القرية الخدمات الحكومية،لم يعرف مواطني المنطقة الطُرق “المُعبدة” ولا المياه الصالحة للشُرب،ولا خدمات الإتصالات،تعد الابار هي المصدر الوحيد لمياه الشُرب،هذا خلافاً لمياه الأمطار التي تتجمع في الوديان الموسمية،يقطع النسوة عشرات الكليو مترات،بهدف الوصول لمصدر المياه الوحيد في منقطة “أمراي” من أجل الظرف بـ”جركانة” مياه لعلها تقي أفراد الأسرة من العطش،هذا المورد الوحيد للمياه يتقاسمه المواطنين مع قطعان ماشيتهم من الضأن والماعز،والأبل،ودوابهم التي يستخدموها كوسيلة للمواصلات “الحمير” والحصين”،هذه الحياة البدائية تجسد بصورة واضحة ظُلم الحكومة لمواطنيها في المناطق النائية .
ولايعلم المسؤلين في أي جغرافية تقع تلك المناطق،هذه الرؤية وضحها المواطن مصطفي هري في تعليقه لـ”صوت الهامش” بقوله”الحكومة أخشى أنها لا تعلم بأن هُنا يعيش مواطنين في هذه المنطقة” وأردف قائلاً”تكيفنا على هذه المعاناة وأبنائنا يدرسون في مدارس تفتقد للإجلاس ويعمل بها مُدرسون بجهدهم الذاتي،ونفقتد للمستشفيات بإستثناء مراكز صحية بالية،كم من شخص توفي في الطريق وهو في طريقه لأقرب مشفى لتلقي العلاج” .
وأكد أن أمال وطموحات المواطنين عقب السلام هو تنمية مناطقهم وتشييد المدارس والمستشفيات،وإنشاء الطُرق التي تسهل لهم الوصول لأقرب مدينة “كُتم” أو “مليط”.
مُلاحقة عسكرية
رغم إفتقار تلك المناطق للخدمات الحكومية،لم تسلم من هجمات حكومة الرئيس المخلوع عُمر البشير،الذي قصف عن طريق جيشه والمليشيات المُتحالفه معه أكثر من مرة منطقة “أمراي” بالطيران،بزريعة أنها كانت تمثل قاعدة عسكرية للحركات المُسلحة،الطيران الحكومي قصف منازل المواطنين المُشيدة بالمواد المحلية،كما أنه دمر مدرسة “أمراي” أكثر من مرة .
ويروي المُدرس منصور محمد خريف بشر لـ”صوت الهامش” عن مُعاناة سُكان المنطقة،وقال بأن “أمراي” منطقة تأريخية عاشت في مشاكل عصيبة،مشيراً إلى أنها أكثر منطقة أستهدفت من قبل النظام البائد،لظنه أنها تمثل قاعدة عسكرية للحركات المسلحة وبيًن أن الإستهداف سبب ضرر بالغ للمواطنين حيث تعرضت نحو ثلاث قرية للحرق منها قرية ادم فكي،وحلة احمداي خريف بالطيران وقضى الحريق على منازل المواطنين وتسبب في نفوق ماشيتهم.
قصف متواصل
ويمضي منصور في تذكار المعاناة والصعوبات التي لاقوها في سنوات الحرب،التي وصفها باللعينة مبيناً أن الطيران الحكومي في العام 2006و2007 كان يقصف منطقة “أمراي” في اليوم أكثر من ثلاث مرات،وتسبب في قتل الماشية والمواطنين وسبب عاهات مستديمة لعدد كبير من المواطنين الأبرياء، وأضاف منصور بقوله”في23-4-2006 عندما كان الطلاب في المدرسة اتى الطيران الحكومي و قصف المدرسة عن طريق 12 دانة الأمر الذي تسبب في قتل إثنين من الطلاب وإصابة العشرات وحرق المدرسة كُلياً” وتساءل لماذا استهدف نظام البشير الطُلاب الأبرياء،هل كانوا يمتلكون السلاح.
المسافات الطويلة
عند ساعات الصباح الباكرة،يبدأ طُلاب مدرسة “أمراي” الأساسية رحلة الوصول لمدرستهم الوحيدة يأتون من 18 قرية يقطعون مسافة تقدر بنحو”10″ كيلو مترات على الأقل بعضهم على ظهر “الحمير” والبعض الاخر يسيرون بأرجلهم حتى الوصول لوجتهتهم،رغم برودة الطقس وسوء الأحوال الا أن الطُلاب كانوا يمضون لمدرستهم في همة ونشاط،متجاوزين معاناتهم .
ويقول المدرس منصور خريف لـ”صوت الهامش” تعد مدرسة أمراي هي المدرسة الوحيدة للقرى التي تحيط بها وتبلغ حوالي 18 قرية،ويقطع الطُلاب نحو 10 كيلو حتى الوصول لمركز المدرسة،وأشار أن واحدة من مشاكل المنطقة هو معاناتهم في الحصول على مياه الشُرب،بجانب إنعدام المراكز الصحية،ويقطع المرضى حوالي 80 كيلو للوصول لأقرب مركز صحي في مدينة كُتم،وطالب بتوفير خدمات الإتصالات والمساهمة في ربط المنطقة ببقية السُودان والعالم عن طريق الإتصالات.
سلام مُستدام
المواطنون هناك أمالهم وتطلعاتهم في سلام مستدام وعودة الاستقرار لمناطقهم،كما أنهم يشددون على مُحاسبة من تسبب في تشريدهم وقتلهم عبر تقديمهم لمحاكمات ومعاقبتهم على الجرائم التي إرتكبوها،هذه هي رؤية ورغبة كل المتضررين من الحرب،يشيرون أن من يشفي غليلهم ويُنهي معاناتهم هو مُحاكمة من تسبب في تلك المعاناة وقطع الطريق مستقبلاً أمام أي إنتهاكات قد ترتكبها الحكومات.