صوت الهامش: غرفة المتابعة
نفذت لجنة الاطباء المركزية اضرابا في جميع المستشفيات الحكومية في السودان وفشلت المحاولات الحثيثة للنظام الحاكم في كسر واختراق الاضراب ، ويعد هذا الأضراب هو الثاني للأطباء منذ وصول الحركة الاسلامية للحكم عبر إنقلابها في الثلاثين من يونيو 1989 ، حيث نفذ الاطباء إضراباً في ديسمبر 1989 في أول مواجهة مع الإنقلابيين. ويرفع الاطباء عدة مطالب بينها تهيئة بيئة العمل بالغة السوء و توفير المعينات الطبية والأدوية المنقذة للحياة وسن قوانين لحماية الطبيب في اعقاب الاعتداءات الاخيرة جراء اخفاق السلطات الصحية.
وشهدت ليلة امس” الاربعاء” حتى فجر اليوم” الخميس” عمليات شد وجذب بين لجنة الاطباء المركزية والسلطة التي شنت حربا شعواء ببث الاكاذيب والشائعات بعد أن عجز سلاح التخويف والتهديد والارهاب لإثناء الاطباء عن الاضراب، وحذر جهاز الأمن الصحف والقنوات من تناول أي أخبار عن الأضراب .
وشكلت الحكومة السودانية “غرفة عمليات” لادارة ازمة الاطباء اسندت رئاستها الى نائب الرئيس حسبو محمد عبدالرحمن المعروف بشراسته وتعصبه الاعمي لنظام الانقاذ ، وشهد مواقع التواصل الاجتماعي وتطبيق “واتس آب” نشاط ملحوظا لوزير الدولة في الاعلام ياسر يوسف ووالي الخرطوم السابق عبدالرحمن الخضر ومدير الاعلام في القصر الرئاسي ابي عز الدين في بث تطمينات عبر الصور والتعليقات تشير إلى عدم تحقيق الاضراب لاهدافه.
وحذرت الخدمة الوطنية التابعة لوزارة الدفاع في خطاب ممهور بتوقيع المستشار القانوني لمنسقية ولاية الخرطوم منسوبي الخدمة الوطنية بالمستشفيات والمراكز الصحية من التغيب عن العمل وحظرت عليهم المشاركة في اضراب او الامتناع عن تنفيذ التوجيهات الصادرة اليهم، ووصف الأطباء الخطوة بانها واحدة من التدابير التي لجأت اليها “لجنة حسبو” لكسر الاضراب.
وتسبب الاضراب الذي انتظم معظم المستشفيات في العاصمة والولايات في شلل كامل، وكشفت جولة بمستشفى الخرطوم بحري احد اكبر المستشفيات بالعاصمة السودانية الخرطوم حالة شلل واضحة حيث تحول المكان الذي كان يشبه “خلية النحل” من كثرة حركة المرضى والاطباء والكوادر الصحية والزوار الى ” اشباح”، وخلت العنابر “الحالات الباردة” من اي وجود للاطباء وحتى الموظفين وقال احد مرافقي المرضى ان الاطباء لم يظهروا نهائيا في العنابر.
وقال احد المواطنون إنه مرافق لأبن اخيه الذي بترت ساقه بسبب داء السكر أن الرعاية الطبية لا توجد بالمستشفى وأن معظم المرضى غادروا إلى وجهات مختلفة بحثا عن العلاج ، وقال أنه لأ يحمل الأطباء مسؤولية تردي الأوضاع لأنهم يعملون في ظروف بالغة القسوة ورصدت الجولة الروائح الكريهة تفوح بطريقة لاتطاق من عنبر الجراحة مايوضح ان المكان لايخضع للنظافة الدورية.
وقالت مواطنة اخرى انها تعتزم نقل شقيقها الذي أصيب في حادث حركة إلى المستشفى الصيني بدلاً عن مستشفى بحري، وتعتبر المعاناة التي يواجهها المرضى في تلقي العلاج وتردي الخدمات بالحوادث “الطوارئ” ، وداخل العنابر “الحالات الباردة” داخل المستشفيات على رأس الاسباب التي اضطرت الاطباء الدخول في اضراب لاجبار السلطة على تحسين الاوضاع داخل المستشفيات.
وعلى صعيد آخر أعلنت شبكة الصحفيين السودانيين تآييدها المطلق لاضراب الاطباء ومطالبهم العادلة ، وقالت في بيان اليوم “الخميس” : ” لن تقف شبكة الصحفيين السودانيين مكتوفة الأيدي إزاء الخطوة الشجاعة التي إبتدرتها أطباء وطبيبات أمتنا العظيمة، لذلك تعلن الشبكة انحيازها التام وتاييدها المطلق لمطالب الاطباء المشروعة التي جاءت متعطرة بذكرى ثورة إكتوبر الملهمة”.
وأضاف البيان ” تطالب شبكة الصحفيين في الداخل والخارج المتابعة عن كثب وبالدقة المطلوبة لمجريات الإضراب ونشر التفاصيل في المواقع الإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تعجز أيدي السلطة الفاشية وأجهزتها الأمنية الوصول إليها واخماد أنفاسها” ، وحذرت إنها لن تدع الاطباء يسيروا في هذا الطريق وحدهم في اشارة الى اعتزامهم تصعيد المواجهة تزامنا مع اضراب الاطباء.
ومنع جهاز الامن الصحف الورقية، وغيرها من الأجهزة الإعلامية المسموعة والمرئية من نشر أي مواد صحفية حول إضراب الأطباء ،وأرسلت إدارة الإعلام في جهاز الأمن تحذيراً شفاهياً عبر مكالمات هاتفية لرؤساء تحرير الصحف من تناول أو متابعة او التعليق على الحراك الذي يجري في اوساط الاطباء ، ومنعت بشكل قاطع التطرق باي شكل من الاشكال إلى اضراب الاطباء ، ومنذ يومين أوفدت الادارة مناديب منها إلى الصحف وطلبت منها مدها بمعلومات ادارية وتحريرية مثل مكان الطباعة وكيفية ارسالها الى المطبعة ومعلومات عن المسؤولين عن المهام الادارية والتحريرية في الصحيفة المعنية ، واعتبر الصحفيون هذه الخطوة بأنها مقدمة او إرهاصات بهجمة امنية جديدة قادمة على الصحف او فرض رقابة قبلية.
ومن جهة اخرى أعلنت احزاب الامة القومي والشيوعي ونداء السودان في الداخل تضامنها واكدت لجنة المعلمين وقوفها مع الاطباء في مطالبهم العادلة. أعلنت اللجنة التمهيدية لصيادلة السودان تضامنها مع الأطباء وأكدت على عدالة المطالب ، وشددت على ان القضية لا تخص الاطباء وحدهم بل كل الكوادر الطبية العاملة وفي مقدمتهم صيادلة السودان.
وفي السياق اعلن الاطباء والطبيبات السودانيين بالقصيم في المملكة العربية السعودية في بيان امس :”من هنا نعلن مرة اخري عن كامل تضامننا مع إضراب الزملاء ، وعن دعمنا للمطالب العادلة والموضوعية حتي يتم تحقيق كل المطالب التي حتماً ستخلق بيئة عمل صالحة يمكن من خلالها تقديم خدمة للمواطن السوداني”.