أيوب يحي (أبو دمباري)
إن الحكومات الديكتاتورية عادة ما تسعى لتثبيت أنظمتها بعدد من الأساليب الماكرة التي تجعل الشعب يظل رهن التبعية والإذلال، ومن هذه الأساليب المتبعة سياسة الهاء الشعب وتخديرهم ثم إغراقهم فى مستنقع من الأكاذيب والروايات المفبركة لإلهاء الرأي العام وترويضه، وكلما رغب المفسدون في تبييض صفحاتهم الظلامية يتبنون سيناريو جديد يبنون عليها خططهم ومشاريعهم الإعلامية حتى يصوروا للناس أنهم على عكس ما عرفوا به أو ما يقال عنهم….!!
ما بين شبح الملاحقة الجنائية وكوابيس أرواح آلاف الأبرياء التى زهقت لأغراض النفوذ و السلطة وتحت عباءة الدين، أصبح البحث عن الطمأنينة من أهم الأولويات وأكثرها أهمية للرئيس السوداني الهارب من العدالة الدولية وأنصاره الذين ما أنفك يؤلفون الروايات العجيبة ويطلقون الدعايات الغريبة، فتارة يروجون لإشاعات هزيلة ومخجلة لا يصدقها عقل ولايقبلها ضمير أو منطق!!! وتارة أخرى ينظمون مهرجانات مدفوعة الثمن والتكاليف ليدشنوا خلالها مسرحيات تمثيلية سيئة الإعداد والإخراج، بغرض الترويج لرأس الدولة ومحاولة تزيين صورته القبيحة المشوهة بالفساد ودماء الأبرياء وإظهاره للعالم على غير حقيقته وطبيعته ذائع الصيت…!!
لا شك أن الطمانينة هى مصدر الثقة وراحة النفس والبال من القلق وسكونها وثباتها من القلاقل، والطمأنينة هى أساس الأمن، فإذا حدث خلل في جانب منه سوف يؤثر بشكل مباشر على الجوانب الأخرى من حياة الإنسان وأداءه لواجباته…. وهذا ما يبدو عليه الرئيس السوداني عمر البشير فى تحركاته وتصرفاته وفى انفعالاته وتفاعلاته بفعل الاضطرابات الذهنية والنفسية التى يعاني منها بسبب الملاحقة الجنائية على خلفية إرتكابه جرائم ضد الانسانية بحق المدنيين فى دارفور وجبال النوبة والنيل الأزرق، حيث تطارده أرواح الضحايا فى كل شبر، حتى بات يفقد الطمأنينة والثقة فى نفسه وفى أهله وماله، مما إضطرت حكومته إلى إتخاذ تلك الأساليب القذرة والدنيئة للسعي من خلالها الى شغل الرأي العام وإركاب الشعب موجة زائفة من البرامج والمشروعات التى تؤدي لإلهاء الشعب وجعلهم يعيشون فى حالة من الانصرافية والانشغال الدائم بتلك البرامج الفارغة وعديمة الجدوى، وعليه يسعى الرئيس إلى طرح نفسه بأنه القائد الشرعي الأكثر تأييدا وحبا من قبل جماهير أبناء الشعب السوداني، وأن حكومته هي الجهة المخوّلة بالحكم لتحقيق مطالب الناس…الخ!!
والأمر الآخر والأهم حول هدف الحكومة من وراء برامج الالهاء هو فشل الحكومة فى إدارة الدولة وفى تفيذ أبسط وعودها حول برنامجها عن الإصلاح والتنمية الذى أعلنته للشعب منذ فجر الانقلاب المشؤوم، وكل تلك الشعارات والترقيعات التي ظل يهللّ لها أنصار الحكومة خلال الربع قرن لم تكن في حقيقة الأمر سوى محاولات لخداع الجماهير والالتفاف على مطالبها في الإصلاح الحقيقي والجذري والمتمثل بإسقاط هذه العملية السياسية المفسدة بالكامل، بمؤسساتها الفاسدة التي هي الحكومة والبرلمان والقضاء والإعلام…الخ، فهذه المؤسسات لا تصلح أبدا للقيام بمهمة التغيير الديمقراطي والإصلاح الجذري المنشود، لأن الفساد قد استوطن وعشعش في هذه المؤسسات بشكل كامل ولا مجال أبدا لأي إصلاح من خلالها.
على الذين تاهوا بداخل عباءات الدين والشعارات الوهمية أن يعوا هذه الحقيقة المرّة ويدركوا أن لا حل إلا بالثورة او الانتفاضة الشعبية، ولا إصلاح إلا بحل البرلمان المفسد والحكومة الفاسدة، والدعوة لإجراء إنتخابات ديمقراطية وشفافة ينبثق عنها برلمان جديد يلغي هذا الدستور المسخ ويحول النظام من عسكري إلى مدني ينتخب فيه الرئيس بشكل مباشر من الشعب وليس عبر التوافقات والمحاصصات اللعينة، ويعاد بناء العملية السياسية وفق أسس وطنية جديدة غير الأسس التي قامت عليها هذه الحكومة الديكتاتورية الفاسدة!!
على الشعب السوداني عموما وعلى الجماهير الثائرة التي تنشد التغيير والخلاص من براثن هذا النظام الفاسد بشكل أخص أن يحذروا من محاولات التمييع والتسويف التي تمارسها الحكومة من خلال طرح برامج لتزييف الحقائق وفبركة الأحداث والنشاطات التى تسوق من خلالها لبضاعتها الفاسدة، وأي شعارات ووعود بالإصلاح ما هي إلا محاولات للتخدير والتسويف فلا تضيعوا فرصة التغيير من أياديكم بالانصياع لتلك الشعارات والحيل السياسية البراقة أو الانصراف وراء إستراتيجية التسلية والإلهاء، ومتابعة الطوفان المستمر من الأحداث غير المجدية ولكم فى (فنلة ميسي) عِظَةٍ………وفى مهرجان (أديس أبابا) عِبْرَة………َ!!!
youbacom2010@yahoo.com