حين خبرت حكومتنا الحالية الجنوبيين بين الاقامة فى اوحش أقبية التهميش والعزل او المفارقة مصحوبين بالسلامة ,قائلة لهم: فراقكم عيد وغنيمة ..ظننا نحن بقية أهل الهامش أن حكومتنا ستضم جوانحها على بقية اهل الهامش وتشرع فى السير نحو التضام والتوحد وتقيم العدل بين من بقى تحتها من الإثنيات المتنافرة . بيد ان هذه الائنيات بدأت تنوح وتشوح مجددا بعد ان لامست خوف عدم حصول تلك الامانى المرتجاة , وذلك حين إشتعلت اوار حروب اخرى لذات الاسباب تزكيها نفس دعاوى التهميش فى النيل الازرق وجبال النوبة ودارفور ,مايعنى أن قبول الحكومة الحالية بإنفصال الجنوب لم يكن ممارسة ديمقراطية أو إقرارا بحق الشعوب السودانية فى تقرير مصائرها, إنما لعجز الحكومة عن سحق كل من حرد وشرد من المجموعات العرقية المتنافرة المنتشرة فى كل بقاع واصقاع السودان ,وحتى تستفرد بالبقية وتخضعهم بالقوة كما حدث. وهوما يفسر حالة عدم الاستقرار واللأمن فى دارفور والنيل الازرق وجبال النوبة . وهذا يعنى ان انفصال الجنوب لم يسد للأمن فرجة ولم تتحسن الاحوال درجة . الغريب أن النظام الحالى لا هو إسلامى يطبق الشريعة ولا هو نظام ديمقراطى يتساوى فيه كل الناس ويتمتعون فيه بنفس الحقوق والواجبات , فهذا النظام ليس لديه ولم يكن له فى يوم من الايام أى مشروع للحكم ,غير الوثوب على السلطة والتمتع بلذائذها فحسب, كما رأينا ونرى الى يومنا هذا . لذلك ما أن تخلص النظام (او ظن أنه تخلص من الجنوب ؟) حتى تفرغ للبقية ,وعاد أشد شكيمة وأمضى عزيمة لسحق كل من تسول له نفسه أن يرى رأيا خلاف ما تراه الحكومة( غير المنتخبة) لدرجة عدم التورع عن إطلاق الرصاص الحى على الطلبة المتظاهرين وفى قلب العاصمة . وهو ما جر علي النظام نقمة دولية لم يستطع إسكات عوائها او تخفيف غلوائها حتى حين رهن إستقلاله وسيادته فقبل بإستقدام جيوش أممية بالآلاف عجزعن إخراجهم الآن.. . ونعود الآن لأصل موضوعنا وهو بدعة الموانىء البرية التى إبتدعتها الحكومة لتجريد الشرق من موارده وكأنه لم يكفها إستنزاف ثرواته الناضبة كالذهب الذى إستخرجت منه آلاف الأطنان لم تنعكس على حياة أهل الشرق . وأنا هنا اتعمد الإشارة إلى إستئثار المركز بثروات الاقاليم لأؤكد أن سياسة الإستغفال والأنانية المتبعة من قبل الفئات المهيمنة فى المركز أدت وستؤدى الى استمرار التململ وعدم الاستقرار لتصبح السبب الوحيد والاوحد الذى سيفتت المفتت ويقسم ما تبقى من السودان المقسم الآن .فلماذا تتمادى الحكومة فى السياسات المحفزة للتشظى وتجعل رئاسة الموانىء والخطوط البحرية(الله يرحمها)فى الخرطوم غير المشاطئة للبحر وتحرم المدينة الساحلية من ميزتها النسبية ,وهى التى لم تكن فى السابق –كما حدثنا كبارنا- لا مدينة ولا حتى قرية قبل ان ينقل إليها الانكليز الميناء مفضلينها على سواكن ..لا بسبب وجود الشعب المرجانية المعوقة للملاحة بسواكن- كما برروا يومها, بل لكون سواكن أكبر مدينة عربية الوجه وإسلامية التوجه فى طول وعرض منطقة جنوب الصحراء الكبرى وتتعايش فيها مختلف الأعراق فى سلام ووئام وإنسجام يتنافى ويتعارض مع توجه السلطة الإستعمارية التى كانت تتبنى سياسة التفريق بين الناس وتعمل بسياسة فرق تسد, وهذا حديث يطول قد نعود إليه ذات يوم . وإستطرادا ,هل تشكو الحكومة نقصا فى عدم الموالاة لتنقل الاعمال المرتبطة بالميناء للعاصمة دون أدنى إعتبار للضرر الذى سيقع على الآلاف من مواطنى الشرق الذين إرتبطت حياتهم ومعايشهم بالأنشطة المرتبطة بالميناء ؟ ألم تصغى الحكومة إلى هتافات متظاهرى الشرق إبان مقتلة البجا وماكانوا يطالبون به ؟ أم ان خفوت صوتهم الآن يبرر تغافلها عن مطالبهم والإستنامة والتطامن المخادع حتى تصحو ذات صباح على سماع مظالم تفوق تلك باعا وذراعا . يا سادة أهل الشرق أعلم بتصريف أمور موانئهم التى نمت ونبتت بينهم وإرتوت بعرقهم ودمهم ,فكفوا عن صب الزيت على النار وإيقاظ الفتن من نومها وإستنهاضها من مراقدها ,فالعاجز عن تهدئة جبال النوبة ودارفور والنيل الازرق أعجز من إخماد أى زعازع فى منطقة قد يؤدى إشتعالها إلى تفكك ماتبقى من البلاد. توقفوا –رجاءا- عن ممارسة الإفقار الممنهج والتهميش القصدى ,فمن الخير لهذه الحكومة المعزولة ان تصالح شعوبها قبل فوات الأوان , فسيناريو قضم دارفور وضمها لتشاد وقسمة الشرق بين إرتريا ومصر هو سيناريو قابل للتحقق إن لم يكن قيد التنفيذ؟ وسيجلل عار و شنار الأبد, الذين أدمنوا إغتصاب خيرات الهامش والإستئثار بها لتنتفخ بطونهم وأصحاب تلك الخيرات خماص تلتقى أضلعهم من الجوع. كفوا عن هذه الأنانية وأعدلوا هو أقرب للتقوى , فقد إنكشف وجهكم الملىء بالندوب وشف عنكم ثوبكم الملىء بالثقوب وعرفتكم الدنيا كلها كمجرد تجار دين ميالين الى الرخاء والإسترخاء قليلى المروءة والدين ,لاترعون العهود ولاتفون بالوعود شيمتكم الغدر ,كما فعلتم مع بن لادن وحليفتكم حتى الأمس القريب إيران ,فالزرع أخضر والناس أخبر كما يقول المثل العربى . سارعوا إلى إستنقاذ حلايب قبل أن يدعسكم ويدهسكم إستفتاء سيكون له مابعده أعد له المصريون العدة , وهو سيناريو معروف ومكشوف مللنا التذكير به .
ادروب سيدنا اونور . ,