الخُرطوم – صوت الهامش
أعلن رئيس الوزراء السُوداني عبدالله حمدوك “الأحد” الالية الوطنية لإنفاذ مُبادرته الخاصة بدعم قضايا الإنتقال الديمقراطي في السُودان،والتي سبق وأن طرحها للقوى السياسية غضون الفترة الماضية،وأسندت رئاسة الالية لرئيس حزب الأمة القومي اللواء معاش فضل الله بٌرمة ناصر،وضمت في عضويتها عشرات الشخصيات من زعماء أحزاب سياسية ورجال دين وقادة الإدارة الأهلية .
هذه المُبادرة وفقاً لمراقبون يرون بأنها تمثل الخطوة الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في السُودان،في ظل حالة إنسداد الأفق السياسي وسوء الأحوال الإقتصادية،بينما يرى أخرون بأنها تحصيل حاصل إسوءة بما بمبادرة الحوار الوطني الذي أطلقه الرئيس المخلوع عمر البشير،وإنتهت بتقاسم السُلطة بين أحزاب لاوزن سياسي لها.
إعتذار وإرباك
قبل أن يجف بعد المداد الذي كتبت به أسماء أعضاء الالية الوطنية لإنفاذ مبادرة دعم قضايا الإنتقال الديمقراطي،سارع حاكم إقليم دارفور،ورئيس حركة جيش تحرير السُودان مني أركو بإعلان إعتذاره عن العمل في الالية متهماً مستشار رئيس الوزراء السياسي ياسر عرمان بإعداد اسماء الالية وفقاً لمزاجه الخاص وما يتسق مع أفكاره،تبعه في نفس الموقف الزعيم الأهلي المُثير للجدل محمد الأمين ترك الذي أعلن هو الاخرإعتذاره عن العمل في مبادرة حمدوك إعتذار مناوي وترك المُفاجئ من شأنه أن يربك عمل الالية ويشكك في نوايا الأهداف التي تنوي تنفيذها غضون الفترة المُقبلة.
لا جديد يُذكر
قبيل إنطلاقة مبادرة دعم قضايا الإنتقال إنخرط رئيس الوزراء عبدالله حمدوك في إجتماعات مكثفة مع القوى السياسية حتى تلك التي كانت تُشارك النظام السابق في اخر سنوات حكمه،على أمل الحصول على وفاق وطني ينهي الأزمة السياسية والإقتصادية التي يٌعاني منها السُودان،وظلت عصية على الحل،غير أن الالية المعلنة لم تضم تلك الشخصيات التي إلتقى بها حمدوك قبيل طرح مٌبادرته،من بين تلك الشخصيات عبدالله مسار رئيس حزب الأمة الوطني الذي قابله حمدوك ضمن مشاوراته مع القوى السياسية . وقال أن مبادرة رئيس الوزراء عبد الله حمدوك،مبادرة تفتقر للحنكة والدربة السياسية وتوقع إنهيارها وعدم تحقيقها لأي غرض .
وقال في تعليق لـ”صوت الهامش” أن المبادرة لا تصلح لأي برنامج وفاق وطني لجهة أنها تأسست من قبل الأحزاب المكونة لقوى إعلان الحرية والتغيير المتشاكسة فيما بينها كما أن اللجنة لم تمثل القوى السياسية المعارضة ولاتمثل كل أهل السودان في الولايات ولذلك هي لجنة تخص الحرية والتغيير .
وإتهم مسار حمدوك بإبعاد كل تيار اليمين الذي شارك في الثورة،وتابع”وهذه المبادرة ولدت ميته وهي تؤكد عدم جدية الحكومة في وفاق وطني”.
لن تؤسس لوطن جامع
رؤية مسار الناقدة للمبادرة والألية التي تشكلت بموجبها تواثق معها رئيس حزب بُناة المٌستقبل فتح الرحمن فضيل والذي قال بأن المبادرة لم تأتي بجديد ولن ينتظر منها شئ لإنهاء أزمات البلاد التي فشلت الحكومة الإنتقالية في التعاطي معها .
وأكد في تعليق لـ”صوت الهامش” أن الحكومة التي كان ينتظرها السودانيين عقب الإطاحة بنظام الرئيس المخلوع عمر البشير لم تأتي بعد وأن امال السُودانيين تحطمت من الاداء الضعيف لحكومة الفترة الإنتقالية،وبين فضيل أن حمدوك ليس هو الشخص الذي يمكن أن يؤسس لوطن يسعي الجميع لجهة أن يتبنى مشروع يساري أحادي ويمثل هواه القديم ولم يستفيد من اغترابه الا البعد من الوطن .
وتابع”هذه المبادرة هي مجرد تظاهرة سياسية جمع شتات الحرية والتغيير من أجل التنظير في قضايا فشلوا طوال عامين في إحتوائه.
دفاع مُستميت
الإنتقادات اللاذعة التي وجهت للمبادرة والالية الوطنية التي ستشرف عليها بدأت غير مقبولة لدى رئيس الالية ورئيس حزب الأمة القومي اللواء “م” فضل الله برمة ناصر،والذي قال بأن الالية هي اساس للتصدي لجميع قضايا السودان .
مبيناً أن الحل يكمن في توحيد الكلمة وجمع الصف الوطني على ضرورة ترك المحاصصات وتوحيد الأهداف برؤية قومية ووطنية .
وأضاف في تعليق لـ”صوت الهامش” أن المبادرة اذا خلصت النوايا ستسهم في معالجة العديد من الإختلالات وستحقق نتائج عديدة تسهم في دعم قضايا الإنتقال الديمقراطي وإنهاء أزمات الفترة الإنتقالية ومن ثم الوصول الي صناديق الاقتراع عبر برنامج تراضي وطني.
مبادرة ناقصة
هناك رأي سائد لدى الأوساط السياسية في أن المبادرة هو محاولة لجمع شتات القوى السياسية التي قادت الثورة التي أطاحت بالبشير وتفرقت عقب توزيع السلطة في حكومة الفترة الإنتقالية وفقاً لما قاله المحلل السياسي مصطفى ضواي في حديثه لـ”صوت الهامش”.
وقال أن اللجنة المشكلة لإدارة المبادرة قزمت المبادرة فالواضح ان تشكيلها انبنى على اساس التيارات المتصارعة في قوى إعلان الحٌرية والتغيير وقادة حركات إتفاق “جوبا” من ناحية ورجالات الإدارة الأهلية من ناحية أخرى مع تطعيمهم ببعض الشخصيات في المجتمع المدني حتى في تمثيل الإدارات الأهلية غابت مكونات كبيرة” .
وأشار أن بالألية لا وجود لأي قوى سياسية فاعلة خارج الحرية والتغيير وأطراف الحكومة مع غياب كامل لصوت القوات النظامية حتى لو عبر معاشيين وأضاف “هذا مران داخلي بين أجنحة متصارعة وتريد أن تتصالح ولا علاقة له بجهد حقيقي للخروج بوفاق وطني”.
الحوار الوطني نسخة “حمدوك”
وشبه البعض المُبادرة التي أطلقها رئيس الوزراء عبدالله حمدوك بمبادرة الحوار الوطني الذي أطلقه النظام السابق في العام 2014،والذي تنصل النظام البائد عن نتائج ومقررات الحوار الوطني .
وقال المحلل السياسي وأستاذ العلوم السياسية في الجامعات السُودانية محمد عبدالرحمن موسى في تعليق لـ”صوت الهامش” أن مبادرة حمدوك أشبه بمبادرة الحوار الوطني الذي سبق وأن أعلنه الرئيس المخلوع عمر البشير ولم يخلص لنتائج سوى توزيع السُلطة بين أحزاب سياسية لا وزن لها .
وأكد أن من عيوب مبادرة حمدوك ضمها لشخصيات تحت لافتة الإدارة الأهلية وهي جزء من النظام السابق وكانت فاعلة في أنشطة وبرامج النظام السابق كما في حال الناظر محمد سرور رملي أحد قيادات حزب المؤتمر الوطني المحلول،فضلاً عن عدد من الشخصيات المتماهية مع النظام السابق،وخلص أن هذه المبادرة هي “تحصيل حاصل،ومضيعة للوقت ولن ينتظر منها شئ”