واشنطن : صوت الهامش
قالت منظمة كفاية الامريكية في تقريرا لها ،ان دولة السودان فاشلة منذ ان تقلد الرئيس الحالي السلطة ، حيث قام بتوفير الملاذ الامن لأسامة بن لادن والمسلحين الإسلاميين والارهابين ،بالاضافة الي قيام الحكومة بإرتكاب جرائم ابادة جماعية وفظائع شنيعة ضد مواطنيها في دارفور والقصف الجوي علي المدنيين وحصار المساعدات الإنسانية في جنوب كردفان والنيل الازرق.
و أضافت المنظمة ان الفكرة القائلة بأن السودان دولة فاشلة كلاسكية ليست دقيقة مبينا ان السودان فاشلة لان ملايين النازحين المشردين يعيشون في المخيمات ، والبعض منهم يكافحون في المجتمعات المهمشة في شرق السودان وعشوائيات خارج الخرطوم ، ولكن في نظر النخبة الحاكمة التي جمعت ثروات كبيرة من خلال نهب اموارد البلاد فأنها تري ان السودان ناجحة في شتي النواحي.
الصراع والفساد
واوضحت منظمة كفاية ان النزاع المسلح والفساد برزا في القرنين الأخيرين في السودان،ومنذ حصولها علي الاستقلال في عام 1965 ،تمتعت بعدد قليل من سنوات الحكم الديمقراطي والسلام ، في حين ان النزاع المسلح والفساد كانا سأئدين بألتاكيد إلا ان نظام البشير افرط في درجات العنف وهذا لايعني ان كل اعضاء الحكومة السودانية فاسدون ،ولا حتي غالبية السودان فيها حروبات ونزاعات بل هناك مجموعة صغيرة تفعل ذلك بدعم من الشركاء التجاريين المحلين والاجانب .
وتابع التقرير ان النظام الحالي مؤسسة علي الفساد في جميع دواوين الدولة الي درجة لم يسبق لها مثيل بالإضافة الي الجرائم والفظائع الجماعية التي ترتكبها الحكومة ومليشياتها في المناطق الريفية ، ومهاجمة وقتل وتعذيب اعضاء المجتمع المدني والمهنيين ونقابات العمال والصحفيين وذلك ادي الي طول عمر النظام السوداني الحالي لان تلك القوي كانت الدافع الرئيسي لإطاحة النظام.
”كليبتوقراطية العنف”
وقالت المنظمة ان أفضل وصف لنظام الحكم الذي يتبعه نظام البشير في السودان وهو نظام “كليبتوقراطية العنيف” ، ومن أهدافه الأساسية هي إثراء الذات والحفاظ على السلطة إلى أجل غير مسمى ، ولتحقيق هذه الأهداف يعتمد النظام على مجموعة متنوعة من التكتيكات، بما في ذلك المحسوبية ، العنف السياسي ، والقمع الشديد لاستغلال المعارضين أو تحييدهم وخنق المعارضة ، وتابعت “على عكس العديد من الحكومات الفاسدة أو القمعية الأخرى، فإن نظام البشير مستعد للانخراط في تكتيكات أكثر وحشية، مثل التطهير العرقي، واستخدام المجاعة كوسيلة للحرب، والقصف العشوائي للسكان المدنيين ” .
وأشار التقرير إلى أن النظام السوداني دمر الاقتصاد وأدي إلى التخلف الذي سيكون من الصعب جدا عكس اتجاهه ،وأضافت ” لإثبات ذلك هذا التقرير يبين عمل قطاعات النفط والذهب وشركات تصنيع الأسلحة في السودان، ويبين كيف قام النظام بتشويه كل قطاع لتحقيق مكاسب شخصية وإثراء وايضا يعتمد التقرير علي بحوث أجرتها في الخرطوم وأديس أبابا ،بالاضافة الي مقابلات من أعضاء من المجتمع المدني السوداني ،والاكاديمين، والاقتصاديين”.
وكشفت المنظمة ان النهج السابق التي أتخذتها الحكومة لتحقيق السلام فشلت وعليها اعادتها ولكن عن طريق أتباع سياسات مالية حديثة ،مبينة انه يجب علي المجتمع الدولي التركيزعلي تعزيز السلام الدائم وهدم النظام الدكتاتوري والكليبتوقراطي التي أسسها البشير وحلفائه، عبرتجميد اموال الأفراد المسؤلين عن الفظائع والفساد ومكافحة غسيل الاموال والتدفقات المالية غير المشروعة مما يحد من قدرتهم علي تمويل الصراع .
التوصيات
لدعم حقوق الإنسان والحكم الرشيد في السودان يجب علي صناع القررات اتباع نهجا سياسيا جديدا لمنع تفكك السودان ، فيما يلي عدة استراتيجيات جديدة يجب اتباعها اولا :
عملية سلمية شاملة وصياغة دستور جديد
إن قيام مؤتمر دستوري ذي مصداقية وعملية سلمية شاملة مدعومة دوليا يمكن أن يؤدي إلى سلام دائم ، لان الوساطة لن تنجح في إنهاء الصراعات المسلحة في السودان وفشلت مفاوضات الأتحاد الأفريقي في ضمان وقف إطلاق النار وتوصيل المساعدات الإنسانية للمتضررين ، علي الرغم من انعقاد 13 جولة تفاوضية بين عامي 2011 و2016 والتوقيع علي خارطة الطريق في أغسطس 2016 .
وايضا لم يحسم الحوار الوطني القضايا السياسية العالقة ، لذلك يجب علي القادة دعم قيام مؤتمر دستوري وفقا لأرادة الشعب السوداني ،لانها ضرورية لأستعادة السلام والامن والحكم الرشيد ويتطلب دعما ومشاركة الجميع .
عملية السلام الدولية
ان مفاوضات السلام الحالية والسابقة كانت مجزاءة وهذا النهج يؤخر العملية السلمية، لذلك يجب علي الولايات المتحدة والمجتمع الدولي ودول الإقليم ان تدعم الإصلاحات المدفوعة داخليا بمشاركة أصحاب المصلحة السودانيين في حل العديد من القضايا الساسية الإقتصادية والاجتماعية بالبلاد ، ووضع خطة للانتقال الي بلد سلمي وديمقراطي تتشارك في حكمها كل الأطراف ،وايضا يجب ان تتضمن العملية السلمية الشاملة اراء واصوات متنوعة من المجتمع المدني والمنظمات المهنية والطلاب والنساء والشباب والمجتمعات المهمشة.
الأتفاقية الدستورية
فشل الحوار الوطني السوداني لان الرئيس وحزب المؤتمر الوطني سيطرا عليها علي الرغم من ان الولايات المتحدة والاتحاد الافريقي ضغطت علي الاحزاب السياسية المعارضة للانضمام للحوار بعد رفضها بحجة انها غير شرعية ودون مصداقية ، وأكدت التقريران اتفاقية دستورية جديدة سيتيح الفرصة للشعب السوداني لمناقشة مسائل الحكم وتقاسم السلطة ، وتابعت “بدلا من دعم الحوار الوطني التي تفتقر للمصداقية والشمولية يجب علي الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء استخدام نفوذهم السياسي للترويج لأتفاقية دستورية في السودان بقيادة اصحاب المصلحة السودانيين ” .
تعزيز المشاركة الدبلوماسية الأمريكية
المشاركة الأمريكية الدبلوماسية مع السودان ضرورية لدفع عملية السلام وتحقيق اهداف امنية ،لذلك يجب علي ادارة ترامب تعيين مبعوث خاص لذلك واضافة موظفين ذوي خبر سياسية واقتصادية يتمتعون بمهارات لغوية لمكتب المبعوث، وعلاوة علي ذلك النظر الي المطالب التي يقدمها دولتي السوداني وجنوب السودان وتعيين مبعوث خاص لكل دولة منهما .
الضغط الماليي
يجب علي الإدارة الامريكية المشاركة الدبلوماسية لدعم استراتيجية الضغط المالي والمساءلة لمعالجة الاسباب الجذرية لدولة السودان ،وذلك يعزز اهداف الأمن القومي الامريكي مثل الحفاظ علي سلامة النظام المالي ومكافحة الفساد وردع الدعم المستقبلي للارهاب وتعزيز حقوق الانسان.
وقف التدفقات المالية الغير مشروعة
علي صناع القرار والهيئات التنظيمية ومسؤولي الولايات المتحدة العمل سويا لوقف التدفقات المالية غير المشروعة من السودان والتدقيق حول الدور الذي يلعبه الشركاء الاقتصاديون الدوليون في السودان في تحويل اوتسريب ثروات البلاد بالتواطؤ مع قادة النظام .واضافت ان تعطيل الشبكات التي تسمح لتلك للتدفقات المالية الغير مشروعة الي النظام المالي العالمي امر حاسم للضغط علي الحكومة لتحسين التنمية الاقتصادية والحد من الفساد ، ومن خلال فرض تدابير مكافحة غسل الأموال، ووضع عقوبات أقوى ولكن أكثر استهدافا، والقضاء على الثغرات التنظيمية، يمكن للمسؤولين الأمريكيين ضمان استمرارية العملية السلمية.
وايضا يجب على الكونغرس التأكد من أن وزارة الخزانة الأمريكية لديها ما يكفي من الموارد والتوجيه لإجراء التحقيقات وتنفيذها في أفريقيا وجنوب الصحراء الكبرى، وخاصة في البلدان ذات المخاطر العالية مثل السودان.
تعزيز وتنفيذ تدابير لمكافحة غسيل الاموال
أشار التقرير الي ان التدابير القوية لمكافحة غسيل الأموال ستحد من وقف التدفقات المالية الغير مشروعة ،وبالنظر الي الأستخدام المفرط للدولار الأمريكي من قبل المسؤولين في السودان ينبغي لوحدة تنفيذ الجرائم المالية التابعة لوزارة الخزانة الأمريكية ان تتصدي بجدية لمكافحة غسيل الأموال لتشمل نخب النظام وكياناتها بما في ذلك الشركات التي تمتلكها جهاز الأمن والمخابرات ، وذلك عن طريق اصدار طلب لمعرفة التقارير المصرفية والبنوك والمؤسسات المالية بموجب المادة 314 (أ) من قانون باتريوت واستنادا لتلك المعلومات التي يتم جمعها والعمليات الإستشارية يمكن لل فينسن التقييم ، واخيرا ينبغي علي الكونغرس ان تدعم مؤسسة فينسن بشكل اكبر حتي تتمكن من تخصيص المذيد من الموارد لمعالجة انشطة غسيل الأموال في البلدان ذات المخاطر العالية مثل السودان.
استرداد الأصول او الأموال المنهوبة
واتُهم التقريرالتقرير نخب النظام الحالي والمسؤولين بنهب ثروات طائلة من الموارد واصول الدولة علي حساب الشعب السوداني ، مبينا ان تلك الأصول نُقلت الي الخارج لذلك يجب علي الإدارة الأمريكية استردادها للشعب السوداني متي امكن ، وذلك بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ومبادرة البنك الدولي بشأن الأصول وايضا مبادرة كليبتراكريسي لأسترداد الأصول التابعة لوزارة العدل الأمريكية ، وشدد التقرير ان علي المسؤولين الأمريكيين والأجانب استخدام هذه الأليات لأسترداد واعادة الأموال المسروقة الي الشعب السوداني.
فرض عقوبات حديثة لضمان تنفيذ المساءلة والعدالة وحقوق الإنسان
في هذا الشأن طالبت المنظمة من صناع السياسات في الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي فرض مذيدا من العقوبات علي الكيانات والأفراد الذين ارتكبو فظائع وابادة جماعية وانتهاكات لحقوق الانسان والفساد ، موضحا ان هذا النهج يوازن بين الحاجة لتطبيق ضغط اقتصادي قسري لأعداء السلام ، وفي ذات الوقت لن يتضرر الشعب السوداني.
فرض عقوبات علي القطاعات والشركات المملوكة لأفراد النظام بنسبة 20 في المئة او السيطرة عليها
وتابع التقرير بالإضافة الي فرض عقوبات علي الأفراد والكيانات الرئيسية لأسيما جهاز الأمن والمخابرات الوطني يتعين علي الولايات المتحدة والبلدان المعنية فرض عقوبات علي قطاعي الذهب والأسلحة في السودان ، في اشارة الي ان العقوبات القطاعية فُرضت سابقا ضد الأنظمة القمعية مثل كوريا الشمالية وليبيا عبر استهداف محدد للانشطة الاقتصادية التي تسهم مباشرة في تعزيز العنف والصراع .
فرض عقوبات علي الفساد
بأستخدام السلطات الجديدة في قانون ماغنتسكي العالمي لحقوق الإنسان والمساءلة ، يتعين علي قادة الكونغرس الأمريكي الضغط علي ادارة ترامب لفرض عقوبات علي الافراد والمسؤولين المتورطين في عمليات الفساد داخل السودان ، كاشفا ان التشريع يمنح الرئيس الامريكي سلطة تجميد الأصول ورفض والغاء تاشيرات دخول للولايات المتحدة خاصة للافراد المتورطين في جرائم حقوق الإنسان ، مضيفا ان يمكن تطبيق هذا القانون في السودان بشكل فعال.
الشفافية في الأعمال التجارية التي تقوم بها الشركات الأمريكية في السودان
لضمان عدم قيام الشركات الامريكية بتمويل العنف في السودان ولتعزير الاندماج والتوازن المالي ، يجب علي ادراة ترامب طلب المذيد من الشفافية للشركات الامريكية الراغبة في القيام بأعمال تجارية في السودان ، وينبغي ان تركز تقارير الشفافية العامة علي اي عمل يجري مع وزارة الدفاع والطاقة والتعدين السودانية وايضا مع جهاز الامن والمخابرات والقوات المسلحة السودانية.
التحقيقات الجنائية والملاحقات القضائية والمساءلة
يجب علي وزارة العدل اجراء تحقيق في عمليات الاختلاس والابتزاز وغيرها من الجرائم المتعلقة بالفساد ومقاضاة مرتكبيها في السودان ، علي الرغم من الخطوة اقل اهمية لذلك يجب تشديد العقوبات الامريكية علي السودان .
دعم المجتمع المدني والأعلام السوداني
طالبت منظمة كفاية من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والاتحاد الاروبي والجهات المانحة زيادة تمويل المجتمع المدني السوداني ووسائل الاعلام ، حيث اوضحت ان قادة المجتمع المدني والصحفيون المحليون يتحلون بالشجاعة والحسم في مجتمع عادل وشفاف ويستحقون الدعم والحماية لانهم يتعرضون للعنف والقمع من قبل السلطات الامنية ،مبينة ان الخطوة سترسل اشارة واضحة للحكومة السودانية وتجبرها لأتاحة الحريات لصحافة حرة ومجتمع مدني مستقل في السودان.
إشراك السياسين والرأسمالين في العملية السلمية
يجب اشراك حلفاء السودان السياسين والرأسماليين في الضغظ علي الحكومة للعمل من اجل تحقيق سلام دائم ،في اشارة الي ان الحكومة اعادت سياساتها الخارجية للحصول علي الدعم السياسي والمالي من دول الخليج والاتحاد الاروبي وعلي ضوء ذلك يجب علي ادارة ترامب العمل مع تلك الدول لضمان الا يسهم هذا الدعم المالي في الأنشطة الغير مشروعة والعنف وانتهاكات حقوق الانسان .
دعم المملكة المتحدة والاتحاد الأروبي للسودان بشأن الهجرة واللجوء
انتقدت منظمة كفاية قرار المملكة المتحدة والإتحاد الأوربي بتقديم دعم مالي ضخم للحكومة السودانية لوقف تدفقات اللأجئين والهجرة ، موضحة ان قوات الدعم السريع هي التي تشرف علي تلك العملية وهي قوة عبارة عن مليشيات ولديها تاريخ سيئ بإرتكاب فظائع وجرائم ضد الإنسانية .
واضافت ان الأموال المدفعوعة من الإتحاد الاروبي والمملكة المتحدة للحكومة السودانية تعزز نظام “الكليبتوقراطية” العنيفة في السودان ويسهم في تدمير الدولة والشعب ، و تدفع الكثير للهجرة والإنخراط في جرائم الإتجار بالبشر والتهريب والارهاب والمقاومة المسلحة .