عبدالغني بريش فيوف
تواصلت في العديد من المدن العربية الاحتجاجات الغوغائية المنددة بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترمب اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل والعمل على نقل سفارة بلاده إليها، وكان أبرز الاحتجاجات في الكويت وتونس والجزائر ولبنان.
فقد شهدت الكويت وقفة احتجاجية أمام مقر السفارة الفلسطينية في العاصمة الكويت احتجاجا على قرار ترمب، ورفع المشاركون شعارات رافضة للتطبيع وتندد بالقرار الأميركي.
وفي لبنان خرجت مسيرة احتجاج في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين، وعبر المحتجون عن دعمهم لقضية القدس، ورفعوا شعارات رافضة لقرار ترمب.
كما خرجت في الجزائر مظاهرات حاشدة في مدن عدة تنديدا بقرار ترمب. ورغم قرار الحكومة الجزائرية القاضي بمنع المظاهرات في الجزائر العاصمة فإن مظاهرات انطلقت من بعض الأحياء الشعبية، من بينها وقفة احتجاجية من مقر حركة مجتمع السلم تحولت إلى مسيرة سعى المشاركون فيها للوصول إلى ساحة أول مايو بقلب العاصمة قبل أن تعترضها قوات الشرطة.
وخرجت أيضا مظاهرات مماثلة في قسنطينة والوادي ومعسكر وسطيف والجلفة والمسيلة ووهران وفي أغلب محافظات الجزائر حيث رفع المتظاهرون الأعلام الفلسطينية ورددوا هتافات تشجب قرار ترمب وتؤكد أن القدس عاصمة أبدية لفلسطين، كما طالبوا بطرد السفير الأميركي من الجزائر وأن تتجاوز الحكومة مستوى الإدانات والشجب.
كما تواصلت في تونس الفعاليات الاحتجاجية المنددة بقرار ترمب بشأن القدس. ففي مدينة صفاقس وسط تونس، تظاهر آلاف المواطنين بدعوة من جمعية الخطابة والعلوم الشرعية بالمحافظة.
ورفع المحتجون الذين جابوا الشوارع الرئيسية بالمدينة شعارات مندّدة بالقرار الأميركي وأخرى تدعو الشعوب العربية والإسلامية إلى حماية المسجد الأقصى وكل مقدسات المسلمين.
وشنّ الخطباء خلال كلمات ألقوها أمام المتظاهرين هجوما على الأنظمة العربية الساعية إلى التطبيع مع إسرائيل، وعلى علماء الدين الذين صمتوا أمام التهديدات الخطيرة التي تواجه القدس الشريف والقضية الفلسطينية. كما دعوا البرلمان التونسي إلى التصديق على قانون يمنع التطبيع مع إسرائيل.
وخرجت الجمعة حشود من المتظاهرين في العديد من العواصم والمدن العربية تعبيرا عن الغضب من قرار ترمب بشأن القدس، رافعين شعارات من بينها “القدس عاصمة فلسطين الأبدية”. وشملت الاحتجاجات مدنا أردنية وسورية ولبنانية. كما شهدت العديد من المدن العراقية مظاهرات واسعة شارك بها آلاف المتظاهرين الذين رددوا شعارات تندد بالقرار.
كما خرجت حشود من المتظاهرين بعد صلاة الجمعة في الجامع الأزهر بالعاصمة المصرية القاهرة، وفي كل من الجيزة والإسكندرية وطنطا، مرددين هتافات لنصرة القدس ومنددين بالقرار الأميركي.
وفي السودان، خرجت المظاهرات من مساجد عدة في الخرطوم بعد صلاة الجمعة، وطالبوا بطرد القائم بالأعمال الأميركي لدى الخرطوم.
وشهدت مدن المغرب أزيد من خمسين مظاهرة تنديدا بالقرار الأميركي، وخرج المتظاهرون في العاصمة الرباط وفي مدن الدار البيضاء وطنجة ووجدة وفاس وتطوان.
وفي العاصمة الليبية طرابلس تجمع المئات من المواطنين بميدان الشهداء منددين بتخاذل الحكام العرب تجاه فلسطين. أما في موريتانيا فقد طالب متظاهرون في العاصمة نواكشوط بقطع العلاقات مع الولايات المتحدة.
وفي اليمن، خرجت مظاهرات للتضامن مع الشعب الفلسطيني في صنعاء وتعز ومديرية قعطبة في محافظة الضالع. وفي الصومال، خرجت مسيرات في مناطق متفرقة من العاصمة مقديشو احتجاجا على القرار الأميركي.
وأدان البيان الختامي لإجتماع مجلس دول الجامعة العربية الذي انعقد بالقاهرة السبت 9/12/2017م، نية الولايات المتحدة نقل سفارتها في تل أبيب إلى القدس، معتبرا أن القرار “يقوض جهود تحقيق السلام ويعمق التوتر ويفجر الغضب ويهدد بدفع المنطقة إلى هاوية المزيد من العنف والفوضى”.
وطالب المجلس الولايات المتحدة بإلغاء قرارها حول القدس والعمل مع المجتمع الدولي على إلزام إسرائيل تنفيذ قرارات الشرعية الدولية وإنهاء احتلالها اللاشرعي واللاقانوني لجميع الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة منذ الرابع من يونيو من العام 1967.
وأكد البيان على أن الدول العربية ستعمل على “استصدار قرار من مجلس الأمن يؤكد أن قرار الولايات المتحدة الأميركية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل يتناقض مع قرارات الشرعية الدولية وأن لا أثر قانونيا لهذا القرار”.
وأكد المجلس التمسك بقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وخصوصا 465 و476 و478 و2334، التي تؤكد أن جميع الإجراءات والقرارات الأحادية التي تستهدف تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم في القدس أو فرض واقع جديد عليها لاغية وباطلة.
وجدد مجلس وزراء الخارجية العرب التأكيد على أن القدس الشرقية هى عاصمة الدولة الفلسطينية، التي لن يتحقق الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة إلا بقيامها حرة مستقلة ذات سيادة على خطوط الرابع من يونيو 1967.
وحذر المجلس من أن العبث بالقدس ومحاولات تغيير الوضع القانوني والتاريخي القائم فيها، واستمرار محاولات إسرائيل -القوة القائمة بالاحتلال- وتغيير الهوية العربية للمدينة والاعتداء على مقدساتها الإسلامية والمسيحية، يمثل استفزازا لمشاعر المسلمين والمسيحيين.
عزيزي القارئ..
الإحتجاجات العربية ، من المحيط الى الخليج ومن البحر الى البحر ومن الصحراء الى الصحراء ، وما أدراك ما الإحتجاجات العربية ، ليست الأولى ولم تكن الأخيرة ، بل تكررت عشرات الآلاف منذ قيام دولة اسرائل عام 1948م ، ومنذ أن وضع الجيش الإسرائيلي يده على القدس في عام 1967 بعد أن هزم الجيوش العربية شر هزيمة، وتعودنا قراءة آلاف من بيانات جامعة الدول العربية المنددة بإسرائيل ككيان صهيوني يحتل أراضي عربية فلسطينية ، لكن دون أفعال حقيقية لمواجهة هذا الإحتلال الإسرائيلي.
نعم -ردود الأفعال العربية والإسلامية الكلماتية اليوم تجاه قرار الرئيس ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ونقل سفارة بلاده من تل ابيب إليها ، ليست شيئا جدا، بل خرجت من قبل كمية كبيرة من بيانات الشجب والإدانة والاستنكار تتعلق بموضوعات ذات صلة، لكنها لا تأثير لها على الواقع، ولا فائدة منها البتة حتى للدول العربية والإسلامية نفسها، بل إنها مجرد بيانات للاستهلاك الإعلامي، حتى أصبحت مثارا للسخرية والتندر والإستهزاء.
فيما يتعلق بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الإعتراف بالقدس عاصمة لدولة اسرائيل ، فالقرار لم يحمل جديدا، بل جاء تنفيذا لقانون الكونغرس الأمريكي، الصادر منذ عام 1995م الذي قضى بنقل السفارة الأمريكية من “تل أبيب” إلى القدس، لكن دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل التصديق على هذه الخطوة كل ستة أشهر -بمعنى ان القرار تحصيل حاصل، لأن مدينة القدس من الناحية العملية والواقعية عاصمة لإسرائيل منذ 1967م، حيث يوجد فيها (الكنيست الإسرائيلي) -البرلمان، وكل المؤسسات الحكومية. فالبيانات المنددة والمستنكرة والمشجبة لهذا القرار إذن ، إنما ضحك على الذقون وتضليلا متعمدا لدغدغة مشاعر الشعوب العربية والإسلامية.
نعم -نتفهم أهمية القدس بالنسبة للمسلمين بوجود المسجد الأقصى الذي يعد ثالث اكثر الأماكن قدسية في الإسلام وأسرى الله بالنبي محمد من مكة حيث المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثم عرج به من موقع قبة الصخرة إلى السماء ، لكنها ايضا تحتل مكانة متميزة في قلوب المسيحيين واليهود حيث يتحدث التاريخ عن قرون من التعايش ومن النزاع بينهم حول هذه المدينة. لكن هذه الحقيقة لا تغير كون أن مدينة القدس في اسرائيل واسرائيل دولة مستقلة ذات سيادة معترف بها دوليا، وأي مغامرة ومقامرة لا تملك بعد تكتيكي سليم ، وليس لها أي أفق استراتيجي بنّاء ممكن ، تعتبر تدخلا في شئونها.
يقول الفيلسوف البريطاني فرانسيس بيكون (1561 – 1626) ، في مخيلة كل إنسان أوهام يعتقد بوجودها بقوة، بينما هي غير موجودة بالفعل، أو أنها موجوده ولكن تأثيرها ضئيل جداً. ويتابع بيكون (هناك وهم القبيلة، أي وجود النظام، ولكن الاعتقاد بوجودها أكثر مما هو بالواقع، كما هناك وهم الكهف -أي لكل شيء خلفية أو قعر- ولكن وجود هذه الخلفية في ذهن الناس أكثر مما هو على أرض الواقع). ففي ظني ، أن الوقت قد حان أن يتخلص العرب والفلسطينيين من أدران الأوهام والرهانات على قرارات مجلس الأمن الدولي الخاصة “بالقدس”. في ظني أن الأوان قد حان لإعادة النظر في الإدعاء أن القدس عاصمة أبدية للدولة الفلسطينية التي لم تولد بعد.
إن مدينة القدس اسرائيلية من الناحية الوقعية شئنا أم أبينا. أما الحركات الإحتجاجات الغوغائية التي بدأت هائجة مائجة يغطي غبارها ما تسمى بالدول العربية من المحيط للخليج ، فإنها ستهمد بسرعة البرق كأنها لم تكن في الأصل ، وستستمر جامعة الدول العربية في عقد قممها العبثية حول الموضوع دون ملل من غير أفعال ونتائج ملموسة ، لأن العرب كما قال الشاعر السعودي عبدالله القصيمي ظاهرة صوتية ..والخلاصة هي أن العرب يقفون عند ذكر أمجادهم الماضية دون حراك نحو المستقبل ويتوهمون أنهم يفعلون بينما هم واجمون.
تعليق واحد
Dear Bresh,
Most probably these demonstrators, even if they look as their rights to do that, yet the extremists will look at these phenomena as a chance offered to go back to what was known as the “the Arabs Intifada Days” – Revival Days, within the last four years back and can exploit the situation to calling for the removal of some of their suspected leaders, mixing the understanding and seizing the opportunities of that deployment of USA – Embassy to Jerusalem of course.