اعتماداً على موقع الرؤية الاخباري كمصدر للخبر، (قحت) تعتذر للشعب السوداني إزاء كل التشوهات والأفكار التي لازمت اداء حكومة الفترة الانتقالية وعن القصور الذي حاق بالحاضنة وفشلها في توفير الغطاء السياسي المستحق لحكومة الانتقال، كما تأسفت مبادرة اللجنة الفنية لاصلاح (قحت) والجبهة الثورية في بيان نشر بصحيفة الجريدة، لقيام بعض القوى السياسية باختطاف الحاضنة وتشويهها بقصور اداءها ورؤيتها للانتقال مما عرض البلاد والفترة الانتقالية لاخطار محدقة.
الخديعة الكبرى التي ما يزال يمارسها السياسيون يستمر مسلسلها وتتواصل حلقاته المتشابهة منذ ما بعد ثورة اكتوبر حتى الساعة، التصور الخادع الذي يقدمه متفيقهو عالم ساس يسوس السوداني يتمثل في طرح شخصيات على ميادين اللعبة القذرة،وتصويرهم لهذه الشخصيات في مخيلة الناس وكأنها تحمل عصاالنبي موسى، فينخدع بها المواطن بحلو كلامها ومعسول حديثها، الى أن تأتي لحظة واجب الفعل المستحق الذي لا يقوى عليه من تشدق بتغيير بؤس حال الناس ونقلهم لافضل الاوضاع، رجال السياسة في بلادنا يستخفون ويستهترون بذاكرة الشعب الصابر المصابر والمرابط، يعدونه بالوصول للثريا عندما يكونون جالسين على كرسي الاحتياط، ويقولون بعكس تلك الوعود حينما يصبحون حكاماً بعد اداء قسم الوظيفة، انظر الى رأي وزير المالية بالقناة الفرنسية الناطقة بالعربية، حول الزيادات التي كانت تعلنها حكومة الدكتاتور عندما كان معارضاً شرساً لنظام الحكم، وانصت الى تصريحاتهاليوم بعد أن قبل بتكليف أمانة المال العام وهو يدافع بذات الشراسة عن نفس الزيادات، في تناقض بائن، ولكأنما هنالك اتفاق بين جميع الساعين للامساك بمقاليد السلطة على غش الناس واستهبالهم.
قبل تشكيل الحكومتين الأولى والثانية بعد نجاح ثورة ديسمبر الظافرة باسقاط رأس النظام وزبانيته المقربين، قرأنا على صفحات المنصات الاعلامية عن سير وأخبار المرشحين لشغل فراغالوظائف الدستورية العليا التي شغرت بعد قطع رأس الثعبان، وهللت الشعوب المقهورة وكبّرت وانفرجت اساريرها لظهور الكوكبة الخبيرة ببواطن امور ردهات المؤسسات الدولية، لكن وبعد ولوج الكثيرين من منسوبي هذه النخبة القادمة من وراء البحار والوالجة لابواب وزارات الجهاز التنفيذي، انعكس ضوءاً خافتاً وباهتاً أقلبكثير من زخم الاضواء المصحوب بالضوضاء ابان تقديم تلك السير الذاتية الباذخة للجمهور، وبدأ الاحباط يغزو نفوس المساكين الحيارى من بنات وابناء الشعب الاسمر، واخيراً تم تتويج اليأس باعلان الاعتذار الذي فاقت فداحته قبح عظام الذنوب، من الذي عليه واجب الاعتذار للآخر؟، برأيي أن الواجب عليه الاعتذار هو الشعب المكلوم الذي اختار من اسموا انفسهم بالحواضن، عليه أن يأسف لهم عن سوء تقديره لقدراتهم وامكانياتهم الذاتية المتواضعة وأن يفتح لهم الباب واسعاً لمغادرة سلطته، فلا يوجد وقت للتسويف والتماطل والتلاعب بزمن المستضعفين.
لقد سار المُدّعون على ذات الدرب الذي سلكه حزب المؤتمر الوطني المحلول، الذي بنى مؤسسة ضخمة للنصّابين والمحتالين المنتشرين على طول البلاد وعرضها، واطلق عليها اسم الحزب القائد للوطن الرائد، ثم استباح اموال المساكين في تغذية امعاء كوادر هذا الجهاز الطفيلي العاطل والمتبطل، الذي اصبح اعضاءه متخصصين في امتصاص دماء الفقراء، فنهبوا وسرقوا جلود الاضاحي وبراميل النفط وبنوا العروش وملئوا الكروش، متى تفيق هذه الشعوب المجاملة من غيبوبة الاعتقاد بأن هنالك فرد خارق يمكنه احالة يباس ارضهم لخضرة ونضرة؟، اعتقد أنه قد آن الأوان لأن يعزل الناس ما تسمى الحاضنة (العاطلة) السياسية، وأن يفعّلوا العمل الطوعي بالاحياء والارياف والفرقان، ذلك التدافع التلقائي المفرز لاجسام اجتماعية حقيقية تكون بديلاً لأقليات الحواضن المعطوبة وغير المبتكرة، لا ارى أي مبدع ولا مبتكر ولا صاحب فكر مختلف يمكنه أن يخرج الوطن من الورطه التي وقع في حفرتها بسبب مسلك هذه الصفوة العاطلة، الصورة الأخيرة الملتقطة لرموز الاجسام الممثلة لحضن الانتقال المزعوم عكست المراحل العمرية التي وصل اليها هؤلاء الرموز، وللحقيقة والتاريخ فانهم قد استنفذوا غرضهم من الحياة الدنيا، وعليهم أن يستحوا على وجوههم المكفهرة بذنوب تعطيل عجلة التنمية وتاخير جهود تحقيق المستقبل الآمن لأحفادهم.
الناس ليسوا بحاجة لمن يحضن حكومتهم، فهم الحاضنون لها والمخولون لرئيس وزراءهم ليختار الأكفأ، وعلى العطالى أن يبحثواعن عمل حلال تتعرق جباههم سعياً وراءه كداً وجهداً، البلاد ليست بحاجة لاسراب جيوش الأفندية المتحلقين حول ردهات الاجهزة التنفيذية والسيادية والعسكرية، كفى ارهاقاً لمخزون النقد الذي يجب أن يدعم المنتجين في اصقاع البلاد النائية، مزارعين ورعاة ومعلمين ومعلمات واطباء وممرضات وشرطيين يسهرون الليل حماية لمؤسسات الدولة ومواطنها، هؤلاء هم الحاضن الأساسي للحكومات المنتقلة والمؤقتة والدائمة، أما الذين نراهم على شاشات التلفزيون من اصحاب الياقات والعمائم البيضاء، سيذهبون بعد انقضاء شهر عسل التكالب المحموم على الحصص الدستورية بقمة الجهاز الحكومي، وسوف يبقى المزارع والراعي والمعلم والشرطي والطبيب،فهو الباقي منذ عهد الرئيس عبود حتى عصر الدكتور عبدالله حمدوك، وهو الحاضن الآمن لحكومته.
اسماعيل عبدالله
17 يوليو 2021