واشنطن _ صوت الهامش
فجر الصحفي الأمريكي في مؤسسة نيو أمريكا “جاستن لينش” قنبلةً من العيار الثقيل، حيث كشف في مقال له عن أن “برينستون ليمان” أحد أكثر الدبلوماسيين الأمريكيين احترامًا وأقدمهم في العمل في افريقيا قد التقى في سبتمبر 2012 مع أحد أعضاء مؤامرة سودانية كانت تهدف للاطاحة بالرئيس “عمر البشير” المتهم بالإبادة الجماعية في دارفور.
ويحكي “لينش” في مقال له حول هذا اللقاء، والذي نشر على موقع ” ذي ديلي بيست” أن “ليمان” انتظر لساعات في فندق فخم يطل على نهر النيل في القاهرة، في انتظار “صلاح قوش” مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني ، وفي ذات الوقت متعاون مع وكالة المخابرات المركزية (CIA) ، والذي كان مشاركًا في الخطة.
وبصفته المبعوث الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لكلٍ من السودان وجنوب السودان ، تبادل “ليمان” بصورة مؤقتة الرسائل مع مجموعة المؤامرة لشهور، حيث وصفهم “ليمان” بأنهم مجموعة من الرجال العسكريين الذين شعروا “بأنهم تعرضوا للخيانة المهنية” من قبل قيادة البشير.
وقد وصل الرجال السودانيون إلى ليمان في أوائل 2012 حيث كان السخط ينمو داخل الجيش، كما كان ينظر إلى الخرطوم، المتهمة بالإبادة الجماعية، وتمويل الإرهاب، وشن الحرب ضد جنوب السودان، على أنها مشكلة وليدة بالنسبة للنظام عالمي.
“هذا يكفي” قالها مسؤولوا الجيش لمعرفة ما إذا كان الأميريكيين سيعترفون بالاستيلاء العسكري على الحكم في “السودان” أم لا، علي الرغم من أن هذا الاعتراف يعتبر غير قانوني بموجب القانون الأمريكي.
وقال “ليمان” في حديث له مع “لينش” أنه كان مدركًا جدًا لحقيقة أنه لا يمكن أن يكون لدى الولايات المتحدة سياسة للاطاحة بزعيم حتى ولو كان متهمًا، ولكنه “ليمان” يعتقد ان الولايات المتحدة يجب أن تشارك مع أي شخص يسعى للإصلاح في السودان، وخاصة إذا كان التغيير قد يأتي مع الحد الأدنى من الفوضى والمذابح.
وأفاد “لينش” بأنه وقبل أسابيع، ألقى “ليمان” خطابًا تضمن إشارات للمتآمرين، حدد فيه الشكل الذي ستبدو عليه العلاقة الجديدة، حيث وصف “لينش” الخطاب بأنه عملٌ دبلوماسيٌ رفيع المستوى، حيث أنه لم يؤيد فيه الانقلاب صراحة، ولكنه ساند التغيير في حال جاء.
وقال “ليمان” إن الحكومة ستحاول أن تظهر بمظهر المسؤولة والملتزمة بالديموقراطية واحترام حقوق الإنسان، ووفقًا لتصريحات “ليمان” في 1 أغسطس من عام 2012 قال فيها: “يمكنني أن أتخيل أن القوات المسلحة السودانية ليست على قلب رجل واحد في ما يتعلق بالانتهاك للمعايير الدولية، ولكن فصيلًا من القوات المسلحة، أخذ مكانه كقوة عسكرية محترفة للغاية. ” وأضاف “إذا حدث ذلك، فإن الولايات المتحدة سترد”.
ويقول “لينش” أن “ليمان ” قد علم في آخر تواصل له مع مجموعة المؤامرة بسحب “قوش ” من المؤامرة في المراحل الأخيرة منها، بهدف إعطاءها وجهًا سياسيًا، وأن “غوش” لم يكتشف ذلك بنفسه، إلى أن كشف “البشير” المؤامرة، واعتقال “قوش” لكن التورط الأمريكي لم يكشف عنه حتى الآن.
وأشار “لينش” إلى أن الولايات المتحدة لم تقدم أي دعم سواءً كان عسكريًا أو ماديًا أو أي شكل آخر للخطة، ولكنها فقط وعدت بأن تشارك مع القادة الجدد إذا نجحت تلك المؤامرة، ومع ذلك، فإن حقيقة لقاء “ليمان” بالمشاركين في المؤامرة علامة على العلاقة الحميمة التي تربط الولايات المتحدة بشخصيات عسكرية وسياسية سودانية رفيعة المستوى.
وكشف “ليمان” لصحيفة “ذي ديلي بيست” هذه التفاصيل قبل أيام من وفاته في أغسطس من العام الماضي، حيث قال أنه شارك القصة ، لأنه اعتقد أنها تظهر أهمية اللقاء مع أي شخص يسعى وراء الإصلاح في السودان، كما تظهر المخاطر التي يجب أن يخوضها الدبلوماسيون، ويخوضونها باسم السلام.
واليوم ، تقترب الاحتجاجات في السودان من نقطة غليان جديدة ، وقصة “ليمان” هي في التاريخ، لكنه يشير إلى قصة العلاقة بين السودان والولايات المتحدة، والتي لا تزال وثيقة الصلة بالموضوع والتي توصف بأنها تستند إلى حد كبير إلى نفوذ أجهزة الاستخبارات القوية في كل من إدارتي ترامب وأوباما.
وقد أفاد “لينش” بأن هذا المقال يستند جزئيًا إلى مقابلات ووثائق من 13 مسؤولًا أمريكيًا سابقًا كانوا يعملون في وزارة الخارجية ، والبنتاغون ، ووكالة المخابرات المركزية ، وأماكن أخرى في الحكومة الأمريكية.
ورفضت وكالة المخابرات المركزية (CIA) التعليق، كما قام البيت الأبيض بإحالة الأسئلة إلى وزارة الخارجية .
حيث قالت في بيان صحفي مشترك مع مجموعة دول (الترويكا) في الـ 8 من يناير قالت فيه أنها “صدمت من التقارير التي تحدثت عن حالات وفاة وإصابة خطيرة لأولئك الذين يمارسون حقهم المشروع في الاحتجاج” مضيفة أن مشاركتها المستقبلية ستعتمد على ” قرارات الحكومة السودانية”