عثمان نواي
يتحدث الكثيرون في السودان مؤخرا عن فشل دولة الجنوب ولكن تبقى في ظلال هذه الانتقادات للجنوب اسئلة واجبة الإجابة على شمال السودان ونخبته.
أولا: يجب أن تتسائل النخب عن دورها في الحفاظ على الجنوب كجزء من الدولة السودانية وماذا قدمت لتجنب الجنوبيين كشعب، ما يسميه البعض فساد أو أطماع نخبه السياسية ؟ فإذا كانت نخب المركز بهذا القدر من الوعي والشعور بالمسؤولية فلماذا لم تحاول القيام بمجهود حقيقي يحمي شعب الجنوب عندما كان لا يزال جزءا من هذا الوطن.؟ لماذا لم يحرصوا على تقديم ما أمكن من تنازلات منذ الاستقلال بالقدر الذي كان سيحفظ لشعب الجنوب كرامته؟ . فحتى إذا قبلنا بهذه الوصاية المتعالية للنخب الشمالية فهل تلك الوصاية كانت مستعدة لتقديم اللازم وبنية صادقة لحمايةشعب الجنوب من أطماع قياداته ومن المؤامرات الدولية كما يظن البعض؟
ثانيا: الذين يبدون الشماتة على الجنوب الذي وصل حالة المجاعة ويعيش معظم شعبه على الاعانات ويدمغون الجنوب بالفشل كدولة، الا ينظرون إلى دولة الشمال العظيمة التي يعيش أكثر من خمسة ملايين من سكانها في المعسكرات ويعيش ما لا يقل عن 8 ملايين اعتمادا على الإغاثة الإنسانية المستمرة من العالم. ففي دارفور فقط هناك ما لايقل عن 3 ملايين داخل معسكرات النزوح داخل دارفور نفسها ناهيك عن الذين يعيشون في معسكرات في تشاد. وماذا عن دولة الشمال التي تجري حروب في أكثر من 40 في المائة من مساحتها حيث يعيش الناس حالة حرب مستمرة. أم هل يقاس الاستقرار في دولة الشمال فقط في داخل مثلث حمدي وتنسى بقية السودان؟ ولان الخرطوم تعيش في امان من المجاعة ولا تعاني سوى من أزمة الغاز والمواصلات فإن السودان ككل بخير وامان.؟
أن شرق البلاد يعيش في مجاعة حقيقية لا يتحدث عنها أحد منذ سنوات ويموت الأطفال بسوء التغذية. وأرقام اليونيسيف تؤكد أن نصف أطفال السودان يعانون فعليا من سوء التغذية في البلد التي تبيع أراضيها الزراعية لتطعم دول الخليج طمعا في أن تنتهي يوما لأن تكون دولة عربية بامتياز. فهل هناك من ينظر إلى فشل هذه الدولة التي عمرها 60 سنة مقابل الدولة التي عمرها 6 سنوات؟