عبدالغني بريش فيوف
أصدرت ما يسمى بقوى نداء السودان التي تتكون من (حركة العدل والمساواة الدارفورية، حركة جيش تحرير السودان الدارفورية، حزب الأمة القومي “جناح الصادق المهدي”، حزب المؤتمر السوداني، الزولان -مالك عقار وياسر عرمان)، بياناً ختاميا يوم 21مارس 2017م في العاصمة الفرنسية باريس، تتخلى فيه عن المقاومة المسلحة ضد النظام في الخرطوم، وتتبنى ما تسميه بالحوار وفق استحقاقاته المعلنة، حيث قال البيان:
ختاما؛ ومع التزامنا بالحوار وفق استحقاقاته المعلنة من طرفنا؛ فإننا نؤكد على العمل الدؤوب من اجل وحدة قوى المعارضة، بما يعزز خطنا الاساسي المتمثل في المقاومة الجماهيرية وندعو كافة جماهير الشعب السوداني ان يستلهموا موروثهم النضالي ويصعدوا حراك المقاومة السلمية بالوسائل المجربة والمستحدثة من أجل العبور الى وطن السلام، والحرية، والعدالة، والرفاه.
إذن، تبني العمل السلمي واسقاط خيار السلاح ضد سلطة القتل والإغتصاب، كان من أهم نتائج اجتماعات باريس، كما أن تعيين الصاق المهدي رئيس حزب الأمة رئيسا لقوى نداء السودان شكل حدثا مهما سيما وأن القوى نفسها رفضت من قبل تعيينه في المنصب ذاته!.
وإذا كان هدف الصادق المهدي منذ البداية هو سعيه الحثيث لإقناع كل من يحمل السلاح التخلي عنه وتبني الوسائل السلمية كالحوار مع النظام أو مفاوضته.. إلآ ان ما أثار سخط أهل دارفور وكثير من السودانيين، هو المواقف المترددة والمتذبذبة لحركة جيش تحرير “مناوي” التي كانت قد اقسمت في وقت سابق ان تسقط النظام في الخرطوم بالقوة، لأن القوة هي الوسيلة الوحيدة التي يفهمها هذا النظام.
للصدق والأمانة، كانت حركة جيش تحرير السودان -مناوي، من أكثر الحركات الدارفورية الملتزمة بشرط وضوح الأهداف والرؤية للأمور، ولم تكن تتحدد مواقفها السياسية بشكل عفوى حتى الإجتماعات الأخيرة لنداء السودان في باريس لتفاجئ الجميع بموقفها الرجعية الإرتدادية المخجلة.
في اجتماعاتهم الأخيرة في باريس، التي تخلت فيها قوى نداء السودان عن استخدام السلاح لإسقاط النظام، عُين مني أركو مناوي في منصب الأمين لنداء السودان، لكن بعضا من أبناء دارفور اتهموه بالإنتهازية وبيع قضية دارفور بتخليه عن السلاح وبقبوله ان يكون الصادق المهدي رئيسه، وأنه بهذا الموقف يقع في أخطاء دون أن يعي خطورتها وطريقة معالجتها.. إلآ أن مني اركو مناوي دافع عن موقفه وعن سيده المهدي.. قائلاً:
((** قال اختيار السيد الصادق المهدى.هو لم يكن سبب اساسي فى مشكلة السودان… والسيد الصادق هو احد اركان المعارضة السودانية…وهو ضد الحكومة السودانية……ولذلك اخترنا السيد الصادق باراتنا الحرة وما فى اى مشكلة وهدف نداء السودان. سلمية ومدنية**)).. انتهى كلام مناوي..
ومني اركو مناوي الشاطر جدا، إذن لا يرى في الصادق المهدي الذي ينتمي إلى تيار (الإسلام عروبي)، واحتفظ “بقوانين سبتمبر” الرجعية الإرهابية، عندما كان له فرصة الغاءها في عهده، ليس سببا أساسيا في مشكلة السودان، ومن البديهي ان لا يكون حسن الترابي سببا أساسيا في مشكلة السودان أيضا، ومحمد الميرغني مش مشكلة، وغداً سينضم إليهم عمر البشير وما مشكلة!!..
أرحم شعوب السودان المسكينة يا من في السماء… وإذا كان الصادق المهدي الذي يحمل “العقلية الفرعونية”، ويرفض “العلمانية” كأساس ديمقراطي لحكم السودان، وينادي بما يسميه بالدولة المدنية، ومن المروجين بشدة للثقافة العربية كثقافة آحادية للسودان، والإسلام كديانة وحيدة للسودانيين.. إذا لم يكن هو اساس مشاكل السودان أو جزءاً اساسيا فيها على الأقل.. إذن ليقل لنا الشاطر مني اركو من هم اسباب المشكلة في السودان، وما هي مشكلة السودان؟.
يبدو ان الإنتقادات التي وجهها أبناء دارفور الشرفاء الأحرار لحركة جيش تحرير السودان بمناسبة اسقاطها لخيار السلاح، بدأت تحدث فعلها الإيجابي، إذ تراجعت حركة مناوي في بيان لها يوم الأحد 25 مارس 2018م عن موقفها السابق لتجدد وتأكد علي إستمرارية النضال العسكري.. وهل أدركت الحركة خطأ تخليها عن القوة لإسقاط النظام وتريد بهذا البيان تصحيحه.. أم ان هذا البيان التراجعي مجرد مراوغة سياسية حيث أن السياسي أو الإنتهازي المراوغ دائما ما يعطيك من طرف اللسان حلاوة ويروغ منك كما يروغ الثعلب!؟.
اقليم دارفور، عانى كثيرا على يد الأنظمة المركزية منذ ما يزيد على مائة عام، وهذه المعاناة الطويلة والمستمرة حتى اليوم لا يمكن إزالتها بالتحالفات العبثية المشبوهة، بل تزول بحمل السلاح والصمود والتمسك بالأهداف القريبة والبعيدة، واليقظة والوضوح وتلاحم وحدة الصف النضالي الثوري، ومزيد من التثقيف النظري وتصليب القناعات والإرتباط بالجماهير أكثر، ونأمل ان تراجع حركة جيش تحرير السودان “مناوي”، موقفها من تحالفها مع عدو الهامش ودارفور السيد الصادق المهدي الذي لا يجيد سوىثقافة الاستعلاء والهروب إلى الأمام، فقدامتطى صهوة النضال السياسي من أجل تحقيق مآرب شخصية دون أن يخجل من نفسه ولا من جشعه.