محجوب محمد صالح
ما زالت الحكومة السودانية تسعى إلى إخراج قوات حفظ السلام الأممية من إقليم دارفور عبر تأكيدها بأن التمرد قد انحسر عن الإقليم وأنها باتت تبسط سيطرتها على كل أنحاء دارفور وحققت الأمن فيه، وتدفع بهذه الحجج في اجتماعات اللجنة الثلاثية المشتركة –التي تمثل الحكومة والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة– والتي عهد إليها بمناقشة ووضع استراتيجية خروج البعثة من دارفور. بالنسبة للأمم المتحدة فإن هذه اللجنة ذات طابع روتيني تشكل في أي بلد تكون فيه قوات حفظ سلام أممية ومهمتها وضع القواعد الإجرائية للخروج الآمن والسلس والممرحل عندما يحين حينه، وأن مثل هذه اللجنة ليست مفوضة لاتخاذ قرار الخروج إنما بالاتفاق على إجراءات الخروج عندما يحين حينه، لكن السودان يسعى للحصول على توصية من هذه اللجنة بالخروج الفوري للبعثة من دارفور وهو المطلب الذي ظل يطالب به على مدى العامين الماضيين.
الاجتماع الأخير للجنة المشتركة اتفق فقط على أن يكون الخروج (ممرحلا وسلساً) دون أي يتطرق إلى موعد الخروج، لكن الحكومة السودانية تبدي تفاؤلا بقرار اللجنة الطواف على إقليم دارفور لكي تقيم الأوضاع الأمنية فيه وترى الحقائق على الأرض، ويأمل الجانب السوداني في اللجنة في إقناع بقية الأعضاء بأن التمرد قد انتهى، وأن الأمن قد استتب كما تراهن الحكومة على الوفد الممثل لمجلس الأمن والاتحاد الإفريقي الذي بدأ زيارة ميدانية لإقليم دارفور ليقف على ما يجري على الأرض آملا في إقناعه أن يضمن تقريره أن الأوضاع قد استقرت تماما، ما يسمح للمجلس بالنظر في خروج البعثة.
غير أن التقارير الأخيرة الصادرة من مسؤولين في الأمم المتحدة لا تشارك الحكومة هذا الرأي فهم في تلك التصريحات يتفقون مع الحكومة في أن النشاط العسكري للحركات التي تحمل السلاح ضد الحكومة قد انحسر كثيراً وتوقف تماما في بعض المناطق لكنهم لا يعتبرون أن النزاع قد تمت معالجته، وأنه ما زال قائماً وأن الانفلات الأمني وأحداث العنف ما زالت تقع وأن الصراع القبلي الدموي ما زال يتجدد والنازحون ما زالوا يعيشون في المعسكرات ولم يعودوا إلى مناطقهم السابقة، وتخلص هذه التقديرات إلى أن دارفور ما زالت منطقة نزاع وأن تخفيض عدد قوات بعثة حفظ السلام أو إنهاء وجودها في الإقليم تحكمه المادة (24) من قرار مجلس الأمن بتشكيل البعثة الصادر في 31 يوليو عام 2007 والتي تقرأ: أن المجلس:-
(يشدد على تصميمه على أن تتحسن الحالة بشكل ملموس ليتسنى للمجلس النظر في الوقت المناسب وحسب الاقتضاء ومع مراعاة التوصيات المقدمة من الأمين العام ورئيس الاتحاد الإفريقي في تخفيض حجم بعثة الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي في دارفور أو إنهائها في نهاية المطاف).
والأمين العام يقدم توصياته في مثل هذا الوقت من كل عام وظل يفعل ذلك بانتظام منذ صدور القرار وحتى نهاية العام الماضي ليطلب من المجلس تجديد تفويض البعثة لعام جديد ويحصل على موافقة المجلس، وقد فعل ذلك العام الماضي وجدد للبعثة حتى يونيو القادم ومن المتوقع أن يتقدم بتوصية مماثلة خلال الأيام القليلة القادمة حين يخاطب المجلس وتخشى الحكومة أن يحصل على تجديد لتفويض البعثة حتى يونيو عام 2017 ويرى المراقبون أنه سيفعل ذلك ومن ثَم فإن الحكومة تبذل جهداً كبيراً في اللجنة المشتركة على أمل أن تسفر زيارتها لدارفور عن توصية معاكسة ترفعها للأمين العام للأمم المتحدة وللاتحاد الإفريقي، كما أنها تجري اتصالات مع الاتحاد الإفريقي في هذا الصدد لكن أغلب الظن أن المجلس سيجدد لعام جديد ولكنه قد يوصي بتخفيض عدد جنود القوة وخروجهم من بعض مناطق دارفور.
صحيفة العرب