في قراءة واقعية للسياسة السودانية وازماتها المتكاثرة ، وحروبها المستمرة ، ومعاناة انسانها المتكررة, هنالك امال ان تعود مياه الاستقرار الي مجاريها العادية ،من يرغبون ان تنتهي الحروب ، ويعودوا يمارسون حياتهم الطبيعية ، ومن يحلمون ان تتحسن الاوضاع الاقتصادية ، ويعيشوا حياة كريمة ، كاي بشر عاديين ، واطراف اخري ترغب ان تري شعاع الحرية والديمقراطية ، وممارسة حياة سياسية حقيقية يتمعتون فيها بحرية كما مدونة في الدستور ، لا باوامر ومزاج جهاز الامن والمخابرات الوطني الذي يدير السودان تحت عباءة الحزب الحاكم المؤتمر الوطني ..
المؤتمر الوطني يبدو انه ادرك اللعبة السياسية الدولية ، ومدي تاثيرها في صناعة السياسة المحلية ، وبات يتعاطي مع ذلك بعقلية انتهازية ، لا من اجل احداث نقلة وتطور علي مستوي الواقع المعاش ، بل من اجل يستمر في الحكم ، والمجتمع الدولي نفسه تضاربت عليه الاوضاع الاقليمية الاخري ، وتاثيرها علي اتخاذ قرار شجاع وحاسم تجاه منظومة الخرطوم ، ان الربيع العربي الذي اجتاح بعض الدول في شمال افريقيا نجح في بعضها وفشل في ليبيا التي تحولت بعض سقوط معمر القذافي الي بؤرة من مجاهدي داعش ، وتغذي المنطقة الشمالية لافريقيا بالمقاتلين الاسلاميين ، ومصر في سيناء تعاني من الدور المتعاظم للمقاتلين الناقمين علي الاطاحة بالاسلامي محمد مرسي ، وسوريا في الشرق الاوسط تقسمت الي وحدتين اسلاميتين سنة وشيعة ، والحلم بالعودة الي سوريا السابقة شبه مستحيل ، وتمدد داعش في سوريا والعراق ، وموضوع الهجرة غير الشرعية التي يتدفق المهاجرون غير الشرعيون الي اوروبا عبر بوابة ليبيا عبر البحر الابيض المتوسط ، والعمليات الارهابية التي تضرب كل يوم دول اوروبية في فرنسا ، وبلجيكا والمانيا ، كل ذلك ما جعل الاتحاد الاوروبي ان يتساهل مع الخرطوم للحد من هذه الهجرة ، بدفع اموال حتي لا يتدفق اليه المزيد من المهاجرين ، في بادرة ، قراها كثيرون ان اوروبا بدات لا تهتم بالجوانب الانسانية ، بقدر تري في بالجوانب الامنية مفتاحا للحد من الهجمات الارهابية الاسلامية علي اراضيها ،لها حق في ذلك ، اذا كان حكامنا في افريقيا ،لا يحترمون دماءنا ، يجب علينا ان لا نلوم الاوروبيين علي اتخاذ مثل تلك الخطوة ..
حتي الضغط علي قوي المعارضة السودانية هو نتاج طبيعي علي وقوف المجتمع الدولي بقرب السلطة الحاكمة ، رغم التضحيات التي قدمها السودانيون في مناطق الهامش ، واعني بالضبط في المنطقتين ودارفور ، اذا تواصل هذا الضغط الدولي والاقليمي سيضيع حلم التغيير المنشود (مشروع السودان الجديد) ، وسيصبح سرابا ، يحسبه الثوري حلما سيتحقق ، ان خارطة الطريق التي وقع عليها الوسيط الافريقي ثابو مبيكي في وقت سابق مع الحكومة ، ورفضتها القوي المعارضة (قوي الاجتماع الوطني ، نداء السودان ،الحركة الشعبية لتحرير السودان ، وحركتي العدل والمساواة ، وجيش تحرير السودان) ، الان بعد ضغوط دولية يبدو ان اصرار الحكومة والضغط سيرجح كفتها ،علي الرغم من المجتمع الدولي له قوة ذات تاثير كبير علي المشهد السياسي العالمي ،الا ان الوثوق به ،خطا في حد ذاته ، ان له مصالح يريد ان يحققها علي حساب الشعوب المناضلة ، قد نتعرف ان اوروبا وامريكا تمارس الديمقراطية وتحترم حقوق الانسان داخل محيطها ،لكن عندما يتعلق الامر بسياستها الخارجية ،قد نتعاون مع الحكام المستبدين ،اقرب نموذج التعاون مع كل الانظمة القمعية في افريقيا وامريكا اللاتينية واسيا ، لذا لا تستغرب لو تعاونوا مع نظام الخرطوم الاسلامي للضغط علي المعارضة لتوقع خارطة الطريق ، هل نظام ال سعود افضل حالا من نظام المؤتمر الوطني في السودان .