الازمة السودانية هي ازمة بدأت منذ العهود الباكرة للدولة وتضاعفت عبر تراكم الاخطاء المتعمدة وإخفاقات الانظمه المتعاقبه وقد استفحلت فى ظل حكومة الانقاذ بسبب تقنين شكل الصراع الذى اخذ ابعاد عنصرية وجهوية وهي تجسيد لابشع انواع الانظمه على مستوى القطر الافريقي بل والعالمى ايضا لانتهاج الديكتاتورية والاستبداد كنهج في العلاقة مابين الدولة والمجتمع او الافراد .
بالاضافه لإشعال الحروبات والتهميش الممنهج والمستمر والابشع من ذلك ارتكاب جرائم ضد الانسانية والابادة الجماعية والتطهير العرقي في كل من دارفور وجنوب كردفان والنيل الازرق ،ولاتزال مستمره الى الان بفعاعل هذا النظام الدموى القاتل .
ان اي ضمير يرتقي الى المستوى الانساني يستهجن مثل هذا الوضع الشنيع الذى لن نرتضى العيش والصبر علية فيفترض علينا تغييره من هذا المنطلق ووضع حد لكل هذه الانتهاكات المستمرة ، فهل عملية المعالجه هذه تتم عبر التفاوض مع النظام ؟ وهل التفاوض كوسيلة من وسائل حسم االصراعات في المضمار الساسي، خيار موضوعى يتناسب وحجم الازمة السودانية ؟ هل النظام مستعد لإيقاف القتل اليومى المستمر بطائراته ومليشياته ؟ وهل النظام جاد فعلا فى حل الازمة ؟
بما ان الازمة السودانية قد تعمقت جزورها مما تجعلها مستعصية لانها قد مست كل جوانب المجتمع فمن غير الممكن تحليلها بصورة احادية او قاصرة وتجزئة القضايا الاساسية مما يؤدى الى إهدار الوقت عبثا وبالتالى إطالة عمر النظام ، فالازمة هي ازمة انسانية من الدرجة الاولى لانها تمس الانسان في حياته وبقائه ككائن في هذه البسيطه ، فالانسان السودان اضحي مهدد تحت اى لحظه ان يفقد حياته جراء فوضى القوات النظامية والمليشيات التى تمارس الارهاب والقتل في الطرقات العامه يوميا .
فالقضية الانسانية هي من االقضايا الاساسية والموضوعية التى يجب ان تتم حمايتها عن طريق التمسك بالنضال وعدم التنازل اوالمساومة بالقضية ،بالمقارنة مع طبيعة التفاوض التى تستلزم التنازلات والمساومات ، ولا التفاوض مع نظام ديكتاتورى غاشم لا يعر غير لغة العنف وسيلة ، ايضا لانها وسيلة غير واقعية للاطاحة بحكومة الانقاذ الديكتاتورية الدموية .
نجد ان النظام يعرض بين الفينه والاخرى عروضا للسلام التى يروج لها عبر اعلامهم لتزييف صوره للمجتمع الدولى في الحين الذى تكون فية الانتهاكات مستمرة وقائمة ، ان مثل هذه العروض ماهي عبارة عن “خداع ” وزييف دون اي مراعاة اوإعتبار للكرامه الانسانية المهدورة والقتل المستمر والاعتقالات التعسفيه والاغتصابات ، بل حتى العملية العسكرية لا تزال مستمرة بفعل قوات ومليشيات الحكومه السودانية .
فالحكومه تقدم مثل هذه العروض لانها تشعر بالقلق حيال التصعيد النضالى المستمر والفعالية القصوى لحركات التحرر ، بالتالى يهدد كل هذا وجودها وبقائها ويمس مضاجعها ، فتخطو مثل هذه الخطوات حتى تتمكن من جر المعارضه وحركات التحرر للاستسلام تحت شعار “صنع السلام” وقد تظهر بشكل جذاب ولكن تخفي في طياتها شر كامن ومستطير ، فهى باقل الاعتبارات مصيدة معده مسبقا للاستسلام ، لانها نصبت للمساهمة فى تأمين خنوع حركات التحرر والنتيجة الحتمية لهذا اضعاف المعارضة ووضعها فى موضع المتنازل والمستسلم والمساوم بقضاياه ، فسيصل الى المرحلة التى تجعلة ينتهك نصوص الاتفاقات الى وقعها هو نفسه بعد اضعاف وتشتيت الطرف المعارض .
عمليات التفاوض والسلام الى يدعو لها النظام السودانى والتى وقعها من قبل مع عدة اطراف لا يريد بها سلام حقيقي عادل ونستطيع استشفاف ذلك من خلال سلوكه وممارساته من قمع وتقتيل وغيرها من الجرائم المذكورة آنفار ، فيكون هدفها هو الخنوع والاستسلام له فقط .
وفقا لهذه الاسباب المذكورة والواقع الذى يفرضه النظام بسلوكه العدوانى والبشع يمكننا القول ان القبول بأى عملية تفاوضية ولو مبدئيا مع هذا النظام يعنى إعطائه صبغة شرعية دولية واقليمية في الوقت الذى يفقد فيه هذه الصبغه بسبب انتهاكاته الشنيعة لحقوق الانسان وجعلها في المحك ، ومن المعلوم انها من ضمن القضايا الاساسية لاى عملية تغيير واي بداية تأسيس لنضال من أجل تغيير الانظمة الديكتاتورية الدموية .
لذلك فإن المقاومة والنضال المستمر لعملية الثورة لا المفاوضالت هى ضرورة ملحة يفرضها الواقع بمعطياته الموضوعية والظروف الانسانية التى لا نرتضيها للشعب السوداني تستوجب علينا المواصلة في مشوار النضال التحررى الى حين إجتثاثه من جذوره ومنها الخروج الى بر الأمان إيذانا بإنتهاء الأزمة بعد سقوط حكومة الانقاذ.