د.بخيت أوبي
المعادلة المفترضة الاساسية لتغيير الاتجاهات والمواقف والسلوك والتخلص من تراكمات الماضى والاتجاه الايجابي نحو المستقبل في البناء المؤسس تتلخص في المعادلة التالية التي تأتي شروحاتها في هذا المقال:
نقاط الفعل- نقاط رد الفعل = قوة دائرة التأثير
اولا: نقاط الفعل تعني الافكار والاتجاهات الايجابية التي تتجاوز الخطوط السياسية والثقافية والحضارية والاثنية والتصورات المسبقة، وتصبو الي بناء ارضية مشتركة يمكن ان تنتج عادات وقيم واتجاهات وسلوكيات جديدة تؤسس الى الاعتراف بالاختلاف للوصول الى الاتفاق في المصلحة والحيز المكاني السودان.
ثانيا: نقاط رد الفعل تتمثل في العمي المصلحي والمناطقي والانتمائي والتاريخي التي تقف حجر عثرة امام التوافق، وتقاوم تأثير الفعل في اتجاه الاصلاح الكلي والمصلحة المشتركة .
ثالثا: الناتج من نقاط الفعل وحركيتها وردات الفعل ومقاومتها للتغيير تتاثر سلبا وايجابا بالنقطة الاولي الفعل و النقطة الثانية ردة الفعل، وتتناسب تناسبا عكسيا معه، أي كلما زادت ردات الفعل عن الفعل قلت مستوي دائرة التأثر، والعكس بالعكس.بافتراض ثبات المؤثرات والمتغيرات الاخري.
المراقب للحراك الشعبي في السودان يلاحظ الاتي:
أ- لاول مرة في تاريخ السودان يجتمع السودانيون على هدف واحد وهو اسقاط النظام، ومن ناحية عملية تحركت كل مكونات المجتمع السوداني وشاركت في الحراك حتي تم اسقاط النظام في صورتة الاولية من ناحية الرموز، ويكافحون حتى الان تفكيك مؤسساته الممتدة الجذور وذات الاوجه المخلتفة التى تميزت به.
ب-للمرة الاولي في التاريخ يجتمع السودانيون في تجمع بشري كبير ادهش العالم برمته، بتنوعه واشتماله على كل السودانيين بمختلف مهنهم وسحناتهم واتجاهاتهم الجغرافية والمناطقية.
ج-القدرة التنظيمية الفائقة في التعبئة والحشد والمناورة استخدمت فيها التكنولوجيا الحديثة، بجانب الخطاب المؤثر والفعال والفاعل في تحريك مجري الاحداث والالة الاعلامية.
مما سلف من ملاحظات يمكن احداث اختراق حقيقي في تاريخ السودان والعبور بالدولة الى دولة المؤسسات والقانون بالاستفادة من الحراك الجاري والتجمع والمنتدي الكبير فى بدء نقاط فعل لنشر ثقافة السلام والتعايش والمصالحة بالاستفادة من هذه السانحة التأريخية.
قد ظهرت بعض الاتجاهات في معالجة الاختلالات الهيكلية باستحداث طرق جديدة للخطاب علي اساس ان السودان بلد واحد لايمكن تجزئته على اساس الاتجاهات الجغرافية او المناطقية مثل ما هتف به شباب الثورة من هتافات تصب في الانتماء الاكبر.
كيف يمكن ان تعمل نقاط الفعل وكيف يمكنها ان تؤثر نقاط ردة الفعل في دائرة التاثير؟
نقاط الفعل يمكنها ان تصيغ بعض المفهومات الحديثة في طريق بناء المجتمع من خلال مؤسسات وفعاليات ، ومن ضمنها مؤسسات ومنظمات تنبع من عمق الحراك تعمل في مجالات السلام والتعايش والمصالحة، وتعمل من خلال المناقشات الفكرية وجلسات المحاورة المباشرة بجمع الاطراف المختلفة لبناء تصور مستقبلي لما يجب ان يكون عليه الوضع عن طريق البحث التقديري، لاتبني على اساس الانتقاد ولكن البحث عن افضل الامكانيات الكامنة للانطلاق نحو المستقبل، وضرورة الاستماع الحاضر واليقظ للالام والغبن والاتهامات والامال والطموحات.
نقاط ردات الفعل ستقاوم التغيير بفعل تراكمات الماضي من ظلم وعسف واقصاء وتقاوم المفاهيم الحديثة نسبة للاثار والجروح النفسية العميقة التي خلفها النظام البائد واخواتها من الانظمة الاستبدادية والشمولية ، وما مارستها من تفكيك المجتمعات وزرع عوامل الخوف وعدم الثقة نظريا بالتاليب والاستمالة والتحييد وعمليا بممارسة العنف المادي والهيكلي والنفسي وتشوية ادوات التعليم الناضج، بتعليم هش يسوق الانسان مع الحيوانات غير الناطقة الى مزرعة السيد.
قوة دائرة التأثير تعظم في حالة نجاح نقاط الفعل على نقاط ردات الفعل، وتكبر هذه الدائرة والدوائر الاخري شيئا فشيئا الى ان تنحدي نقاط ردات الفعل وتتقاطع الدوائر وعند كل تقاطع تنتج قيما جديدة وتنتج سلوكيات جديدة ترسخ هذه المفاهيم، ويكون الاثر الاكبر عند رجوع النقاط الى مراكزها في المدن والقري والولايات لتصنع دوائر جديدة للتأثير ، تتفاعل مع حركة السكان والتداخل والتعامل لتصنع دوائر اخري تعبر المناطق والحيز الجغرافي الى الوجدان، انها ليست سهله ولكنها غير مستحيلة المنال.
نقاط فعل اخري خارج الحراك مثل المناسبات الاجتماعية ونقاط التجمعات مثل النوادي والمطاعم واماكن الشاي ودور العبادة ووسائل المواصلات والاتصالات ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائط الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة، وفوق ذلك يجب التأكيد علي اهمية وفاعلية الاعلام الشعبي الشفاهي.