بقلم : ملوال أييك تينق
بعد أن نال جنوب السودان استقلاله في التاسع من يوليو 2011 كأحدث دولة في القارة السمراء وقد أظهر ذلك قوة إرادة الشعب الجنوبي وتصميمه على نيل حريتة واستقلاله عبر استحقاق إتفاقية السلام الشامل الذي أنهى واحدة من اطول الحرب الأهلية التي شهدتها القارة السمراء منذ خروج إزالة عقبة الحكم الإنجليزي المصري ” الحكم الثنائي” للسودان، ولقد صمد الشعب الجنوبي أمام كل التحديات ونبذ التفرقة والانقسامات الحزبية والجهوية التي ظهرت في فترة كادت تقضي على الحلم المنتظر، وأصبح استقلال الجنوب واقعا وعاش الشعب الجنوبي في كافة أنحاء العالم أجواء عاطفية وجدانية بالفرحة والبهجة والسرور والأمل و الرجاء.
و منذ اللحظة الاولى الخالدة التي نال فيها شعب الجنوب استقلاله جاء السؤال يطرح نفسه، عن كيفية بناء دولة جنوب السودان!
جنوب السودان يمني النفس ويتطلع ويحلم بأن ينعم بالحرية والنماء والنهضة والتطور و الرفاهية و يحلم كل مواطن جنوبي و مواطنة بوجود دولة حديثة تحكم وفقا للدستور والقانون ويعم فيها الأمن و الإستقرار والعدل والمساواة والسلام، بناء الأمة الجنوبية الناهضة التي تطلع إليها كل مواطن جنوبي في الفترة السابقة.
يجيب علينا قبل بناء دولة جنوب السودان الحديثة، أن نقر ونعترف بعجزنا الواضح عن تحقيق الأهداف و تطبيق الأسس العلمية لبناء الوطن التي كنا نصبوا و نتطلع إليها ونحلم بها عند نيل استقلالنا،
نعترف بإخفاق ممارستنا السياسية و الإجتماعية والاقتصادية والثقافة في إقامة الدولة، في عمل التنمية المتوازنة و المستدامة الشاملة في ظل توفر الامكانيات المتاحة في جنوب السودان.
نحن اليوم في مأزق تاريخى ومرحلة حرجة نمر بمنعطف خطير ومصير مجهول، نقف في مفترق طرق. أقل من عامين بعد استقلال بلادنا شعل الحرب الاهلية التي قضت على الاخصر و اليابس، ونتج عن ذلك عجزنا التام عن حلحة مشكلاتنا، و أزماتنا، و الاستجابة الواعية للتحديات التي تجابه الجنوب لبناء الدولة وتوفير الخدمات الأساسية.
المواطن الجنوبي ينتظرمن نخبته السياسية وضع رؤية مستقبلية شاملة وخطة استراتيجية واضحة المعالم ومحددة الأهداف المرجوة، قصيرة أو متوسطة او طويلة المدى.
نخبة سياسة وتربوية تملك الإرادة و القدرة على تنفيذ تلك الرؤى، تستصحب المفاهيم والقيم والمبادئ الأساسية الخاصة بالمواطنة الحقيقية بكافة حقوقها واجباتها المتفق عليها و التي تؤكد على الحرية والعدالة والمساواة التي تجعل الولاء الصادق للوطن والانتماء إليه والاعتزاز به من قبل جميع المواطنين و العمل على التنمية والنهوض به و الحرص على وحدته وأمنه و اسقراره و سلامه الاجتماعي الذي يمثل مسؤولية الجميع كل فرد حسب دوره .
ثم نبدأ في عملية تأسيس دولة جنوب السودان الحديثة بداية بوضع مؤسسات حقيقية تعمل على استكمال البناء وفق مشروعية الدستور والقانون مؤكدة على الثوابت الوطنية المتفق عليها و تحقيق سيادة القانون والفصل التام بين السلطات الثلاثة التشريعية والتنفيذية و القضائية و تصحيح ممارسات التجربة الديمقراطية بالصورة التي تسمح بتحقيق التحول الديموقراطي المطلوب وتؤكد على التداول السلمي للسلطة مع تحقيق المساواة بين جميع أبناء الشعب الجنوبي بمختلف اعراقهم ولغاتهم وتطوير الثقافات الموجودة في الدولة وإتاحة الحريات العامة والخاصة و حرية الصحافة والتعبير والتنظيم و إلزام الجميع بأداء الحقوق و نيل الواجبات تجاه الدولة في مجتمع يملك القدرة على المساءلة والمحاسبة و تطبيق القانون والاحتكام للدستور الذي يكون فوق الجميع ولا أحد يكون فوق القانون مهما كانت مكانتة أو موقعة اومنصبة .