في صدر الورقة المعنونة _ نحو ميلاد ثان لرؤية السودان الجديد _ توجد المقولة بين القوسيين ادناه وهي في غاية الأهمية في معناها , قيلت بعد تجربة طويلة من افاق الكفاح المسلح ..
“رؤية السودان الجديد أمام خيارين إما أن تتطور وتصعد نحو آفاق جديدة أو تتجمد وتنزوى فى عالم متغير على مدار الساعة، وعلينا اليوم أن نضع كامل تجربتنا وحركتنا تحت مبضع النقد والتقييم والإستعداد للإنفتاح على الجديد وتصحيح أخطائنا “.
فمهم جدا للناس الحريصة علي مشروع السودان الجديد ان تبحث عن أرضية تحتوي الخلافات و تمهد لفهم جديد في العمل السياسي السوداني الذي لم يخرج من التجريب و العنتريات و المراهقات الفكرية الي الان و ينفتح بوعي علي التاريخ السوداني العميق بكل مكونات الأرض السودانية من انسان و حضارة مهملة .. وفتاثير التبعية العمياء الذي استوطن الناس من قبل الطائفية الي الان باقي في الناس منذ زمن بعيد .. فمواجهة الأفكار و التطلع الي الانفتاح بديمقراطية تتيح الرائ و الرائ الاخر هي الطريق الي المعرفة بتلك الأرضية المنشودة .. فالشخوص هم لست مقيمين ابدا لهم أدوار و وظائف يقومون بها عند تكليفهم بها في ايطار ديمقراطي عندما يفشلون يجب ان نقول لهم ( تكس راجع ) بصوت عالي فداء للديمقراطية و احترام المبادي ..
من متابعتي لكثير من المداخلات بعد الازمة الحاصلة في الحركة الشعبية , ملاحظ في استعجال للحكم علي الاخرين قبل الاستماع اليهم حول ما حدث و تداعياته المتداخلة و متشابكة , وأيضا ملاحظ تاطير الازمة في شخوص تمجيدا هنا و تبخيثا هناك , اعتقد انكم كدا بتساعدون في وضع العربة امام الحصان , ياخ الناس يجب ان تكون علي مستوي الفهم و الادراك لطبيعة العمل الديمقراطي الذي تتشدقون به _ الديمقراطية عاوزة ناس بتقراء و بتعرف متين تصبح مطر و متين تصبح حريق _ ياخ تعاطوا الحكمة من التاريخ و فكونا من قصة تمجيد الأشخاص دي و المساعدة في تضخيمها .. نحن هنا في عالم مفتوح و متسع ( واتساب _ فيسبوك الي اخ …) واجيال صاعدة لا تعرف الا التمرد علي السائد و المالوف في بيئاتها داخل البيوت او خارجها في الفضاء العام ..فالضرورة تحتم علينا ان نلتف حول برنامج يستند علي المعرفة و خلاصات التجارب من تاريخ السودان لبناء أرضية تتحمل التناقضات و تتماشي مع المتغيرات بثوابت الثقافة و الفكر كما عبر الأستاذ / محمود محمد طه_ في حديثه حول ثورة أكتوبر 1964م …
[أن ثورة أكتوبر ثورة لم تكتمل بعد، وإنما هي تقع في مرحلتين؛ نُفِّذت منهما المرحلة الأولى، ولا تزال المرحلة الثانية تنتظر ميقاتها. المرحلة الأولى من ثورة أكتوبر كانت مرحلة العاطفة المتسامية، التي جمعت الشعب على إرادة التغيير، وكراهية الفساد، ولكنها لم تكن تملك، مع إرادة التغيير، فكرة التغيير، حتى تستطيع أن تبني الصلاح، بعد إزالة الفساد، من أجل ذلك انفرط عقد الوحدة بعيد إزالة الفساد، وأمكن للأحزاب السلفية أن تُفَرِّق الشعب، وأن تُضلِّل سعيه، حتى وأدت أهداف ثورة أكتوبر تحت ركام من الرماد مع مضي الزمن، وما كان للأحزاب السلفية أن تبلغ ما أرادت لو لا أن الثوار قد بدا لهم أن مهمتهم قد أنجزت بمجرد زوال الحكم العسكري، وان وحدة صفهم، قد استنفدت أغراضها.
والمرحلة الثانية من ثورة أكتوبر هي مرحلة الفكر المستحصد، العاصف، الذي يتسامى بإرادة التغيير إلى المستوى الذي يُملِّك معه المعرفة بطريقة التغيير، وهذه تعني هدم الفساد القائم، ثم بناء الصلاح مكان الفساد، وهي ما نسميه بالثورة الفكرية. فإن ثورة أكتوبر لم تمت، ولا تزال نارها تضطرم، ولكن غطى عليها ركام من الرماد، فنحن نريد أن تتولى رياح الفكر العاصف بعثرة هذا الرماد، حتى يتسعر ضرام أكتوبر من جديد، فتحرق نارها الفساد، ويهدي نورها خطوات الصلاح].
و كونوا بخير ريثما تتحرر العقول
محمد المنا