كاليفورنيا – صوت الهامش
تشن ملكة جمال النوبة نتالينا يعقوب، حربا ضد التمييز على أساس اللون في السودان، مؤكدة أن الجمال لا تجلبه قارورة مستحضرات التجميل الخاصة بتفتيح البشرة.
وكتبت مجلة (أوزي) الأمريكية تقريرا في هذا الصدد، قالت فيه إن نتالينا تضحك في حديثها ويثير ضحكها عدوى الضحك بين جلسائها. وفي زينتها تبدو نتالينا ذات الـ 25 ربيعا مفعمة بالثقة – تلك الثقة التي خدمتها جيدًا في رحلتها التي تبدو مستحيلة.
ونوهت المجلة عن أن نتالينا هي ملكة جمال – حصلت على لقب ملكة جمال جبال النوبة عام 2014 – ولم يكن انتصارها هذا مقصورا على 24 متنافسة معها على اللقب، وإنما كان الانتصار على شيء أكثر عمقًا: التمييز على أساس اللون المتأصل في المجتمع السوداني. نتالينا امرأة سوداء البشرة تتحدى ثقافة مجتمعية تروّج للبشرة الفاتحة كمعيار للجمال الأنثوي.
تقول هالة الكارب، مديرة المبادرة الاستراتيجية للنساء في القرن الأفريقي، إن العولمة والتغير الاجتماعي والسياسي قد شجع بلادًا كانت يوما فخورة بما تحفل به من تنوّع وإرث قبَلي على التحول وتبنّي آراء وتوجهات مختلفة. وفي السودان تحديدا، كان للقرب من شبه الجزيرة العربية كبير الأثر – حيث تحوّل بلدٌ مبني على مزيج من الثقافات إلى بلد آخر يبدو فيه التنوع أمرًا غير مرغوب فيه.
وترى الكارب أن هذا التوجه الشعبي السوداني أمرٌ مثيرٌ للقلق؛ حيث بات “الناس يرغبون في أن يشبهوا العرب وفي تقليد ما يشاهدونه على شاشات التلفاز. وقد هجرت السيدات السودانيات الثوب التقليدي واتجهن إلى ارتداء العبايات العربية.. نحن لسنا هكذا. إن ابتعادنا عن هويتنا الأفريقية أمر خطير. لقد بتنا نعاني أزمة في الهوية.”
وتؤكد نتالينا أن “تفتيح البشرة بات أمرًا شائعا جدا في السودان، وقد سألوني في مسابقة الجمال: “لماذا لا تغيرين لون بشرتك؟ وقد كنت جريئة في البدء فقلت لسيدة التحكيم: “لماذا لم تفعلي أنتي ذلك؟” ولكنني بعد ذلك جاوبت على السؤال قائلة: “لأن لوني هو رسالة حياتي.”
ونبه التقرير إلى أن عددا هائلا من السيدات السودانيات يرون شيئًا مختلفا. وأكدت دراسة أجريت عام 2016 على عينة من طالبات الجامعة، أن نسبة 89 بالمئة منهن تعرف المخاطر الصحية التي تجلبها عقاقير تفتيح البشرة، ومع ذلك أكدت نسبة 87 بالمئة إنها لا تزال تستخدم تلك العقاقير.
وقالت هذه النسبة إنها تستخدم تلك العقاقير المفتحة للون البشرة من أجل اجتذاب الرجال ومن أجل الظهور بمظهر جميل واكتساب الثقة بالنفس. بينما قالت نسبة ثلث المشاركات في الدراسة إنها تستخدم تلك العقاقير ببساطة لأن البشرة البيضاء أكثر جاذبية من السوداء.
وبعد فوزها بلقب ملكة الجمال، وجدت نتالينا لنفسها منصّة لتوصيل رسالتها لأكبر عدد ممكن من الجماهير، لاسيما الفتيات، وتتمثل الرسالة في: “أنتن جميلات. لستن بحاجة إلى تغيير ألوانكن. لقد خلقكن الله جميلات. الجمال بداخل كل منا”.
ورأت المجلة أن نتالينا لا يخالجها الشك في صعوبة رسالتها في بلد تستخدم فيه نسبة 74 بالمئة من الفتيات في سن الجامعة منتجات تفتيح البشرة.
وكان النجاح الأكبر الذي وجدته نتالينا في يونيو 2017، عندما طلبت منها قناة تلفزيونية سودانية (سودان 24) لا أنْ تحلّ ضيفة عليها وإنما أن تكون مذيعة بالقناة؛ وحينئذ قالت نتالينا: “ها أنا ذي، امرأة سوداء البشرة، قد أصبحت مذيعة على قناة تلفزيونية وطنية. هذا نجاح، أليس كذلك؟”
وعلقت المجلة قائلة: “بالتأكيد هو نجاح، ولكن هل يتسنى لنتالينا يعقوب أن تغير طريقة تفكير مجتمع بأكمله؟ بالطبع لا، لكنها على الطريق.”