الصدمات والضربات والصفعات تتوالى على وجه ثوار ديسمبر يوماً بعد آخر، وهذه الحكومة التي يفترض فيها ان تكون حكومة ثورة ما فتئت تظهر ضعفاً وتراخياً متتابعاً لا يتسق وروح الثورة، فلا يصبح علينا يوم جديد ويمسي حتى تتكاثر امامنا المشاهد الدالة على وجود دولة الانقاذ الداعشية، وكل وزير او خفير رفعه الشعب الثائر على الاكتاف واوصله الى مؤسسات الحكم يتحجج بوجود هذه الدويلة الارهابية العميقة المعيقة، لا ادري!، هل ثار الشعب ليتولى امره مسؤول يدمن الشكوى اليه على الدوام، بدلاً من ان يدنو هذا المسؤول باذنه ليستمع لشكاوى مواطنيه وينصتلأنات همومهم واوجاعهم؟، هذه المنظومة التنفيذية الانتقالية الجديدة ضعيفة حد الرثاء، ويا ليت لو تم الابقاء على الطاقم المكلف بدلاً عن هؤلاء العاجزين عن انفاذ برنامج الثورة، من كان يتوقع ان تجلد النساء ويلاحقن في وضح النهار بشوارع الخرطوم بعد اسقاط الطاغية؟، ما هذه الردة الثورية المهينة للكنداكات اللائي ضربن اروع الامثلة في ثورة ان اردنا ان ننصفها ونصفها وصفاً دقيقاً غير منحاز لقلنا انها ثورة النساء بلا نزاع، مازالت صورة الفارسة الامدرمانية الهائجة بروحها الثائرة ماثلة في سجل ذاكرة ثورة ديسمبر المجيدة، كانت تحض الشباب الذي اوشك على الاستسلام امام كجر الطاغية و (تنهرهم) على ان لا يجبنوا، وكل العالم رأى بسالة صائدة البنبان وهتاف تلك الميرم الشامخة تحت نفق الجسر وهي تتجلى وتسمو روحاً مع هتاف (ندوسو دوس)، ماذا اصابكم يا من تدّعون حماية مكتسبات الثورة يا طاقم الوزارة الجديد؟
المشاهد الموثقة لجلد النساء بالسياط كالعير وسط عاصمة بلادهن يدل دلالة قاطعة على ان المنظومة الجديدة غير جديرة بالاستئمان على شرف الثورة، واذا استطال انتظار الثوار لهذه المنظومة العرجاء كي تشفي غليلهم وهم صامتين، يكونون قد جنوا على انفسهم وعلى مصير هذا الشعب الكريم، لابد من انطلاق مليونية كاسحة لوضع الامور في نصابها، تقاعس الجهات الشرطية والأمنية والتخاذل في القيام بدورها المهني وفسحها المجال لمرتع عصابات النقرز وبقايا المهوسيين الداعشيين، غير جدير بواجهات حكومة ثورة مسؤولة عن بسط أمن وأمان المواطن، ثالثة الأثافي والتماهي مع خرافات النظام البائد هو حديث مدير شرطة ولاية الخرطوم غير المنحاز لقيم الثورة التي هزت كيان وعرش اشهر جبابرة القارة الافريقية مطلع الالفية الثالثة، اذا كانت هذه هي تصورات من هو قائم على قمة الجهاز الشرطي بالولاية المركزية، فعلى دنيا الثورة والثوار السلام، ما المح اليه مدير شرطة ولاية الخرطوم من ضرورة لعودة قانون النظام الداعش (العام)، هو كفر بواح بالثورة الشبابية التي انطلقت في ديسمبر قبل عامين، وعدم اعتراف بقيمتها الروحية داخل وجدان الثوار وتجب اقالته على الفور.
العيب الأكبر لهذه المنظومة الانتقالية الجديدة أنها اعادت الكادر البائد بطريقة مستفزة للشعب السوداني، ومن اكثر الأمور أسفاً أن يموت الشباب من اجل ازالة اذى الانقاذ ثم تقوم الحكومة البديلة بتنسيق عودة الحرس القديم من الباب الخلفي، لابد للجان المقاومة والقوى الثورية الحيّة من تفعيل المليوينيات الهادرة حتى لا يطمع الذين في قلوبهم مرض السلطة والجاه، هذه المليونيات هي الضامن الاوحد لاستكمال مشروع الحرية والسلام الشامل غير المحاصص والعدالة المقتصة لاسر الشهداء من القتلة والمجرمين، فالثورة الديسمبرية المجيدة لم تندلع ليقبع المجرمون بين جدران السجون سنين عددا، ولم تتفجر ليستكين نبيل اديب هذه المدة الطويلة دون استكمال التكليف الاخلاقي الذي كلف به، فالاركان الثلاثة لبنيان الثورة واجب على الحكومة الانتقالية تحقيقها قبل انقضاء اجلها،وسوف يطرق الثوار على اوتار مثلث هذه الاستحقاقات حتى يرعوي المندسون، فالدماء الطاهرة المسكوبة على ارصفة طرقات مدن السودان لن تكون مهراً لعبور الداعشيين والمهووسين والموتورين ليقهروا بسياطهم اشرف نساء الارض، وليعلم طاقم كابينة القيادة الانتقالية الجديدة أن لهيب الثورة لم يخمد بعد.
التحجج والتذرع بوجود دولة عميقة من قبل رموز الانتقال غير مقبول البتة، واذا ما اصرّوا على عزف هذه السيمفونية المشروخة عليهم الترجل وافساح الطريق لمن هو اشجع واقدر واجدر بصوندماء الشهداء، وكل من يتكيء على هذه العصا المعوجة سيسقط هو الآخر كما سقط الساحر الكبير، وليست هنالك قامة واحدة من قامات الاحياء منا تطول قامة شهيد يافع صغير خرج يوم نادى منادي الثورة ان اخرجوا لازالة الجبروت والطغيان والدكتاتورية، هذا الشهيد الصغير من امثال عبد العظيم واخوته هو الآمر والناهي لخُدام الثورة في مجالسهم الكثيرة الشريكة والسائدة والنافذة، ومثل هذا الشبل الصغير الغرير الذي فجعت امه يوم التقت جموع المواكب الثائرة مع جمع الطاغية الفار، هو ايقونة التغيير وليس اولئك الذين نرفع لهم الرايات والشعارات المكتوب عليها (شكراً)، وهو ملهم تمدد روح هذه الثورة المجيدة في شرايين الشيب والشباب والنساء والرجال، وكل من اعتلى كرسياً وتقلد منصباً بعد الحادي عشر من ابريل، واجب عليه السير في طريق ذو اتجاه واحد لا يمكن الرجوع منه، الا وهو الدرب الذي رسمته اقدام هؤلا المراهقين الصغارالمرصعة بنجيمات قطرات الدم الاحمر القاني الثمين.
اسماعيل عبد الله
26 مارس 2021