أقدمت سلطات تشاد في الفترة الأخيرة على تشكيل مليشيات من السكان المحليين في الأقاليم المجاورة لبحيرة تشاد، تسمى لجانا أمنية، لمواجهة خطر جماعة بوكو حرام الفرع لتنظيم الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا. ولم يتعد تسليح هذه اللجان حتى الآن السلاح التقليدي الذي يحتفظ به سكان القرى في منازلهم، وذلك من قبيل الأسلحة البيضاء كالحراب والسواطير والعصي والنبال.
وقد منحت السلطات لهذه المليشيات تفويضا بالمراقبة والتفتيش وحتى الاعتقال للمشتبه في انتمائهم لبوكو حرام، وتتكفل الحكومة بتنظيم هذه اللجان وتدريبها، وتزود أفرادها بالضروريات التي يحتاجونها لمساعدة السلطات في حفظ الأمن، ومنع أي تسلل لجماعة بوكو حرام إلى القرى داخل تشاد.
وكانت بوكو حرام قد نفذت أولى عملياتها المسلحة بتشاد في بلدة نكوبوا التي تقع قرب الحدود مع النيجر ونيجيريا على الضفة الشمالية لبحيرة تشاد، وانتقلت الجماعة بهذا العمل من كونها تنظيما يخوض معارك مع الدول المجاورة للحدود الغربية لتشاد المطلة على البحيرة إلى تنظيم يخوض حربا مباشرة ضد حكومة تشاد داخل أراضيها.
ومع تواتر العمليات المسلحة والتفجيرات التي ينفذها التنظيم داخل تشاد، اتخذت الحكومة عدة إجراءات تأخذ المعطيات الجديدة، ولم تعد السلطات تبحث عن المشتبه في انتمائهم إلى بوكو حرام في أوساط الأجانب من دول غرب أفريقيا أو في أوساط التشاديين المتحدرين من هذه الدول، بل تعترف الحكومة الآن بأن بعض أعضاء التنظيم مواطنون تشاديون يعرفون جيدا المناطق التي يستهدفونها بهجماتهم.
نموذج قرية
ففي قرية نابلثلاثة، شارك حاكم إقليم البحيرة آدم فورتاي سكان القرية مؤخرا باحتفال كبير حضره إلى جانبه كل مسؤولي السلطات العسكرية والأمنية والإدارية في الإقليم، وكان الاحتفال تكريما لشيخ القرية وأعضاء اللجنة الأمنية بها، إذ تمكنوا من اعتقال أحد المسلحين قالوا إنه ينتمي إلى بوكو حرام، دخل قريتهم بحثا عن ماء وطعام فتمكنوا من الإيقاع به والقبض عليه ثم سلموه إلى الجيش.
ويقول حاكم إقليم البحيرة إن ما قام به سكان القرية نموذج للشجاعة لأنهم خاطروا بحياتهم لتنفيذ هذا الاعتقال.
وكان وزير الأمن العام التشادي أحمد محمد باشر قال أمام برلمان بلاده مؤخرا إن اللجان الأمنية هي التي أنقذت الأرواح عندما فجر انتحاري نفسه في سوق ببلدة قطي جنوبي بحيرة تشاد، ولا تبعد البلدة سوى 120 كلم جنوبي العاصمة إنجامينا، وأوضح الوزير أن اللجان الأمنية اكتشفت الانتحاري أمام مدخل السوق، وهو ما أجبره على تفجير نفسه في مكان غير مزدحم بالناس.
وحسب تصريحات المسؤول التشادي فإن موازنة الوزارة للعام الحالي لا تمكّن الحكومة من توفير رواتب لأعضاء اللجان الأمنية، ولكن الوزارة ستوفر لهم كل ما يحتاجون إليه، ويضيف أنهم يقومون بعمل جيد.
مشكلة قائمة
وتوجد حاليا في معظم القرى والجزر في منطقة بحيرة تشاد لجان أمنية تتعاون مع الحكومة في مسعاها للقضاء على نشاطات جماعة بوكو حرام، إلا أن هذا التحرك لم يحقق النصر المنشود من الحكومة، فلا يزال نحو ستين ألف شخص نزحوا من قراهم في منطقة البحيرة غير قادرين على العودة إلى منازلهم بسبب المخاطر الأمنية.
وقد طلبت الحكومة من البرلمان في جلسة في نهاية أبريل/نيسان الماضي تمديد إعلان حالة الطوارئ لمدة ثمانية عشر شهرا لمواجهة خطر بوكو حرام، إلا أن البرلمان اكتفى بمنح الحكومة تمديدا لستة أشهر ينتهي يوم 25 أكتوبر/تشرين الثاني المقبل.
المصدر : الجزيرة