لندن – صوت الهامش
رصد موقع (ميدل إيست آي) دعوة وجهها رئيس الوزراء السوداني السابق، صادق المهدي، إلى المحكمة الجنائية الدولية لتجميد اتهامها للرئيس عمر البشير، وما أثارته تلك الدعوة من إدانة جماعات المعارضة المسلحة الغاضبة في دارفور ومناطق أخرى مهددة بشق صف تحالف المعارضة الرئيسي والعودة بالبلاد مرة أخرى إلى الصراع.
وفي تقرير له، أفاد الموقع بأن الزعيم المنفي لحزب الأمة ورئيس تحالف نداء السودان، اقترح الأسبوع الماضي صفقة تسوية مع البشير تتم بموجبها موافقة البشير على التنحي عن الحكم مقابل تجميد قضية المحكمة الجنائية الدولية المقامة ضده.
وتطارد الجنائية الدولية –المدعومة من الأمم المتحدة- البشير على خلفية اتهامات بارتكابه فظائع في دارفور بين عامي 2003 و2008 بأيدي قوات الحكومة السودانية وميليشيات موالية لها.
وقال المهدي في لندن الأسبوع الماضي إن مجلس الأمن الدولي يمكن على الأقل أن يجمد طلب الاعتقال ضد البشير لمدة عام واحد لتعزيز فرص إنجاز صفقة تسوية…. “قضية المحكمة الجنائية الدولية في السودان أساسية ولا يمكن تجاهلها، لاسيما وأن الرئيس يحاول حماية نفسه عبر الإصرار على البقاء في السلطة.”
وتابع المهدي “أمامنا خياران: إما أن يسلم البشير نفسه للمحكمة، كما فعل الرئيس الكيني أوهورو كينياتا وغيره من قادة سابقين للميليشيات في السودان، أو أن يعمل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على تسوية سياسية على أساس صفقة سياسية ومصالحة بين الفرقاء السودانيين.”
رد فعل ثوري
لكن مقترحات المهدي سرعان ما أثارت رفضًا قاطعا من جانب حركة العدل والمساواة وغيرها من جماعات المعارضة في دارفور، إضافة إلى الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، التي تقاتل الحكومة السودانية في ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
كافة هذه الجماعات والحركات المعارضة كانت تدعم تحالف نداء السودان الذي وحدّ صفهم إلى جانب أحزاب سياسية ومنظمات مجتمع مدني في مواجهة البشير.
وردا على مقترحات المهدي، سارعت الجماعات والحركات المعارضة في دارفور إلى التجمع تحت لواء الجبهة الثورية السودانية داعية إلى “تحركات ثورية” واستئناف نضالهم المسلح ضد الحكومة في الخرطوم.
وتحظى الجبهة الثورية بدعم ثلاث حركات مسلحة دارفورية أساسية هي: العدل والمساواة بقيادة جبريل إبراهيم؛ وحركة تحرير السودان-قيادة مني مناوي؛ والحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال – فضلا عما تحظى به الجبهة من دعم فصائل مسلحة أخرى في شرق السودان.
وفي بيان إعلان التوحد تحت لواء الجبهة الثورية السودانية، أكد قادتها أن اعتقال البشير لا يزال أحد أهدافهم الأساسية، مطالبين المجتمع الدولي بالوفاء بالتزاماته بموجب القانون الدولي وتجاه ضحايا المنطقة عبر إخضاع البشير للمحاكمة.
وقال الناطق باسم الحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال، مبارك أردول، إن الحركة ترفض بقوة أي صفقة سياسية بشأن قضية جرائم الحرب… “لأن ذلك كفيل بتعزيز ثقافة الإفلات من العقاب والهروب من المسؤولية منعا لتكرار تلك الجرائم في المستقبل.”
وقال محمد هارون، الناطق باسم حركة تحرير السودان – قيادة مني مناوي، إن مقترحات المهدي استفزازية لضحايا العنف في دارفور ….”ليس لأحد الحق في الحديث عن أو طرح أمثال تلك المقترحات إلا شعب دارفور وضحايا الإبادة الجماعية في المنطقة.”
ورأى التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) أن تهديد حركات وجماعات المعارضة المسلحة بحمل السلاح يخاطر بشق صف تحالف نداء السودان الذي تشكل بدعمها عام 2014 بحثا عن انتقال سياسي سلمي كفيل بوضع نهاية لحكم البشير الذي استطال زهاء 30 عاما.
وكان المهدي قد اقترح في السابق إمكانية خروج البشير “خروجا سهلا” يحظى فيه بحماية ضد ملاحقة المحكمة الجنائية الدولية مقابل التخلي طواعية عن السلطة. وفي عام 2014، حث المهدي البشير على عدم الترشح في انتخابات 2015 متعهدا بمحاولة إقناع مجلس الأمن بتجميد قضية الجنائية الدولية إذا قبل البشير الصفقة.
لكن الأخير تجاهل اقتراح المهدي وأعيد انتخابه في ظل مقاطعة من أحزاب المعارضة الرئيسية وسط مهزلة سياسية.
ومنذ ذلك الحين، والمهدي يعيش غالبا في المنفى بمصر حتى كان الشهر الماضي وتم منعه من دخول البلاد في مطار القاهرة الذي غادر منه إلى المملكة المتحدة.
ويواجه المهدي تهديدا بالاعتقال حال عودته إلى السودان حيث توعد البشير بمعاقبة قادة المعارضة السياسيين بسبب تحالفهم مع الجماعات المسلحة ضده.