في الحورا الذي اجرته صحيفة السوداني مع مدير هيئة الطيران المدني نقلاً عن صحيفة الراكوبة الالكترونية، قالها بكل صراحة:(اخشى ان يتم استغلال بعضهم لوضع قنبلة او عمل تخريبي)، وهو يقصد عمال المناولة بالمطار، حكومة حمدوك تفشل في سد ثغرة مطار الخرطوم فيتجاوز الأمر مخالفات تهريب الذهب ليصل الى مرحلة الخطر الداهم الذي يهدد حياة المسافرين، والأعجب من ذلك ادلاء مدير الهيئة بهذه المعلومة المرعبة (تسعمائة بطاقة فقط من جملة اربعة آلاف من بطاقات عمال المناولة الارضية يحملهااشخاص حقيقيون) بمعنى أن ثلاثة آلاف بطاقة بقبضة ايدي منلا علاقة لهم بسلطات المطار، يمكنهم الدخول والخروج رسمياً عبر جميع بوابات المطار، كما وصف الضبطيات التي تمت بحضور دستوريين كبار بقوله (ماهي الا محاولات للانتصار للذات)، بينما صراعات الساسة تطل برأسها في جدل انصرافي حول تبعية هيئة الطيران المدني لوزارة النقل من عدمها، تصور يا عزيزي المواطن مدى استمرارية هذا الوباء القديم المتجدد، اداريون فاشلون على مر العصور والازمنة، لماذا لا يستقيل السيد مدير هيئة الطيران المدني ما دام غير قادر على انقاذ ارواح المسافرين؟، لو حدث هذا في البلدان المحترمة لتمت اقالة المسؤول الأول عن هذا المطار المهددبالمخاطر وغير القادر على توفير الأمن والأمان للمسافرين.
في العهد البائد احترقت طائرة الخطوط الجوية السودانية على مدرج مطار الخرطوم بعد هبوطها، شاهدنا بثاً حياً نقلته قنوات التلفزة العربية صوّر موت الناس داخل التابوت المحترق، كانت مأساة بكتها شعوب الأرض وفضيحة رسمت على وجه الانسانية عار لن يمحى، كما رأينا عشرات سيارات اطفاء الحرائق تصطف على جنبات مدارج مطارات الحكومات المسؤولة عندما يحدث عطبباطار طائرة هابطة، كم تملك مؤسسة مطار الخرطوم الدولي من مثل شاكلة هذه السيارات؟، ماذا يقول اتحاد النقل الجوي الدولي لو قرأ الحوار الذي ادير مع مدير هيئة طيراننا المدني؟، هل يوصي الاتحاد بغلق المطار بناءً على هذه الحجة الدامغة بالتقصير في حماية المسافرين؟، كيف للمسؤول الأول عن هيئة الطيران المدني ان يكشف عن هذا الخلل الأمني الخطير المهدد للسلامة الجوية دون ان يقدّم الحل، أو يُقدِم على خطوات عملية جريئة يطمئن بها المسافرين، ما هو حجم الرعب الذي ينتاب الناس بعد اطلاعهم على تفاصيل هذا الحوار المثير؟، لا يوجد مبرر واحد يدعو مدير الهيئة لأن يجلس يوماً واحدا على كرسيه بعد تفجيره لهذه القنبلة، على قوى الثورة البت في امر هذا الشخص المحمول على اكتاف الثورة، الثوار الحقيقيون لا يشكون ولا يستسلمون، بل يفعلون ويصدرون القرارات ويتابعون تنفيذها دون التحجج بالعبارة البائسة اليائسة (الاشكالية في الآلية).
في احدى رحلاتي المغادرة لتراب الوطن الحبيب وانا جالس في انتظار الصعود لمتن الدابة السريعة، لفت نظري ملصق علىالجدار كتب عليه (رؤيتنا ان نصبح المطار الأول افريقياً)، في ذلك الوقت عقدت مقارنة بين طموح حاكم دبي في الوصول للقمة وهو يردد دائماً لا نقبل بغير المركز الأول، وبين طموح حكامنا المحدود والمحدد في اطار القارة الافريقية (الحيطة القصيرة)، عاد بي شريط الذكريات لتلك اللحظات بعد ان اعلن ضيف هذا الحوار الكارثي عن تبوء مطارنا للمركز قبل الأخير افريقياً، المدير يعلن عن هذ الاخفاق المؤلم دون ان يطرح خطته البديلة، لخوض غمار الماراثون القادم في سباق التنافس بين مطارات افريقيا، ولماذا لا نسعى لنطأ الثريا؟ ما المانع في ان يصبح مطار الخرطوم الأول عالمياً؟، وهو الذي اشادت بجودة خدماته ملكة بريطانيا ثمانينيات القرن الفائت، كيف يخرج السودانيون من هزيمة النفس الى براح الانتصار العلمي والعملي المدروس والموجه بمخرجات التكنلوجيا المنفتحة على الدنيا، كيف العبور يا معالي رئيس مجلس الوزراء ومطار الخرطوم يعج ويضج باكثر من ثلاثة آلاف شخص غير رسميين يحملون اذونات دخوله؟، لقد قضيت نصف سنين عمرك عابراً لقارات الدنيا السبع ذهاباً ومجيئاً فهل وجدت فوضى اكثر من هذه؟
الثوار يطالبون بوضع تدابير فعّالة لمراقبة ادارة السلامة الجوية بمطار الخرطوم حفاظاً على ارواح المسافرين، ويطالبون بفحص الطائرات والتأكد من مدى مطابقتها للمواصفات الدولية – طيران بدر – ومراجعة شهادات تسجيل الطائرات بالدولة، والرقابة على التراخيص التي تمنح لشركات المناولة، والتدقيق في العقود المبرمة بين هذه الشركات وادارة مطار الخرطوم، والتحقق من كفاءة المهندسين والعاملين بقسم الصيانة، وبما أن الحكومة حكومة ثورة،يطالب الثوار باعادة فتح ملفات جميع حوادث الطيران خلال الثلاثين عاماً الماضية، واعادة التحقيق والبحث ومعرفة الاسباب الحقيقية وراء تلك الكوارث الجوية المبهمة التي وقعت في ذلك العهد الغيهب، واخيراً، ماهي التدابير الاستباقية التي وضعتها ادارة مطار الخرطوم لمنع حملة التصاريح غير القانونية من القيام بأي عمل تخريبي من شأنه تعريض حياة المسافرين للخطر؟.
اسماعيل عبد الله
25 مارس 2021