التنافس السياسي يأخذ اشكالاً عديدة مثل تلك الضربات الموجهة للخصوم تحت الحزام، هكذا هو أمرهذه اللعبة القذرة التيوصفها أهلها بان لا فرق بينها وبين النخاسة، من تسلق سلمها ووصل لمرماه ومبتغاه وضع العقبات والعراقيل امام الذي يخطو خطواته الأولى على مدارج ابوابها، عندما اندلعت ثورة الشعب في ديسمبر قفز على ظهر سفينة الانتقال المستعجلون، وبعدما استكانوا على وثير الارائك وصفوا بعض من دعوا لاسقاطهم بالقافزين في اتون الظلام دون هاد ولا دليل مرشد، بعض المتنفذين في طاقم الانتقال زهدوا في الكرسي نظرياً بميدان الاعتصام عندما كانوا ناشطين، لكن وبعد تفيء ظلال اشجار القصور الوارفة سعوا للحفاظ على مقاعدهم سعياً محموماً نسوا معه الوعد (الكاذب) الذي قطعوه للثوار الحقيقيين، انه عالم سفلي بئيس مملوءبخبائث الشيطان لا يقربه الا الملوثين بالكيد للأوطان وعقوق الأم الرؤوم، لم نر حد فاصل بين رجل السياسة البائد والثائر الحكومي المنتقل من حيث ممارسة العمل السلطوي، بل شاهدنا ذات (الحفر) الذي اعتاد عليه سدنة الطاغية يعمل به بين المنتقلين، تكالب غير مسبوق على فتات الحقبة المؤقتة والكل يريد ان يقصي الكل.
الحلو وغيره مواطنون اصيلون لهم حق ان يشاركوا ويساهموا في هذه الزفّة، والوطن يسع الجميع اذا تطايبت النفوس وعلت همتها ووضعت البلاد في سويداء القلوب، الحملة الدينية المهووسة المثارة حول اتفاق البرهان – الحلو يقف وراءها الكثيرون من اصحاب الاجندة الحاقدة بمن فيهم البائدون، لقد سئم الناس من هذه التجارة البائرة بآيات الله وكلماته التامات، لا شيء اضر بالرسائل السماوية الا ادعياء الطهر ومعتنقي النفاق ودعاة الشقاق من لاعقي احذية الجبابرة، يالهم من تعساء!، اين اختبئوا حينما كان جبارهم العنيد يرسل براميل الموت المعبئة في طائرات الانتونوف لحرق اجساد اطفال الجبال؟، الا يستحون؟ لماذا لم يفتح الله عليهم بهمسة حق في اذن سلطانهم الجائر؟، لا يستطيعون، فمن غذي بمال سحت اللحى البالية لن يحيا ضميره الميت، ولا يمكن ان يكون مؤهلاً ليحمل رسالة السماء، لقد علمهم الناس وخبروهم ورأوهم يتخيرون طيب الطعام المنثور على موائد الطغاة، وراقبوهم وهم يستشفون بمشافي بلاد الغرب (الكافر)، لقد مل المواطنوناحاديث هؤلاء المنعّمين المحشوة اجسادهم بشحوم الهبات والاكراميات المتفضل بها من الظالم الكبير قاتل الضعفاء ومغتصب حرائر الوطن.
بكاء علماء السلطة البائدة اصحاب الاجسام الناعمة والشدوق الوارمة على المنابر لن يخدم الدين، ورب العباد قد حسم الامر الذي يتباكون حوله حين قال:(انا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون)، فلا يجدر بأي مواطن ان يلقي بالسمع لأي من هؤلاء المتشنجين الداعين لاثارة الكراهية الدينية بين مكونات المجتمع، على السلطات العدلية والقضائية أن توقف هذه التيارات المتشددة التي اوقفهاداعموها في مصدرها وعند منبعها، لقد ولى زمان الهوس الديني والعطالة المسنودة بلوائح وقوانين الدولة المكرّسة للتبطل والتعطل والتكسب من بيع التمائم في دبر كل صلاة بمساجد مدن وقرى البلاد، على السلطات ان تصدر قوانين عاجلة لايقاف هذه الاصوات المتشنجة المستهدفة لضعضعة تماسك المجتمع، والا يسمح لكائن من كان بأن يعقد ندوة في سوح الاسواق، وان يتم منع الدجالين المستغلين لمنابر المساجد بالاحياء في التسول وابتزاز المواطنين، يجب على شباب الثورة ولجان المقاومة ان يقفوا سداً منيعاً امام بقايا المشعوذين الذين مكنتهم الدويلة الرسالية المزعومة البائدة، لا مكان للمتاجرة الرخيصة باسم الدين بين دعاة دولة السلم والأمن والتسامح.
السودان يسع الحلو والمر من بنيه ولا كفة في ميزان الحقوق يجب ان تكون راجحة على الاخرى، عندما تنظر الدولة للمواطن المسلم والمسيحي والكجوري واللاديني، جميعهم متساوون في الحقوق والواجبات، ولكل منهم حق ممارسة عبادته ومايؤمن به دون التعرض للمضايقة والتحرش والاساءة والتقليل من الشأن، ومن اراد أن يطبق المناهج الدينية المتشددة عليه أن يغادر بلاد السودان الىنجد، فبلادنا عرفت بالتسامح منذ قديم الزمان وارضها لا تنموا عليها اشجار المشاريع المستوردة، مثل التدين المتشدد والمتعصب، كاخوان الحسنين (البنا والترابي) والتكفيريين، ومثل الايدلوجيات المتطرفة الوافدة، فحتى اذا ما تشدد الحلو في طرح ايدلوجيته وتطرف، فعلى مواد القوانين المكافحة للارهاب وبذر بذور الاصوليةالايدلوجية ان تطاله، لا يجب ان يكون سودان مابعد الثورة ملك لاحدى هذه الايدلوجيات الفكرية والدينية التي قسّمت المجتمعات لملل ونحل متنافرة ومتشاكسة، فجميع الثوار الاحرار يسعون لتحقيق الوطن الذي يسع الجميع دون فرز للكيمان ولا تبخيس لأحد، طالما ظل المواطن مواطناً ملتزماً بالنظم واللوائح الضابطة لأمن وأمان الناس، ولم يتجاوز مساحة حريته الخاصة للاضرار والفتك بحريات الآخرين، وفي الآخر علينا تدبر معاني ومقاصد سورة الكافرون التي حسمت الجدل والسفسطة التي يمارسها ائمة النفاق والشقاق.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1) لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ (2) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (3) وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (4) وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ (5) لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ (6).
صدق رب العباد
اسماعيل عبد الله
4 ابريل 2021