نشاهد هذه الايام الضغوطات التي يتعرض لها نظام المؤتمر الوطني في السودان من الاستنفار الكبير الذي يقوم به الشعب السوداني تجاه الطغمة الظالمة في الخرطوم، كما نشاهد ايضا الإضراب الناجح بنسبة فاقت الـ100%، الذي نفذه الاطباء المخلصين من الشعب السوداني الامر الذي ادخل الحكومة السودانية في حرج كبير وتريد ان تغطي على الحدث الثوري والمواقف الثابتة للأطباء المخلصين بمخرجات حوار بشة الذي كان برعاية كاملة من اوباش جهاز الامن السوداني الذي تدرب فنون القمع والإغتيال لكل ماهو يخالفهم الراي خاصة من ابناء الهامش، حيث تم تدريب بعض منهم بإستراتيجيات مغايرة خلاف من مايسمونهم ناسنا في الامن وناس الامن التانيين تم برمجتهم في التدريبات على انهم كوادر مربوطة بالوقف العدائي تجاه المجتمع الذي ينتمون اليه لان المعادلة الفرضية لهم وفقاً للاملاءات انها كل ما زاد قهرهم للمجتمع الذي ينحدرون منه زادت مكانتك عندهم كحكام وهذا مايدل على ان هنالك تمييز في هذا الجهاز نفسه مابين الواثقين فيهم وهؤلاء يسمونهم “ناسنا” واخرون في نفس الوحدة يتعاملون معهم وفقاً لقهر مجتمعاتهم، وهنا تبرز بدأية الدور الحاسم الذي يقوم به جهاز الأمن التابع اسمياً للدولة وعملياً للجبهة الاسلامية التي وضعت كوادرها على رأس الادارات المختلفة التابعة لها.
وهنا نريد ان نشير الى مدى تحكم هذا الجهاز الامني على مقاليد الامور لصالح تلكم المجموعة الحاكمة منذ مايقارب عامين وهو تاريخ بداية حوار الوثبة الذي رأينا فيه مدى الاجتهاد الذي تقوم جهاز الامن والمخابرات السودانية كوحدات مربوطة ببقاء تلكم المجموعة الحاكمة حاليا في السودان في الاستقطاب والإتصال بالتنظيمات والحركات للانضمام لحوار الوثبة، وبالرغم من علمنا التام بان هاتان الوحدتان سوف يمنع الحوار والنقاش حولهما وعملهما لانهما الضمان الوحيد لبقائهم في السلطة، ترك هذا البند في الحوار وهو ملاحظ في المخرجات ويتليه بند مليشيات النظام الذين يحمون الطغمة عبر الانتهاكات التي يقومون بها في مناطق الهامش مسمين انفسهم قوات الشعب المسلحة كجيش قومي لكننا لم نرى اي مجهودات قومية قام بها هذا الجيش سواء قتل ابناء الوطن لحماية المطلوبين لدي العدالة الدولية كما اننا لم نشاهد لهم اي معركة تحمي الوطن مع اي دولة لكننا نشاهدهم فقط يغتصبون نساء الهامش وينهبون ممتلكاتهم في انتهاك واضح لحقوق الانسان وهذا مايرضي بشة من اجل بقائه في السلطة.
نحن هنا نريد ان نتطرق الى اهم ماجاء في توصيات حوار بشة ومايهمنا هو ماتوصل اليه الحوار الذي قاطعته اغلب التنظيمات والحركات المعارضة للنظام فيما يخص (الجيش ومليشياته – الامن) لان مهام تلك الوحدات مهم مناقشتها في اي حوار وطني يهدف الى هيكلة الدولة السودانية لانها اجهزة افرغها المؤتمر الوطني من دورها كأجهزة قومية لتصبح اجهزة موالية له لذا تجد ان المؤتمر الوطني لا يرضى فيهما بتاتاً لانها اجهزة تضمن بقائه في السلطة لذا دعونا ان نتطرق الى كل منهم على حدا ونبدأ بجهاز الامن الذي خصص لهم مايفوق نسبة الـ75% من ميزانية الدولة ومع ذلك اصبح حبيس الاختراق مراراً وتكراراً وفشلت أهم عملياته الخارجية منها على سبيل المثال لا الحصر المهام التي اوكلت لسفير السودان لدي دولة جنوب السودان السابق مطرف صديق لرعاية الارهاب في شرق ووسط افريقيا وتقديم تسهيلات للجماعات الارهابية المتطرفة الا ان الرجل فشل من الوهلة الاولى في هذه المهمة بالرغم من خبرته التي تلقاها منذ زمن طويل، كذلك فشلت المخابرات السودانية في إغتيال الرئيس المصري السابق حسني مبارك، وكثير من المهام فشل فيه هذا الجهاز المطيع لجماعة المؤتمر الوطني لذا انه يسعى الان لاستكمال ذراعه الخارجية ومحاولة اختراق دول الجوار التي خسرها بسبب سياسات قادة الجبهة الاسلامية الرامية الى حقد العرق الافريقي الزنجي وهو الان يبحث عن اماكن لاستعادة الأرضية الاستخبارية التي فقدتها في الخارج لالحاق ضربات بالدول المجاورة التي تتهمها بدعم المعارضة السودانية، خصوصاً اريتريا واثيوبيا وأوغندا وجنوب السودان، ولان جهاز الأمن السوداني يتكون حالياً من جهازين أحدهما للامن الخارجي وآخر للامن الداخلي وكلاهما موالين لحزب المؤتمر الوطني ولا شك في ذلك فالسودان الان ليس له اي جهاز امن وطني بيد ان جهاز الامن الحالي ليس الا هو عبارة عن واجه تحمي الدكتاتورين في الخرطوم عكس جهاز أمن السودان الذي انشأته حكومة العهد الديموقراطي السابقة الذي كان يتولى الاشراف على الشأن الامني، بما في ذلك عمليات الاستخبار الخارجي من خلال القناصل في مختلف سفارات البلاد في الخارج، وهو امتداد لتقليد ارساه نظام الرئيس السابق جعفر نميري الذي قرر ان يكون القنصل ونائبه تابعين لجهاز الأمن على ان تتولى الادارة القنصلية في وزارة الخارجية التنسيق بين السفارات وادارة الجهاز، لكن حينما اتت الجبهة الاسلامية تولت مهمة البيوت التي كانت مخصصة للحكومة وحولتها لبيوت تعذيب المعتقلين (بيوت اشباح) وعملت جهاز امني مطيع كل الطاعة للحزب الحاكم بعد ان اوفد بشة عدداً منهم للتدريب وقدمت طهران دعماً كبيراً من خلال الدورات التدريبية التي نظمتها لهم للمساهمة في رعاية الارهاب كخدمة مجانية وتأهيلهم في اجراء التحقيقات واستخدام الأسلحة الخفيفة والعمالة المزدوجة ومعاملة المعتقلين وفنون التعذيب في بيوتات الاشباح، لذا لم يكن من المستغرب ان يمارس الرئيس السوداني ضغوطا على المشاركين في حوار الوثبة من أجل تخفيف عدد من التوصيات، في وقت وصلت فيه التكلفة المادية للحوار الى أكثر من 100 مليار جنيه، حسب ما علمت التغيير الالكترونية من مصادر مشاركة في الحوار والتي كشفت عن ان بشة استغل نفوذه خلال الجلسة الإجرائية الاخيرة للحوار وأمر المشاركين بتخفيف بعض بنود التوصيات لان كان هنالك خلافات حادة بين المشاركين في الحوار وحزب المؤتمر الوطني في بعض البنود مثل صلاحيات جهاز الأمن الوطني وصلاحيات رئيس الوزارء ومن الذي يتولى المنصب، لكن لان بشة هذا الجهاز يعمل على حمايته هو واعوانه فقط أصر بلهجة حاسمة وصارمة ولم يسمح للمشاركين بالاعتراض فقبلوا بالأمر الواقع لتمنح صلاحيات واسعة لجهاز الامن ليقمع ويعذب كما يحلو له بالرغم من ان التوصية المقترحة كانت تدعو الى ان يكون مهامه منحصرة في جمع المعلومات وتقديهما للأجهزة التنفيذية، ” برضو يقولوا ليك الحوار حل الازمة السودانية”، بكل المقاييس الحوار اعطى جهاز الامن السوداني مزيداً من الصلاحيات لإضطهاد وتعذيب السياسين المعارضين وكل ما يقف ضد حكومة بشة ليظل جهاز الامن يعمل لصالح بشة واعوانه من الارزقية، فلا جديد يذكر ولا قديماً يعاد في حوار الوثبة.
اما وحدة الجيش السوداني اصبحت حبيسة بفضل قائدها العام الذي يصدر التعليمات بعد ان يتناول (الحلو مر) لانه ضامن انه قد جند جنوداً يعملون بالوكالة ويتقاضون رواتب اكثر من قوات الشعب المسلحة انفسهم ومليشيات اخرى من حوش بانقا “صافين لبن” كقوات خاصة ياكلون وينومون وان كتمت يقومون وملايش اخرى مثل (الدفاع الشعبي – ابوطيرة – المجاهدين – الدبابيين – الدعم السريع – حميدتي …. الخ) ليصبح الجيش هو الاخر في خدمة المؤتمر الوطني، فلا جديداً فيه لان هذا البند ممنوع مناقشته والإقتراب من امره ومهامه.
نعود الى الحوار الذي دعا اليه بشة والذي اختتم اعماله في العاشر من اكتوبر الجاري لنسند ماقلناه وفقاً للتجارب السابقة الواضحة للعيان والتي خرجت بها الحوار الا وطني عبر احزاب الفكة الاكسسوارية، الحوار الذي اقيم في الخرطوم والذي حضره وفقاً للحشد الذي اجتهد فيه كل الوحدات التابعة لنظام الخرطوم ادعت انها (79) حزب واغلبها تسميات احزاب وهمية والاخرى تعتبر احزاب صنيعة للمؤتمر الوطني وهنالك اخرى اضيفت للتضخيم فقط، يقال ان الحوار حضره عدد (74) شخصية قومية!!! ونحن لم نفهم معايير الشخصية القومية التي تم على ضوئها اختيار تلكم الشخصيات هل امثال تراجي مصطفى تعتبر شخصية قومية؟!!!، اذا كانت تراجي مصطفى شخصية قومية فالسودان عليك السلام، هذا ليس شاننا فالشخصيات القومية تختار وفقاً لمعايرهم فليس في الامر جديد، ووفقاً لموقع الحوار الوطني السوداني الذي انشائه جهاز الامن لمساندة فكرة بشة ذكر ان عدد الحركات المسلحة التي انضمت للحوار بلغ عددها (31) حركة مسلحة الم يكن هذا مثير للدهشة؟!! اذا كانت حركات مسلحة بالفعل لماذا لا ينتهي اذن التمرد في السودان؟ اذا كانت هي الحركات التي تمثل الثقل المعارض؟ كما ادعى افراد جهاز الامن العاملين في موقع الحوار الوطني، ولم يتواروا خجلاً وادرجوا اسمائها التي اطلعت عليها فوجدتها حركات صنيعة للمؤتمر الوطني واخرى وهمية للتضخيم فقط.
نعود الى صلب مخرجات حوار الطرشان ومايهمنا فيه التوصيات الاخيرة التي لم تغيب ظننا خاصة في الوحدات الممنوعة مناقشتها في الحوار لانهما الضمان الاساسي في اللعبة وتضمن بقائهم في السلطة (الجيش ومليشياته – الامن ) حيث اوصت مخرجات الحوار الهزيل في التوصية رقم (57) الى الموافقة على الالتزام التام والكامل بعدم انشاء اي وحدات مسلحة موالية للتنظيمات السياسية والأهلية – إجماع، وكانوا يقصدوا بان لاتكون هنالك وحدات اخرى غير تلك الموالية لنا، وهذا مايؤكد لك ان الوحدات المسلحة كانت وماتزال موالية لهم لانه ليس هنالك قوات مسلحة موالية لاي تنظيم سياسي في الخرطوم سواء المؤتمر الوطني فهذه ليست توصية، ثانياً من ضمن مخرجات الحوار اللاوطني في التوصية رقم (79) العمل على قومية القوات المسلحة وقوات الشرطة وجهاز الامن والمخابرات الوطني وتطوير قوانينها ولوائحها وفق الية قومية تضمن نسب ثابته لابناء الاقاليم، “يعني يا جماعة المخابرات السودانية وجهاز الامن الفترة الفاتت كالها كانت تعمل لصالح المؤتمر الوطني ودايرنها تعمل بشكل قومي طيارتكم قامت”، والمهزلة الاخرى في توصية اخرى ذكر ضرورة ان يتبع جهاز الامن والمخابرات الوطني الى رئاسة الجمهورية مع اخضاعه للمساءلة امام البرلمان – إجماع، وهنا نتساءل من هو رئيس الجمهورية؟ ومن هم العاملون في رئاسة الجمهورية؟. الم يكن هم من يهندسون كل الامور؟!!! ومن هو رئيس البرلمان الم يكن هو الاخر منهم يعمل لصالح بشة واعوانه؟ عليكم الله لا تخضعوا الشعب السودان بصياغة مخرجات وتوصيات كاذبة، وفي التوصية رقم (84) من مخرجات الحوار الطرشان ذكر ضرورة النأي بالقوات المسلحة عن الصراعات السياسية والمذهبية والجهوية – إجماع، الم يكن هذا هو النفاق بعينه، المؤتمر الوطني يحاور نفسه في حوار امتد اكثر من عام وفي النهاية يخرج بمذيداً من الكذب والنفاق ويريد الشعب السوداني ان يصدقه.
yacobsuleiman@gmail.com