واشنطن – صوت الهامش
خلال العامين الماضيين، انخرط السودان في موجة ساحرة، تهدف إلى تطبيع علاقاته مع الولايات المتحدة، على الرغم من اتهام رئيسها ( البشير) بارتكاب جرائم الإبادة الجماعية من قبل المحكمة الجنائية الدولية، ونظامه ذا التاريخ الطويل من الدعم للمنظمات الإرهابية التي كانت نواةً لنشاءة (تنظيم القاعدة)، نعم ، نجح السودان في الضغط على إدارة (أوباما) وإدارات (ترامب) لرفع العقوبات الشاملة.
بهذه الكلمات، أُفتتح تقرير مدير ومؤسس منظمة كفاية الأمريكية، جون برندرغاست ، عن إستقبال الولايات المتحدة لواحد من “رعاة الإرهاب” في العالم كما أسماه التقرير، الجنرال “محمد عطا“.
ويفيد التقرير بأن هذا الانتصار الدبلوماسي المتعلق برفع العقوبات الشاملة عن “الخرطوم” و الذي لم يكلف النظام شيئاً تقريباً من حيث تغيير السياسة الموضوعي، قام بتحويل اهتمامات النظام السوداني، لمحاولة إقناع “واشنطن” بإزالتها من قائمة الدول الراعية للإرهاب ، والتي ستمكنها من تلقي مساعدات بمليارات الدولارات و بارتياح شديد.
ويذكر التقرير الذي نشره موقع ( ديلي بيست) الأمريكي، على أن “السودان” قام بإرسال الجنرال “محمد عطا” -الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات والأمن القومي (NISS)- لقيادة هذا الجهد، ورئاسة سفارته في واشنطن، و الذي وصل دون أي ضجة إعلامية إلى “واشنطن” ، للشروع في هذه المهمة الجديدة.
يقول التقرير: “اللواء “عطا”، الذي لا علاقة له بالمصري الذي يحمل الاسم نفسه، و الذي قاد هجمات 11 سبتمبر ، له سيرة ذاتية تمثل هي الأفضل، في حال أراد لنظام السعي لتلطيخ سمعة حكومة غارقة في الفساد والقمع، ناهيك عن جرائم الإبادة الجماعية والإرهاب والتمييز الديني والعرقي.
و تحت قيادة الجنرال “عطا” ، أستخدم جهاز الأمن والمخابرات الوطني في اعتقال معارضي النظام واضطهاد القساوسة المسيحيين ، وأتباع الكنيسة ، والأقليات الدينية والعرقية الأخرى ، بالإضافة إلى إنشاء و تشغيل السجون ومراكز الاعتقال السرية، حيث يتم تعذيب المعتقلين وإساءة معاملتهم بشكل روتيني”
و أكد التقرير الذي اطلعت عليه (صوت الهامش) على أن “عطا” في ذلك الوقت، كان يتحمل مسؤولية قيادة قوات الدعم السريع في “السودان” ، وهي وحدة أمنية عسكرية وحشية، بنيت في الأصل من ميليشيات “الجنجويد” سيئة السمعة، و المسؤولة بشكل مباشر عن الفظائع الجماعية التي أرتكبت في “دارفور” .
ولفت علي انه مسؤول أيضا عن استخدام رجال ميليشيا “الجنجويد” الذين أعيد تدويرهم بغرض القمع العنيف للاحتجاجات المدنية في سبتمبر 2013 ، و التي أدت إلى مقتل أكثر من 200 متظاهر سلمي، معظمهم من أطفال المدارس، وعلى هذا النحو، فإن سيرة “عطا” هي جزء من تاريخ النظام السوداني، من جرائم الحرب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية.
اليوم ، تدرك الولايات المتحدة تمامًا أن “السودان” يؤوي رجال دين إسلاميين متطرفين، ومجموعات تدعو بشكل علني إلى التطرف العنيف، وتلقن الشباب السوداني على أيديولوجيات ما يسمى بـ “الدولة الإسلامية” و”تنظيم القاعدة” بل و تعلم أيضاً أن المتورطين داخل النظام متورطين مباشرة في تجنيد الشباب وإرسالهم سراً للقتال من أجل المنظمتين الإرهابيتين وفروعهما في أماكن أخرى في إفريقيا وسوريا والعراق وما وراءها.
عمل “عطا” ، بصفته رئيساً لجهاز الأمن والمخابرات الوطني، في مركز الأنشطة التي تقدم وعوداً كاذبة ومتكررة بالتعاون مع الولايات المتحدة في الحرب على الإرهاب، وقد كشفت وثائق داخلية مسربة عن أن جهاز الـ (NISS ) يقوم ببراعة بدور العميل المزدوج من ناحية، من خلال التعاون وتمكين هذه الجماعات الإرهابية، بينما من ناحية أخرى، تضرب أحيانًا صافرة الحكم على نظرائهم في المخابرات الأمريكية.
في هذا الصيف فقط، طلبت وزارة الخارجية الأمريكية من المواطنين الأمريكيين إعادة النظر في السفر إلى “السودان” ، محذرةً من أن “الجماعات الإرهابية” تواصل التآمر لشن هجمات في “السودان” ، وخاصة في “الخرطوم” ، كما أعلنت عزمها على إيذاء “الغربيين” والمصالح الغربية، من خلال العمليات الانتحارية والتفجيرات، إلا أن بعض هذه الجماعات ورجال الدين يدعمهم النظام القائم في “السودان” ، ولا سيما من قبل جهاز الأمن والمخابرات الوطني بقيادة “عطا”.
وجاء في التقرير أن النظام في “الخرطوم” ظل ملتزمًا صراحةً بتمكين الجماعات المتطرفة والمنظمات الإرهابية ، ويواصل حربه ضد شعبه، بما في ذلك التصعيد الأخير في الهجمات ضد المدنيين في “دارفور” والاضطهاد الوحشي للمسيحيين وغيرهم من الأقليات في جميع أنحاء البلاد.
ويختتم التقرير بأن اختيار “السودان” لتطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة ، لهو إهانة مروعة للأميركيين الذين يهتمون بكرامة الإنسان والحرية الدينية، لذا يجب على إدارة “ترامب” أن تلغي تأشيرة “عطا” الدبلوماسية فورًا، وأن تعيده بالطائرة مرة أخرى إلى “الخرطوم”.
وطالب التقرير الكونغرس الامريكي أن يرسل إشارة قوية إلى الإدارة وإلى النظام السوداني، بأن إرسال مثل هؤلاء الممثلين، واستمرار مثل هذه الإجراءات، سيضمن بقاء “السودان” بقوة على قائمة الدول الراعية للإرهاب، إلى أن يحدث تغيير حقيقي في “السودان”.